في لقاء لاهث لـquot;إيلافquot;من داخل قسم العمليات
البروفيسور أوبرلان: مجرمو حرب غزة سيذهبون إلى المحكمة
حاوره باسم النبريص من غزة: وسط برك الدم، وكأننا في مسلخ بدائي لذبح الحيوانات، لا في غرفة عمليات تعالج البشر، كان هذا اللقاء السريع واللاهث، مع البروفيسور كريستوف أوبرلان، أستاذ جراحة اليد والأعصاب الطرفية، وأستاذ علم التشريح بجامعة quot;بيتشهquot; في باريس. خجلت من نفسي وأنا أصرّ على اللقاء، فإنقاذ البشر، أهمّ مليون مرة من حوار صحفي. ورغم ذلك، فقد غمرني الرجل بلطفه، فأعطاني من وقته الثمين، بضع دقائق، استطعت خلالها إكمال الحوار، على فترتين.
البروفيسور أوبرلان: مجرمو حرب غزة سيذهبون إلى المحكمة
حاوره باسم النبريص من غزة: وسط برك الدم، وكأننا في مسلخ بدائي لذبح الحيوانات، لا في غرفة عمليات تعالج البشر، كان هذا اللقاء السريع واللاهث، مع البروفيسور كريستوف أوبرلان، أستاذ جراحة اليد والأعصاب الطرفية، وأستاذ علم التشريح بجامعة quot;بيتشهquot; في باريس. خجلت من نفسي وأنا أصرّ على اللقاء، فإنقاذ البشر، أهمّ مليون مرة من حوار صحفي. ورغم ذلك، فقد غمرني الرجل بلطفه، فأعطاني من وقته الثمين، بضع دقائق، استطعت خلالها إكمال الحوار، على فترتين.
متى فكرت بالقدوم إلى غزة؟
نحن نأتي ضمن فريق طبي، ثلاث مرات في السنة، كعادتنا منذ ست سنوات. جئنا أول مرة في شهر فبراير 2002، وقد كان مقرراً أن نأتي ضمن هذاquot; الأسبوع الطبيquot; المُعدّ له منذ شهور، وصادف أن جاء موعده والحرب قائمة. وكما هو معروف للجميع، بمن فيهم السلطات الفرنسية والفلسطينية، فقد انتدبتنا الحكومة الفرنسية لهذا الغرض. وذلك لإجراء عمليات جراحية باليد والأعصاب الطرفية، كذلك تعليم وتدريب كوادر طبية محلية في هذا التخصص.
أفهم من هذا أنكم مُرسلون بشكل رسمي من قِبَل حكومتكم؟
نعم.
ما هو الشيء الذي فاجأكم هنا؟
أولاً: أنا دُهشت من وجود الطواقم الطبية المصرية والعربية. وأنا أشكرها وأهنئ نقابة الأطباء المصريين على هذا الجهد الهائل المبذول. فقد تمكنوا من إرسال الأطباء والتخصصات التي نحتاجها في هذه المعركة الظالمة. مثل جراحة الأوعية الدموية وجراحة المخ والأعصاب، وجراحة الصدر والعمود الفقري، كذلك أطباء التخدير _ فهذا ما نحتاجه بشدة وبشكل عاجل هنا في هذه المستشفى. ورغم أنّ تخصصي المحدد هو في جراحة اليد والأعصاب الطرفية، إلا انني سعيد بوجودي بينهم في هذا الظرف المأساوي.
هل شاركت في إجراء عمليات وكم هي حتى الآن؟
نعم. حيث هناك إصابات في الأوعية الدموية قام بعلاجها الطاقم المصري، وبجانبها جروح في الأعصاب الطرفية، قمت بعلاجها أنا، وأيضاً بعض الإصابات في اليد والأصابع، عالجتها بشكل عاجل.
كيف ترى الموقف الفرنسي، الحكومي والشعبي، من هذه المجزرة، ونحن في اليوم العشرين الآن؟
هناك فرق هائل بين الموقف الشعبي لعموم الفرنسيين وبين الموقف الحكومي السياسي. فيوم السبت الماضي كانت هناك مظاهرة في باريس شارك فيها أكثر من 50 ألف متظاهر. وكانت هذه المرة الأولى التي يتعاطف فيها الناس مع حزب الله وحماس. وقد رأينا في الشارع الشبابَ والنساء وكبار السنّ، وحتى الأطفال والرُّضّع يشاركون في المظاهرة.
