تركي الدخيل
طويل القامة. ربعة بين الرجال، يمتليء وقاراً ومهابة. إذا تحدث اسمع، وإذا ناقش اقنع. ذلكم هو الصديق الأمير محمد بن خالد بن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن، الذي فجعنا برحيله الجمعة الماضية إذ وافيه المنية في حادث سير اليم. ورغم أني لم اعرف الأمير الراحل غفر الله له إلا منذ عام، إلا أني وجدت فيه الصديق الصدوق. كان رحمه الله يحدثني على الهاتف قبل وفاته بساعات، فلا تنتهي المكالمة كما هي العادة إلا وضحكات الفرح تجلجل في الأرجاء بيننا.
عندما اتامل شريط الذكريات معه، وألوم نفسي أني لم أكن اعبر له عما يختلج في داخلي تجاهه من مشاعر محبة وتقدير بشكل متواصل، ثم اقرن ذلك كله بما سمعته بعد وفاته من كل من قابلت ممن عرفه من مدح وثناء على صفاته، وكريم أخلاقه وحسن سجاياه، أفكر بسلوكنا مع أحبابنا، إذ لا يظهر حبنا لهم إلا فقدهم. اقرا واسمع الثناء الذي يكتب ويقال في حق الراحلين، فأتخيل أن هولاء كانوا سيستمتعون بسماع شئ من حقوقهم عندما كانوا إحياء، فلماذا نمنعهم منها؟!
إنني لا أطالب أنقول في شخص ما ليس فيه، لكننا نورد الحجج والبراهين والأدلة على أثبات صدق ثناءنا على من نحب إذا فقدناهم، وطالما نحن صادقين في مشاعرنا، وان أقوالنا تطابق الحال، فلماذا لا نفعل ذلك في وجودهم؟ امنحوا أحبابكم حقوقهم، واستمتعوا وأمتعوهم بمدح طيبهم وحمد حسن خصالهم، وقبل ان يكون دافعكم إلى ذلك رحيلهم عن دنيانا.
رحمك الله يا أبا خالد، فقد رحلت وما احسب احداً يحمل عليك ضغينة، وهذا لعمري خلق عزيز نادر، ومكسب تضرب إليه أكباد الإبل، والناس شهود الله في أرضه. محمد بن خالد، هو الأمير كما يجب إن تكون الأمارة، أمير
باللقب، والممارسة، والأخلاق، ومعايشة هموم الناس، فقد كان الوطن على كتفيه، حاضراً في نقاشه. حديثه هو الوطن، وتفكيره منشغل بتحديات المرحلة، واستشراف أفاق المستقبل. خسارة غياب أبي خالد فجيعة لنا جميعاً، وللأسرة المالكة، التي يمثل الأمير الراحل نموذجا مشرقا لجيلها الجديد، بطموحاته وأماله وممارساته.
&
التعليقات