ونحن نعيش في هذا العصر، أفكر في بعض الأحيان بالعصور التي سبقتنا وكيف كان الإنسان يعيش في ذلك الوقت.فمن حسن حظنا نحن أناس هذا العصر أن التقدم العلمي أسقط جميع حدود المعقول والمقبول بإكتشافاته وإختراعاته العجيبة والمذهلة. فالمعاهد العلمية والجامعات بباحثيها وعلمائها في سباق دائم لتوفير كل ما يخدم إنسان هذا العصر،رغم أن هناك بالمقابل من يسعى الى تدمير هذا الإنسان بتسخير أدوات العلم والتكنلوجيا لأغراض شريرة.ولن أخوض في الحديث عن هؤلاء الذين يستخدمون أدوات العلم للتدمير وليس للبناء، ولكني أتحدث عن المكتسبات الهائلة التي وفرها العلم لخدمة إنسان هذا العصر.


فإذا كنت تعاني من ضعف البصر، فقد إخترع العلم لك النظارة الطبية،وإذا كان نظرك ضعيفا الى درجة أنك لا تميز بين الفاصوليا الخضرة واللوبيا مثلي، فقد وفر لك العلم علاجا بالأشعة الليزرية التي ستعيد النظر إليك وكأنك إبن 14 سنة، عندها يمكنك وأنت في خريف العمر أو في شتائها أن تستمتع بقراءة بيانات جبهة الحوار الوطني حول قانون المساءلة والعدالة، أو تتابع أخبار الدولة الإسلامية بالعراق في صحف هيئة علماء المسلمين وهي مدعومة بصور السيوف والسواطير المشرعة لذبح أفراد الشرطة العراقية عملاء الصهاينة والصليبيين؟؟!!


أما إذا كنت تعاني من ضعف في السمع، فقد وفر لك العلم سماعات متناهية الصغر تضعه داخل أذنك بحيث لا تزاحم السيجارة التي يضعها العراقيون فوق أذانهم،عندها ستستمع بكل وضوح الى تصريحات كتلة التوافق ودفاعها المستميت عن تورط رئيسها في تفخيخ السيارات، كما سيكون بإمكانك الإستماع الى وعود وزير الكهرباء العراقي بقرب الفرج لإنارة العاصمة بغداد؟؟!!!.


وإذا كنت تعاني من فقدان إحدى ساقيك في القادسية الثانية، فهناك أرجل إصطناعية يمكنك تركيبها بدل الفاقدة، عندها ستتمكن من الوصول الى الوزارة التي ستتسلمها بإعتبارها حصة مباركة من الله لأنك تنتمي الى أحد المذاهب الأربعة في الإسلام.


أما إذا كان سيفك من خشب لايهز حتى طواحين الهواء، فقد وفر لك العلم الحديث حبوبا زرقاء بإمكان حبة واحدة أن يجعله سيفا من الحديد اليماني، فتغزو به أي دائرة أو وزارة لتصطاد ما يروق لك من النساء ( مثنى وثلاث ورباع ) بالإضافة الى ما ملكت أيمانك من السكرتيرات والخادمات الفليبينيات.
وأعتقد أن العلم لو لم يخترع هذه الحبوب الزرقاء لكان وضعنا في العراق أفضل بكثير من أيام الدكتاتورية السوداء، فلولا هذه الحبوب لزهد الكثيرون من ساسة العراق من الحكم والسلطة التي لا تورث اليوم سوى وجع الدماغ، فبسبب إكتشاف هذه الحبوب اللعينة أصبح هناك صراع وتقاتل على السلطة فيما بعد حكم صدام، فالسلطة مع وجود هذه الحبوب تغري الكثيرين من حفاة الأمس لحمل السلاح وتشكيل الميليشات ليكون لهم حصة في المحاصصة الطائفية، هذا إذا لم تتوفر لهم فرصة الإنقلاب الأحمرعلى السلطة كما في الستينات.


لعن الله شركة ( فايزر) التي تصدر لنا هذه الحبوب لتشحن السيوف الراقدة في أغمادها، فالسيوف عندما تشرع، فصاحبها إما قاتل أو مقتول..
يروى أن شخصا إغتصب إمرأة في زمن أحد السلاطين الذي كان أعورا.. فمسكوه وجاؤا به الى السلطان. خاطبه السلطان قائلا: يا خسيس كيف تجرأت بإغتصاب هذه المرأة، ألم تخف من عقوبة السلطان الأعور؟.


فأجابه المجرم: عندما هب السلطان الأحمر لم يدر بالا للسلطان الأعور؟!!

شيرزاد شيخاني

[email protected]