القاهرة-إيلاف: على الرغم من مبادرة عدة دوائر رسمية أميركية إلي إصدار بيانات وإطلاق تصريحات، وإجراء اتصالات حتى تنأى بالإدارة الأميركية عن التقرير المعادي للسعودية الذي كشفت عنه أمس "واشنطن بوست"، إلا أن مراقبين عرباً اعتبروا الجدل الدائر داخل واشنطن يكشف بوضوح عن حقيقة لا ينبغي تجاهلها والركون للتطمينات، وهي إن التقرير يعكس وجهة نظر بعض المشاركين في صنع القرار الأميركي خاصة في مكتب نائب الرئيس ديك تشيني والقيادة المدنية لوزارة الدفاع واللوبي اليهودي وبعض الكتاب وجماعات المحافظين ودوائر الرأي من الجناح اليميني المتشدد المقرب من البيت الأبيض.
كما نقلت "واشنطن بوست"، عن مسؤول أميركي قوله إن الطريق إلي الشرق الأوسط يبدأ من بغداد، في إشارة واضحة لهدف جديد من أهداف خلع نظام صدام الحاكم في بغداد، ووضع نظام موال لواشنطن هناك، حيث سيتدفق بعدها النفط العراقي على الولايات المتحدة، وبالقدر الذي سيجعلها لا تعتمد على النفط السعودي بهذه الصورة الحالية.
وتشير القراءة الأولى لما بين سطور تصريحات وزير الدفاع الأميركي، إلى أنه على الرغم من سعيه إلي التقليل من أهمية التوصية المعادية للسعودية، لكنه ألمح إلي أن واشنطن تختلف مع بعض ما يجري في السعودية.وقال رامسفيلد ـ الذي يوصف بأنه أحد صقور الإدارة الأميركية والمساندين للقوة العسكرية في حل الكثير من الأزمات ـ إن السعودية، مثلها في ذلك مثل أي بلد أخر، يوجد بها أنشطة وأشياء قد نتفق مع بعضها ونختلف علي بعضها الأخر.
وأضاف رامسفيلد الذي كانت يتحدث أمام موظفي وزارته ان السعودية بلد يوجد به الكثير من قواتنا وتربطنا به علاقات منذ زمن بعيد، غير أنه من الصحيح القول أيضاً إن عددا ممن نفذوا هجمات 11 أيلول (سبتمبر) يحملون الجنسية السعودية.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أصدرت أمس بيانا رسميا سعت فيه إلي أن تنأى بنفسها عن الأفكار والتوصيات التي قدمتها المؤسسة الأميركية.وقال البيان أن ما يقدم للمجلس الاستشاري لوزارة الدفاع وما يأتي من تعليقات علي لسان أعضاء المجلس لا يعكس بالضرورة المواقف والآراء الرسمية لوزارة الدفاع.
"راند" و"الاستشاري"
ولعله من الأهمية بمكان أن نتعرف على المجلس الاستشاري الذي جرت أثناء انعقاده هذه المناقشات، وكذا مؤسسة "راند" التي أطلق أحد باحثيها هذه التوصيات، وهذه الأخيرة واحدة من المؤسسات البحثية الخاصة، التي تشارك في فعاليات المجلس الاستشاري مع باحثين وخبراء ومسئولين أمنيين سابقين، الذين يقدمون المشورة لوزير الدفاع الأميركي في رسم السياسة العسكرية، وتحديد ملامح الاستراتيجية الدولية للبنتاغون.
وتوصف راند التي يعمل لديها المحلل صاحب التوصية المثيرة للجدل بأنها مؤسسة خاصة لا تهدف للربح تعد أبحاثا تستهدف دعم عملية صنع القرار الأميركي.أما المجلس الذي استضافها فهو مجلس استشاري يضم أكثر عناصر"الانتلجنسيا" الأميركية تطرفا وعداء للعرب، ويدعمون اسرائيل بشكل مطلق وحاسم، ومنهم مساعد وزير الدفاع السابق ريتشارد بيرل الذي يرأس المجلس والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية سي أي إيه جيمس ولسي.
جدير بالذكر إن محلل راند ويدعي لوران موراويس، قد وصف السعودية بأنها قلب الشر، والمحرك الرئيس، وأكثر خصوم الولايات المتحدة خطورة في الشرق الأوسط وانها تساند أعداء الولايات المتحدة وتهاجم حلفاءها.وأوصى موراويس بتوجيه إنذار للسعودية بالتوقف عن دعم ما يوصف بالأنشطة الإرهابية وإلا استولت الولايات المتحدة علي حقولها النفطية واستثمارات وأرصدة السعوديين في البنوك الأميركية والتي تقدر بمليارات الدولارات.
التعليقات