لم تترك أبواق الدعاية الإيرانية مناسبة دينية أو وطنية إلا واستغلتها للترويج لنظرية ولاية الفقيه والادعاء بإسلامية هذا النظام الشعوبي المختلف الذي تعددت وسائله الدعاية والمناسبات التي يستغلها لهذه الغاية. وعلى الرغم من وجود المناسبات الدينية ( الطائفية ) التي كان قد ابتدعها الصفويون ونسبوها لأل البيت عليهم السلام واتخذوها حجة لمحاربة العرب وشق وحدة الأمة الإسلاميةlsquo; فقد لجئ نظام ولاية الفقيه الى ابتداع مناسبات طائفية جديدة لاستغلالها في تحقيق غايته فهناك مناسبات يتخطى الاحتفال بها حدود المبالغة لشدة البذخ الذي يجري فيها ومنها على سبيل المثال احتفالية الخامس عشر من شعبان التي تقام لمناسبة مولد المهدي المنتظر واحتفالية ما يسمى بعيد الغدير التي يعتبرونها بمثابة البيعة التي أخذها الرسول ( صلى الله عليه واله وصحبه و سلم ) من المسلمين للإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام) lsquo; وهناك احتفالية أخرى غاية في الأهمية وان كان النظام لا يتبناها بشكل رسمي إلا ان الحوزة الدينية في قم تقوم بالنيابة عنه في توفير كامل الدعم لإقامتها وهي مناسبة مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) على يد أبو لؤلؤة فيروز المجوسي والتي يطلق عليها تسمية quot; عمر كشي quot; ويسميها البعض الآخر مناسبة quot; فرحة الزهراء quot;.


والى جانب مناسبات الأفراح فهناك مناسبات الأحزان وأشهرها مناسبة عاشوراء التي يجري الاحتفال بها سنويا لمدة شهرين متتاليين متخذة أشكالا مختلفة يتم فيها الشحن الطائفي بأبشع صوره حيث اعتادت وسائل إعلام النظام الإيراني في السنوات الأخيرة على عقد ندوات تلفزيونية يدعى لها بعض من يسمونهم quot; المستبصرين quot; من العرب الذين كانوا على مذهب أهل السنة ودخلوا التشيع ومن هؤلاء التونسيlsquo; ألتيجاني السماوي واليمني عماد عصام و المصري حسن شحادة والفلسطيني زهير الغزاوي و نفر غيرهم من المتسولين على أبواب النظام الإيراني حيث يقوم هؤلاء النفر بتلبية كل ما يطلب منهم في توجيه السب واللعن لكبار الصحابة وكيل المدح والثناء وإلقاء الصبغة إسلامية على نظام ولاية الفقيهlsquo; ويجري صرف ملايين الدولارات سنويا على هذه المناسبات في الوقت الذي يوجد داخل إيران وخارجها ملايين الفقراء من المسلمين هم أشد حاجة لهذه الأموال.


ولكن مع ذلك يخرج بين الحينة و الحينة من يحاول تبرير هذه الاحتفالات الخرافية وما ينجم عنها من فتن واحقان طائفية بدعوى إنها تعبير يهدف الى إحياء ذكرى أهل البيت ومنهم الذين قتلوا ظلما كالإمام الحسين و الذي لا احد من المسلمين ينكر جريمة مقتله وان الحث على محبتهم لا يتعارض مع الإسلام وإنما هو في خدمة الإسلام!.


نقول نعم و لكن بالمقابل نسأل هل ان إحياء ذكرى أهل البيت والحث على محبتهم يتطلب كل هذا الشحن الطائفي؟ ثم ما هي الفائدة التي سوف يجنيها الإسلام والمسلمون من وراء هذه الاحتفالات و الممارسات إذا كانت كلها قائمة على التفرقة وتمزيق الصف الإسلامي؟.


