سالم اليامي
&
&

&

كنت قد كتبت هذه المقالة وأعدت صياغتها وحاولت أن أرسلها الى ايلاف إلا انني شككت ان أكون قد أرسلتها، لكنني لم أجد ما يبين لي ذلك. وعندما قرأت مقالة الاستاذ الدكتور شاكر النابلسي بالأمس عن مظاهرات العراقيين المنادين بالحرية وجدت أنها تتناسب مع ما كتبه، فتحية له ولكل عراقي حر خرج ليطلب الحرية، والعار للعبيد.
لا يختلف إثنان شريفان وكل منهما حر الأرادة، حول حق الانسان أيا كان جنسه أو لونه أو فكره، أن يكون حر الفكر والرأي والمعتقد، كحق كفله الله وكل القيم الانسانية للأنسان.
الأنسان الحر: يدافع عن حرية الانسان اينما كان من ذات حرة، بعكس الانسان العبد الذي يحمل في ذاته كرها وحقدا لكل انسان حر!
وعندما قال عمر بن الخطاب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، فإنه كان يخاطب الذين لم تتحرر ذواتهم من عبودية مزمنة، ومازال ذلك القول يخاطب في عصرنا الحاضر كل من لم يستطع التحرر من عبوديته، وكل من يحاول مصادرة فكر الآخر ورأيه مجرد أن يختلف معه.
وعندما وصف المتنبي "كافورا" بالعبد رغم دوافع المتنبي الشخصية، الا انه بعبقرية الشاعر الملهم قال الحقيقة:
لا تشتري العبد الا والعصا معه.... ان العبيد لأنجاس مناكيد
حيث أن عبقرية المتنبي الشعرية قد أدركت عبودية في ذات كافور علما انه الحاكم في حينه، أي ان الحاكم قد يكون عبدا مثلما قد يكون المحكوم، وذلك ما يجعل الحاكم "العبد" بكل قوته وجبروته يسعى لترسيخ العبودية في ذهن المحكوم "المستعبد"، وقمع كل من يحاول التحرر بفكر أو رأي يخالف ما يأمر به (مثلما كان صدام حسين يفعل اثناء حكمه للشعب العراقي بالحديد والنار)، حتى لو كان ما يأمر به مخالفا لحق الانسان في حياة كريمة وحرة.
لذلك فاننا نرى ان الأنظمة التسلطية لا تذهب الا بمنطق (العصا) اثباتا لقول المتنبي، أي "العنف"، بعكس الأنظمة الديموقراطية التي تاتي وترحل بطرق انتخابية سلمية.
وقد وصف المتنبي "العبيد" بالنجاسة والنكد، لأن الذات المستعبدة لا تتطهر حتى تتحرر من عبوديتها "النجسة"!
وهذا قول رائع للمتنبي، فالعبيد دائما ضد كل ما هو طاهر وواضح ومختلف،لأنهم تربوا على فلسفة العصا الآمرة التي لا تقبل الاختلاف والحوار والتميز. وعندما وصف المتنبي "كافورا" بالعبد فان ذلك دليل على ان العبد قد تلبس بعباءة الخير ليغطي شر العبودبة الكامن في ذاته، وأنه مثلما قد يكون العبد حاكما، فانه قد يكون قاضيا، او أبا، او معلما،أو صحفيا، لكنه في جوهر حقيقة ذاته، ليس الا عبدا لا يرضى بغير العبودية واقعا يمارس فيه عبودية مضادة ضد الآخر!
الأحرار: سباقون للدفاع عن حقوق الانسان اينما كان، عن فكره، عن رأيه، عن معتقده، أما العبيد فأنهم يتسابقون لقمع الانسان ومسخه وتجريده من انسانيته كردة فعل على استعباد لم يتخلصوا من معاناته المزمنة، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه!
الأحرار: يقارعون الحجة بالحجة مع كل من يخالفهم الرأي او الفكر، والعبيد: لا يقارعون الحجة الا بالعصا، لأن العبد لم يتعود الحوار الا بالعصا ومن هذا المبدأ الأحادي انطلق في تعامله مع الآخر حتى لو كان الآخر يدعوه الى الحوار الحضاري المبني على الاحترام المتبادل والمنطق والحجة.
ان من يدعون الى قمع الانسان ومصادرة رأيه وجره الى صراعات تلهيه عن ما يجب عمله تجاه وطنه ومستقبل أجياله، لا يريدون الخير للانسان ولا للوطن وينفذون ما يسمونه بالمؤامرة والخيانة وكل ما يتمناه اعداء الأمة!
الأحرار المخلصون لأوطانهم ولأمتهم يجاهدون في سبيل إعلاء كلمة الانسان والدفاع عن حقوقه ليكون قويا كريما حرا، لأنهم يدركون أنه لا يمكن لأمة أن تتطور وتتبوأ مراكز الريادة والسيادة الا بشعوب حرة تقول ماتريد قوله، وتفكر كيفما تشاء.
الأحرار: هم السادة في كل عصر من العصور على مر التاريخ، اما العبيد فانه لا تروق لهم الحياة سوى بالسياط التي يجلدون "بضم الياء" او يجلدون بها غيرهم عندما تحين لهم الفرصة.
العبيد: يتلذذون في التعذيب سواء كان ضدهم او ضد غيرهم، ولم يتسلط العبيد يوما الا وكانت الدماء شعاراتهم، والانسان الحر اول ضحاياهم.
حقا: ان العبيد لأنجاس مناكيد..... فشكرا للمتنبي!!