&
* توقعات بتدخل من وسطاء
في اللحظة الأخيرة لترتيب الوضع صداميا وعراقيا ودوليا
في اللحظة الأخيرة لترتيب الوضع صداميا وعراقيا ودوليا
"إيلاف"&من لندن: في 10 داونينغ ستريت وهو مقر رئيس الحكومة البريطانية توني بلير حركة مستمرة منذ فجر أمس في أعقاب الإعلان الرسمي عن اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين ومسالة تحديد مصيره عبر سبل قضائية تحترم حقوق الإنسان، على الرغم من الجرائم التي ارتكبها الحكم البعثي السابق المنهار في العراق.
وفي التفاصيل، فإنه منذ الإعلان الرسمي عن اعتقال صدام حسين الذي يشار إلى أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير سبق الرئيس الأميركي بالإعلان عنه بساعات كثيرة، وبدا المسؤول البريطاني وكأن قواته هي التي حققت السبق في الاعتقال، فإن اختلاف وجهات النظر بين لندن وواشنطن في مصير الرئيس السابق بدأ يطفو إلى السطح لجهة مصيره استنادا على معطيات قانونية وقضائية استنادا إلى القانون الدولي.
وفي أول بيان رسمي رحب به باعتقال الديكتاتور صدام حسين، فإن توني بلير رئيس الحكومة البريطانية وضع مصيره في أيدي الشعب العراقي، قائلا "لهذا الشعب وحده حق تقرير مصير الديكتاتور عبر أساليب وأعراف لا تتجاوز حقوق الإنسان كما كفلتها المواثيق الدولية".
لكن البيانات الأميركية الصادرة من بعد ذلك كانت تشير إلى مقاصد أميركية أخرى على نحو سريع يحول محاكمة ديكتاتور العراق السابق إلى دراما إنسانية من دون الالتفات إلى الحقوق المكفولة عبر المواثيق الدولية في حق المتهم الدفاع عن نفسه كبريء على أن تثبت إدانته.
ويتضح من تناقض الموقفين، البريطاني والأميركي أن لندن مصممة على إجراء محاكمة صدام حسين وأركان حكمه السابقين على الأرض العراقية، وفقا لما كان تم الاتفاق عليه في شأن تشكيل محاكم الحرب بين مجلس الحكم الانتقالي وسلطات التحالف.
لكن يبدو بالمقابل أن أصواتا أميركية تمثلها جهات متشددة في وزارة الدفاع التي يقودها الوزير اليميني المتشدد دونالد رامسفيلد ترى غير ذلك.
فبعض أركان البنتاغون يرون ضرورة تقديم الرئيس السابق المعتقل أمام محكمة دولية على غرار تلك التي انشئت في لاهاي لمحاكمة مجرمي الحرب في الصرب والبوسنة، ولهذا سارع وزيرالدفاع دونالد رامسفيلد إلى الإعلان البارحة عن أن صدام حسين يكتسب الآن صفة "سجين حرب".
والبعض الآخر ممن هم أكثر تشددا يطالبون بتسليمه إلى السلطات الأميركية القضائية لمحاكمته على جرائم ارتكبها في حق الشعب الأميركي ذاته، وهذه مطالبة تبدو مرفوضة دوليا، لأنها ستؤدي بالرئيس السابق إلى مخيم اعتقال غانتانامو إلى جانب معتقلي شبكة القاعدة الـ 600 .
وخلال رصد حركة مقر رئيس الحكومة البريطانية للساعات الأربع والعشرين الماضية، فإن "إيلاف" تستطيع التأكيد على أن حكومة لندن التي ترى أن محاكمات صدام حسين التي ستطرح أمامها أكثر من مليار سؤال عن جرائم ارتكبت في خمس وثلاثين سنة مضت ستمتد إلى فترة لا تقل عن خمس سنوات.
وقالت مصادر 10 داونينغ ستريت التي تتابع الأمر عن كثب وخلال اجتماعات كثيفة وسرية أحيانا، أن الحكومة البريطانية مصرة على موقفها الذي أعلنه السيد بلير في تصريحاته الصحافية أمس بعد الإعلان عن اعتقال الديكتاتور العراقي السابق، وهو الموقف الذي يتلخص في "وجوب إجراء المحاكمات على الأرض العراقية وعبر قضاة عراقيين، فالعراقيون أنفسهم لهم حق قول الكلام الأخير في مصير صدام وأركانه".
وتعتقد مصادر القرار البريطانية أن إدارة الرئيس الأميركي (الجمهورية) الحالية تحاول استخدام محاكمات صدام وأعوانه كورقة في الانتخابات الرئاسية في العام المقبل، وقالت "محاكمة صدام ونظام حكمه قد تمتد سنين طويلة وهي ستكون محاكمات عصر كامل، ولهذا فإننا نرى أنه وساطات من أطراف عديدة ستتدخل في أي وقت من سير المحاكمات للوصول إلى تسويات سيتغير معها مجمل الحال السياسي القائم في العراق إلى حال آخر".
وفي الأخير، لا تستبعد تلك المصادر أن تكون وساطات على مستويات قرار عليا بدأت في عواصم حليفة للغرب في الشرق الأوسط وعواصم غربية في سبيل الوصول إلى تسوية كاملة وشاملة لمستقبل محاكمة الرئيس السابق وأركانه حكمه في محاولة للمزيد من التنازلات والتصالحات في غضون اشهر معدودات تسبق انتخابات الرئاسة الأميركية وأقامة حكومة برلمانية عراقية منتخبة يشارك فيها "جميع" العراقيين.
التعليقات