اسلام أباد - من احمد القريشي: أكد صحافيون ايطاليون في اسلام أباد أمس ان الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف ارسل رسالة الى الملك الأفغاني السابق ظاهر شاه، عبر الحكومة الايطالية، طالبا اليه ارسال ممثل عنه الى العاصمة الباكستانية بغرض مناقشة تشكيل حكومة تحل مكان نظام طالبان الحاكم راهنا في أفغانستان.
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الباكستانية، رياض خان، نفى مساء أمس، في ايجازه اليومي، ان يكون الجنرال مشرف نقل أي رسالة الى الملك الأفغاني اثناء اجتماعه صباحا مع مارغريتا بونيفار، نائبة وزير الدولة الايطالي للشؤون الخارجية
لكن صحافيا ايطاليا من يومية "لا يونيتا" الايطالية المرموقة أكد للناطق الباكستاني ان الديبلوماسية الايطالية أبلغته شخصيا فحوى الرسالة التي حملها اياها الرئيس مشرف.
ويبدو ان ظاهرة "انقطاع الاتصال" التي ميزت العلاقة بين رئاسة الحكومة الحالية، التي يهيمن عليها العسكريون، وبين وزارة الخارجية، التي يسيطر عليها ديبلوماسيون مدنيون لا يحملون تقليديا أي ود ازاء العسكر، ظهرت مجددا.
فقد أكد غابرييل برتينيتو، كبير محرري الشؤون الدولية في "لا يونيتا" الايطالية، في تصريح لـ "الرأي العام"، ان نائبة وزير الخارجية الايطالي، بونيفار، أكدت له شخصيا ان الجنرال مشرف حملها رسالة الى الملك ظاهر شاه، المقيم في روما منذ العام 1974، عندما أطاح صهره داود في ان النظام الملكي.
وأطلعت "الرأي العام" على فحوى شريط التسجيل لتصريح بونيفار، باللغة الايطالية، للصحافي الايطالي الذي يرافقها، وقالت فيه حرفيا: "طلب مني (تقصد مشرف) أن أنقل طلبا الى ظاهر شاه بأن يرسل مبعوثا الى اسلام أباد لمناقشة تشكيل الحكومة الأفغانية ما بعد طالبان".
ولحظت "الرأي العام" ان مشرف طلب الى المسؤولة الايطالية ان يتم ارسال مبعوث الى باكستان "في أسرع وقت ممكن".
وأكد مراقبون في العاصمة الباكستانية ان هذه الخطوة التي أقدم عليها مشرف تعتبر أحدث دليل "عملي" على ان باكستان تخلت فعلا عن حليفها الاستراتيجي في كابول المتمثل في حركة طالبان، التي تحكم أفغانستان منذ 1996.
وقال مشاهد حسين، وزير الإعلام الباكستاني السابق في حكومة رئيس الوزراء السابق نواز شريف، في تصريح خاص لـ "الرأي العام" مساء أمس، في رد فعل على رسالة مشرف: "اذا كان الرئيس مشرف قام فعلا بذلك، فإنه خطا خطوة ذكية".
وقال زاهد حسين، المحلل الخاص لمجلة "نيوزويك" الأميركية المتخصص في شؤون باكستان وآسيا الوسطى، في تصريح لـ "الرأي العام": "يجب على باكستان ان تجتهد من أجل ابقاء زعماء التحالف الشمالي بعيدين عن الحكومة الأفغانية المقبلة, والطريق الوحيد لعمل ذلك هو ان تشارك باكستان في الرغبة الدولية من أجل تبديل حكومة طالبان، وأن لا تعزل نفسها عن الاجماع الدولي حول ظاهر شاه".
وأكد مسؤولون باكستانيون وثيقو الصلة بملف الأزمة الأفغانية لـ "الرأي العام" ان الحكومة الباكستانية قررت ليس فحسب دعم جهود ظاهر شاه من أجل تشكيل حكومة أفغانية جديدة، بل وايضا استضافة الملك الأفغاني السابق على أراضيها لتكون قاعدة له من أجل إعادة تشكيل الخارطة السياسية الداخلية في أفغانستان.
وأكد الرئىس الباكستاني السابق، فاروق أحمد خان لغاري في تصريح خاص لـ "الرأي العام"، أنه عرض على الرئىس مشرف خطة تدعو الملك السابق ظاهر شاه إلى عقد اجتماع لـ "لويا جركه"، وهو تجمع لزعماء القبائل الأفغانية الرئيسية، على الأراضي الباكستانية.
وطبقاً للرئىس السابق لغاري، الذي يتحدر من إحدى أكبر الأسر السياسية الكبرى في باكستان، فإن الخطة التي عرضها على مشرف تهدف إلى منع واشنطن من أن تضع كامل ثقلها في صف التحالف الشمالي، الذي يقول المسؤولون الباكستانيون إن قادته يكنون "الكراهية" لباكستان، ناهيك عن كونهم "مخترقين" من طرف روسيا عبر النخبة الحاكمة في كل من طاجيكستان وأوزبكستان.
وأكد لغاري لـ "الرأي العام" ان الرئيس مشرف "أقنع" الأميركيين بتفصيلات هذه الخطة, وتدعم الخطة الملك السابق ظاهر شاه إلى أن يتخذ مقراً في منطقة "وزيدرستان" الباكستانية التي تبعد نحو أربعة أميال من الحدود الباكستانية- الأفغانية.
وحسب الخطة، يأمل المسؤولون الباكستانيون في أن يتمكن ظاهر شاه من أن يعقد اجتماع الـ "لويا جركه" على الأراضي الباكستانية، ويجذب سائر زعماء القبائل الباشتونية عبر الحدود الأفغانية- الباكستانية، خصوصاً ان ظاهر شاه ذاته ينتمي إلى قبيلة باشتونية تحوز احتراماً واسعاً لعبت دوراً رئىسياً في "الامبراطورية المغولية الإسلامية" في القرون الوسطى، وهي قبيلة "دُرّاني", ولها امتدادات واسعة في باكستان.(الرأي العام الكويتية)
التعليقات