&
لم يعد الشارع العربي جاهلا بالرواية، جاء الفاتحون ليخلصونا من ذئابنا فهل انتهت الرواية؟ لم يبق شيء لم يكن.. شارون دخل العراق ليتشفى بمن زعم بانه منازله، وشارون يفعلها حتى ولو صدر نفي، فقد مُهدت له الطرق بأجساد المسلمين الذين باتوا شيئا معتادا بالنسبة له فهو لا يمشي الا على اجساد الشهداء، ليصبح بلد الرافدين مسرحا للغزاة، أهو حلم اليهود المتواري خلف ستائر الاميركان المسدلة وبكل جرأة؟ انه ليحز في النفس العربية ان تكون المتفرجة على كل ما حدث ويحدث، تلك الذرائع والاكاذيب التي باتت مكشوفة وكل يوم تنجلي كذبة، وكأننا امام رواية بوليسية متحققة من الواقع المر، منذ حرب صدام على ايران واستلامه اسلحة الدمار الشامل من اميركا، والتفاتته إلى الكويت وغدره، ثم زعمهم وتخويفهم لنا بان صدام سيستخدم الغاز الكيميائي، واستيراد الكمامات بالملايين لكي تروج بضاعتهم، وتنصيب صدام بطلا علينا وتخويفنا به لهو ذريعة للوصول، وكأن كل واحد يكذب على الآخر، اوهموا صدام بانه البطل وسيحكم العالم العربي، وفي المقابل سيجدون لهم سببا لقدومهم وارساء وجودهم، بعدها انقلب السحر على الساحر، فلم يستطيعوا ان يجدوا حلا معه، فعاقبوه بالحصار الاقتصادي الذي ارهق الشعب العراقي وزاد من قوة صدام وجبروته وفي كل مرة يلقي خطابا يهدد ويزمجر بقوله "ليخسأ الخاسئون"، والعرب متفرجون، فرق التفتيش جاءت، فرق التفتيش طردت، فيوم يرضى عليهم ويوم يغضب، لان من المعروف عن صدام يسلم بيد ويخضب بيده الاخرى دم من يعصي امره ولو كان اقرب الناس اليه، فأصبح صدام شيئا مزعجا يجب ازالته، لانه لم يعد كالسابق، مثله مثل من كان اجيرا لدى رئىس عصابة والاجير هو الذي يقوم بكل العمليات فأراد ان ينفرد بعمله فاختلفا وتشاجرا فقبض على الاجير للتخلص منه، ذلك ما نراه على الواقع، انه لا يمثل بروتوكول الدول ولا الاعراف.
عندما رفض صدام ترك العراق، اخذت اميركا القرار الاحادي للحرب بدون مجلس الامن وبدون اي مشرع، ما دخل اميركا بالعرب وما يخصها؟ اين هي الجامعة العربية؟ يرحمها الله، قد يكون التساؤل غريبا: هل هناك معاهدة حماية مختفية لا يعرفها مجلس الامن تنص بوصاية اميركا علينا ام مجرد شخبطة على الخارطة العربية بكل عبث، نعم هو ذلك فلن تكون في تاريخنا المعاصر شخبطة مثل شخبطة الاميركان على اراضينا، انهم لا يزالون يعتبروننا البدو الرحل وما كان من ذهب اسود حبانا الله فيه سوى اقتصاد لا نعرف كيف نتصرف فيه فهم كما يقولون: "تمتعوا بالراحة ودعوا لنا تصريف اموركم".
وفي نهاية الامر انتهكوا حقوق الانسان وهم الدعاة لحقوق الانسان فمثلوا الازدواجية فيهم، ان قُتل اميركي قتلوا بدلا منه عشرة من المسلمين أهذه من حقوق الانسان؟ وفاجأونا بالقبض على صدام أيصدق الرائي ما رأى، فبّركة واضحة ومن الممكن بانهم قبضوا عليه منذ عدة اشهر ليحققوا معه ويعذبوه لانه عميل عاص عصى اوامرهم وبدأ يعمل لحسابه وكأنهم يقولون له:
أعلمه الرماية كل يوم
فلما اشتد ساعده رماني
ظهر ذليلا مهانا كالقرد، اللهم لا شماتة، لقد كان صدام السجن والمسجون معا فطيلة حكمه سجن شعبه بكل اصناف العذاب لماذا؟ لأنه مسجون داخل نفسه، انه مريض نفسي ظل مسجونا وسجانا في الوقت نفسه، لم يتمتع بالحرية كما للمظاهر ان تظهره، فلا قصوره ولا ملذاته اسعدته، كان مطاردا من نفسه ومن ضميره، كل يوم يتعذب بقدر ما عذب الناس، هو يعذب الناس والله يعذبه، كما انه يتلذذ بالعذاب حيث يجده متعة في مشاعره السادية، حتى آل مآله الأخير، فمن أراد به الثأر فليهنأ به.
فلماذا اظهروه بهذا الشكل؟ أبطال هوليوود وضعوه مهانا ومجرما ليس لانه هو كذلك فعلا، لكنهم ليهينوا العرب بصورته وليرسلوا رسالة للعرب وخصوصا الفلسطينيين الذين يرفعون صور صدام وقد اعتبروه درعا لهم، حيث لم يعد لهم صوت لأن رمزهم انتهى، لكن العرب انقسموا الى شطرين، شطر يقول: صدام لا يهيننا بصورته الشريرة، بل يهين نفسه وشعبه الذي دمره بالقتل والتعذيب، وشطر يقول: لقد وضعوا صورة صدام مهانا مجرما لكي يهينوا العرب جميعا وبانهم تابعون متأمركون لا محالة، وبانها رسالة لكل من تسول له نفسه ان يتحرك ضدنا، وفي كلتا الحالتين قهر ومهانة، ان تلك الصورة قد خطط لها بإمعان، فالصورة رواية لوحدها وأسرار يعلم الله من بداخلها الى صورة عذوق النخلة الصفراء فوق جحره، لكن الرواية لم تنته!
ان الليل سينجلي بعده فجر جديد اذا ما تكاتف العرب والمسلمون على كلمة واحدة ليست ببعيدة، إذا ما الايمان جمعهم ووحد صفوفهم والأوهام وأسرارها تتركهم فهم لا محالة، مجتمعة كلمتهم متى؟
إن الله قادر على كل شيء، وإليه الملاذ.
> > >
> وقفات شفافة:
ü ما عدت أعرف من منا يمثلنا، أي واحد منا منذ البدء جفت أقلامه ومضى.
ü ألقاك في ساحة رفضي تؤنبني لمَ كل هذا التجني؟ تنتقل لساحة الحرف لكي تكتب فلم يكن للفؤاد اشتهاء للكتابة.
ü من غازل الأرض في فجر واجتاح شطآني وغدت الكلمة جزءا من أجزاء إيماني ومر بنا كاللغز من الألغاز أعياني، غريب يا من تفكر في تغيير وجداني، كأننا الآسر والمأسور معا فمن منا يمثل الثاني؟
"ضموا الصفوف يا مجلسا بدأ.. منذ الثمانين لم نسمع عنه قد غلبا
مرت عليه سنين قد اكتأبا.. عسى ولعل يعيد الله المجد للعربا".