ثم لماذا لم نشاهد نظام ولاية الفقيه المتشدق بالإسلام ولو لمرة واحدة فقط يقيم احتفالا بمناسبة دينية متفق عليها من قبل المسلمين سنة وشيعة؟lsquo; هذا ناهيك عن انتهاكاته لحقوق المواطنين السنة ورفضه الاستجابة لأدنى مطالبهم المشروعة التي يمكن ان تكون أساسا للوئام والتقارب المذهبي الذي ينادي به زبانية نظام ولاية الفقيه ومثالا على ذلك زيادة عطلة عيدي الفطر والأضحى الى ثلاثة أيام بدلا من يوم واحد كما هو معمول به حالياً والذي ترفض الحكومة الإيرانية تلبية ذلك المطلب من قبل عرب الأحواز وعموم أهل السنة بحجة ان كثرة العطل الرسمية تضر باقتصاد البلد ولكنها بالمقابل تعتبر العطل الطويلة التي تعطى للمناسبات الطائفية والوطنيةlsquo; كعيد النوروز وغيرها lsquo;عطل مشروعة وبعضها واجبة !!.


يضاف الى ذلك ان وزارة الإرشاد والثقافة الإيرانية قد اعتادت الاحتفال كل عام بذكرى الشاعر quot; الفردوسي quot; صاحب ملحمة الشاهنامة الذي تخلو ملحمته من بيت واحد في مدح الإسلام أو النبي وآل بيته بل إن جل ملحمته موضوعة في سب العرب والمسلمين ولكن مع ذلك تقام الاحتفالات سنويا لتخليد ذكرى هذا العنصري المتطرف.


كما ان وزارة الإرشاد قد أخذت في الأعوام الأخيرة إقامة الاحتفال سنويا بما يسمى ذكرى دخول التشيع الى إيران عبر بوابة الأحواز وقد أقيم مؤخرا في منطقة الشلامجة التابعة لمدينة المحمرة قبالة مدينة البصرة احتفالا بهذه المناسبة على اعتبار ان علي بن موسى الملقب بالرضا وهو الإمام الثامن عند الشيعة الاثنى عشرية قد دخل إيران في القرن الثاني عبر هذه المنطقة قادما من الحجاز في طريقه الى خراسان حيث عينه الخليفة المأمون العباسي ولياً للعهد من بعده.


علماً ان هذه احتفالات بدأت في إطار الحملة الإعلامية والنشاطات الطائفية التي تقوم بها السلطات الإيرانية لمواجهة ظاهرة عودة الأحوازيين الى مذهب أهل السنة.


فعلى الرغم كثرة المناسبات التي يحتفل بها سنويا من قبل نظام ولاية الفقيه إلا ان هناك مناسبة واحدة ورغم أهميتها إلا أنها لم تذكر ولم يتطرق إليها لا من قبل النظام ولا من قبل مرجعيات حوزة قم الدينية lsquo; وهذه المناسبة هي ذكرى الفتح الإسلامي لإيران في عهد الخليفة عمر بن الخطاب الذي اخرج الشعب الفارسي من الجهالة العقائدية و التخلف الفكري وعبادة النار وادخاله في نور الإسلام الذي حرره من قيود الظلم الكسروي المتخلفة عقائديا وسلوكيا ومنحه قيمة إنسانية وحضارية وجعله عنصرا فعالا في امة كبيرة هي الأمة الإسلامية.


و سؤالنا هو لماذا يتجاهل نظام ولاية الفقيه هذه المناسبة العظيمة التي تظل تحت خيمتها جميع المواطنين الإيرانيين بمختلف قومياتهم ولغاتهم والتي إذا ما تم إحيائها والاهتمام بها فأنها ستكون وسيلة لدرئ الاحتقان العنصري و تكون نموذجا صادقا لدعاوي التقريب بين المذاهب الإسلامية.


فما الذي يعيق نظام ولاية الفقيه من الاحتفال بهذه المناسبة ان كان إسلاميا كما يزعم؟.
نحن متأكدين من عدم قدرته على إقامة مثل هذا الحفل لأنه محكوم بعقدة الشعوبية والطائفية ولكن نضع هذا السؤال أمام الموالين لهذا النظام و المنخدعون بشعاراته.


صباح الموسوي
كاتب احوازي