كيف تقرأ هذه المظاهرة؟
أقرأها وأفهمها كالتالي: هناك فجوة كبيرة بين الحكومة والشعب. كل يوم يمرّ يزيد من تعاطف الناس مع حماس ومع ضحايا الحرب من الغزاويين الأبرياء. كان هناك تصويت أو اقتراع في البرلمان الفرنسي، وكان هناك اتفاق بين الكُتل البرلمانية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تطالب بالحوار مع حماس. وأنا كفرنسي، أشعر بالعار لأنّ بعض القنابل التي تسقط هنا، تأتي بالتعاون بين الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع الفرنسية.
المشكلة الثانية أنّ هناك 700 ألف يهودي إسرائيلي يحملون جواز السفر الفرنسي، منهم من يُخطط ويقوم بالحرب على الفلسطينيين.
المشكلة الثانية أنّ هناك 700 ألف يهودي إسرائيلي يحملون جواز السفر الفرنسي، منهم من يُخطط ويقوم بالحرب على الفلسطينيين.
لم أنتبه لهذه النقطة!
ولذلك أنا أتعجّب كيف تُرسلني الحكومة الفرنسية إلى غزة، وفي نفس الوقت، تُرسل القنابل والجنود لضرب الفلسطينيين وأنا وسطهم.
هل ترى من نهاية قريبة لهذه الحرب؟
أتوقع أنه خلال أسبوع يمكن أن تتوقّف. لكن السؤال الأهمّ هو: متى تقوم أمريكا وأوربا بتغيير موقفهما ووضع نهاية حقيقية للحرب، وفي ذات الوقت، بداية حقيقية للسلام. فالسبيل الوحيد للوصول إلى السلام، هو التفاوض مع الفلسطينيين أنفسهم داخلَ غزة.
هل تقصد إجراء مفاوضات مع حماس؟
نعم. لمَ لا. وإلا ستتوقف الحرب بشكل مؤقت. ثم تعود المشاكل كما كانت في الماضي. وكل ذلك بسبب أنه لا سلام ولا مفاوضات حقيقية مع أصحاب الشأن الحقيقي. حماس وفتح.
ماذا تقول لأهل غزة، وأنت تتعامل معهم على مدار الساعة الآن، وتراهم وهم يعانون من هول هذه الحرب؟
أستطيع القول [ في هذه اللحظة بالضبط، ينفجر صاروخ قريب من المكان، فيهزّ شبابيك الغرفة التي نجلس فيها. يقوم البروفيسور أوبرلان وينظر للخارج، ثم يعود للحديث ..] طالباً، بلطف، إعادة السؤال. أُعيد عليه السؤال، فيردّ: نعم. أستطيع القول أنّ نتائج هذه الحرب القصيرة كارثية بكل المعايير على السكان المدنيين، لكنها سوف تأتيكم قريباً بالسلام. فالضغط والغضب على إسرائيل في أقصى حدوده الآن، وإسرائيل لن تستطيع تجاهل كل هذا الغضب العالمي.
ماذا تقول للإسرائيليين، حكومةً وشعباً؟
نحن لا نتحدث عن يهود في فرنسا، بل نتحدث عن صهيونيين.
عفواً بروفيسور. لم يصل سؤالي. أقصد ماذا تودّ أن تقول للشعب الإسرائيلي؟
أقول للشعب الإسرائيلي عليكم أن تؤمنوا بأنّنا، جميع البشر، متساوون. ويجب أن تعتقدوا بذلك وتؤمنوا به، كي نستطيع تحقيق السلام، على أساس العدالة والمساواة. لو كنتم مكاني في هذه اللحظات المأساوية، ورأيتم ما أرى، لغيّرتم الكثير من آرائكم المغلوطة.
وماذا تقول للحكومة الإسرائيلية؟
أحياء أو أموات، سوف يذهب مجرمو هذه الهولوكوست إلى المقاضاة في المحكمة. لأنهم مجرمون. مجرمو حرب.
شكراً جزيلاً بروفيسور كريستوف.
شكراً لكم أنتم [ يقولها بعربية مُكسّرة] ويعود فوراً، بلباسه الطبي وطاقيته إلى غرفة العمليات.
التعليقات