طلحة جبريل من الرياض: كان مساءً رائقاً جميلاً وحيوياً أيضاً . تناولنا العشاء قرب طيات السحاب حقيقة وليس مجازاً .
كيف ؟ اين ؟
لا تتعجلوا .
ساسرد لكم التفاصيل .
وجه زميلنا ناصر الغنيم دعوة عشاء للصحافيين المغاربة، الذين حضروا الى الرياض لتغطية " مؤتمر الارهاب" ...هكذا اصبحنا نختصر اسمه .
كان علينا الانتقال من فندق " ماريوت" الى حيث توجد أضخم وأطول وأغرب بناية في الرياض .
الى بناية " المملكة" .
تكلف زميلنا "سلطان" باحضار حافلة صغيرة . في زحمة البحث عن الزملاء ضاعت الحافلة من " سلطان" ... لنقل ضاع سائق الحافلة . وبسبب الاجراءات الأمنية راح "سلطان" المسكين يهرول بين مواقف السيارات وبهو الفندق حتى عثر على الحافلة. جاء نحونا مسرعاً بابتسامته التي تشبه تماماً ابتسامة أيقونة الضحك في " الماسنجر" ذلك الذي نستعمله جميعاً لنتحادث عبر شبكة الانترنيت . يفتح " سلطان" فمه حتى تظهر نواجذه لكن دون صوت .هكذا يبتسم .
ركبنا الحافلة وتوجهنا نحو بناية المملكة. بناية ضخمة فخمة شامخة تقع شمال الرياض . شيدت على شكل هاتف محمول .
صعدنا الى حيث مطعم " الفصول الاربعة". عند مدخل المصعد وجدنا زميلنا ناصر الغنيم . استقبلنا بحفاوة. قادنا الى حيث يوجد مدعوون آخرون .عرفت من بينهم الصديق محمد التونسي و بشارة شربل رئيس تحرير صحيفة " البلد" اللبنانية وهاني ابوريالة نائب المدير العام " لإيلاف" . ثمة شخص سلم علي بحرارة وبابتسامة حقيقية . اختلط علي الأمر لكن حين سألني : هل عرفتني ؟ قلت : "الوجه أليف يبدو اننا التقينا من قبل " . لكن سيتضح اننا لم نلتق مطلقاً . قال لي انا عبدالله مسعود . تعرفون التنهيدة التي نطلقها في مثل هذه المواقف لنداري الحرج .
اقتعدت مقعداً مثل الآخرين ورحت اتجاذب أطراف الحديث مع هاني . تعرفت على هاني من قبل إفتراضيا عبر " المسانجر" . شاب قليل الكلام. متحفظ .كتوم الى حد ما ، لكن سأدرك لاحقاً كم هو فعال .
راح الزملاء المغاربة يتناقشون مع أحد الضيوف سأعرف ان اسمه محمد ناصر السديري، وأنه رجل اعمال مثقف درس في الولايات المتحدة. لها جرأة ملحوظة في طرح افكاره . أحدث أثراً عميقاً في نفوس محاوريه . قال لي الزميل احمد رضا بن شمسي، ناشر مجلة " تيل كل " الاسبوعية التي تصدر بالفرنسية، " هذا شخص مدهش" .
قدم محمد التونسي عرضاً مفصلاً حول واقع الاعلام والصحافة في السعودية . كان حمادي الجامعي من اسبوعية " لوجورنال" يسجل كل ما يقوله التونسي . قال الجامعي مازحاً" ضاعت العربية لكن اسعفتني الانجليزية" .
كانت أمسية طيبة. تناقش فيها مثقفون سعوديون مع مثقفين مغاربة قرب طيات السحاب .
بعد العشاء اقترح علينا ناصر الغنيم ان نصعد الى سطح البناية لنتأمل الرياض من أعلى . صعدنا الى الطابق رقم مائة . مشهد غير معتاد . حين تصعد الى هناك ينتابك انك قشة في مهب الريح .
أعرف ناطحات السحاب في نيويورك ، لكن هناك كل البنيات تتناطح مع السحاب . هنا الأمر مختلف. الناس تفضل ان تعيش على الارض في الدور وليس في البنايات.
لاول مرة اشاهد مدينة من اعلى بهذه الكيفية . عادة نشاهد المدن من نافذة الطائرة لكن الامر لايعدو لحظات أثناء الاقلاع والهبوط . انشغل الزملاء بمنظر الرياض وهي تبدأ السهر في هذا الوقت . اضواء وسيارات أما الناس فلا أحد منهم في الشوارع .
أنشغلت بمسألة تبدو شكلية . رحت اتساءل ؟ ترى من هو هذا المهندس المعماري الذي عرف كيف يرفع الطوب والاسمنت والرمل الى الطابق المائة برافعة تستطيع ان تصل الى السحاب .
هبطنا من السماء الى الارض بمصعد لا يكل ولايمل .
وجدنا الحافلة في انتظارنا لكن عددنا نقص واحداً . لم نجد أحد الزملاء . انشغل ناصر الغنيم كثيرا بالموضوع . وبعد انتظار ومشاورات ووجهات نظر ، قررنا ان نعود الى الفندق .ثم نسأل إذا كان الزميل قد وصل .
في الفندق وجدناه.
صعدت مباشرة الى الغرفة ...ثم ماذا ؟
ماذا تتوقعون ؟
نمت .
التعليقات