لم يكن الكتاب الذي ألفه الكاتب الهندي سلمان رشدي مستمداً من بنات افكاره، لكنه كان كتاباً اسوداً مستمدا مما كتبه مؤرخونا وكتابنا القدماء وما فكروا ان يوما ما سيأتي على ما يكتبون، من اشخاص يقرؤون ويفلسفون الكلمة ومنه يصنعون القصص والاباطيل ضد نبينا وديننا وثقافتنا وما نحن فيه مختلفون وكان سلما ن رشدي واحدا منهم.

لقد كتب الطبري في تاريخه الرسل والملوك ج2 ص337 وما بعدهاعن سورة النجم يقول الحق: (والنجم اذا هوى،ماضل صاحبكم وما غوى،وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى)،فلما انتهى الى قوله تعالى (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى - النجم 1-20) القى الشيطان على لسانه لما كان يحدث به نفسه ويتمنى ان يأتي به قومه مكملا الاية كما كانوا يتصورون فقال(تلك الغرانيق العُلا،وان شفاعتهن لترتجى به).فلما سمعت بذلك قريش فرحت وسرت واعجبت بما قاله رسول الله،حين ذكر آلهتهم بخير، لدرجة ان بعض المسلمين صدقوا ما سمعوا فلم يبقَ في المسجد من مسلم ولا كافر الا وسجد للاسلام، الا الوليد بن المغيرة الذي كان كهلا لا يقوى على الوقوف والسجود.بعدها تفرق الناس من المسجد وقد خرجت قريش وسرها ما سمعت لمدح محمد آلهتهم وذكرها بخير وقيل في وقتها اسلمت قريش.


لكن جبريل(ع) لم يمهل الرسول(ص) طويلا حين هبط عليه وقال لهquot;يا محمد ما صنعت،لقد تلوت على الناس مالم آآتك به عن الله عزوجل،وقلت مالم يقل الله،فحزن الرسول حزنا شديد اوخاف من الله خوفا كبيرا،فنزلت الاية الكريمة(وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم،الحج 52).

وهنا ذهب الحزن عن رسول الله وعمه الفرح والسرور،والمشكلة وكل ما فيها ان ما قاله الرسول على لسانه تصور وليس حقيقة،وهذا ما لم يدركه الفقهاء،فبنوا على هذه الاية الفقهاء مسألة الناسخ والمنسوخ واتخذوا منه ذريعة لقلب احداث كثيرة واستبدالها بغيرها بحجة النسخ لبعض الايات القرآنية الشريفة.واخذ سلمان رشدي وغيره من ضعاف العقول والحاقدين على الاسلام هذه الذريعة ليبنوا عليها قصورا من الرمل بخرافاتهم واكاذيبهم وليهاجموا الرسول والقرآن فكتبوا الكتب وجيشوا الجيوش واقاموا الدنيا واقعدوها على الوهم والضلال.علماً بأن لا آية نزلت ولا رسول قال، لكنه كان وهماً تردد على لسانه لا غير،لذا فأن الله لم ينسخ آية لانها لم تكن قد نزلت اصلاً بدلالة ان جبرائيل قد قال للرسول:( اني لم آاتك بها،وقلت مالم يقل الله به،انظر السيرةلابن هشام).


لكن الذي حدث ان هذه القضية وغيرها من القضايا الاخرى التي وقفت من الاسلام موقف التعارض لم تعالج من قبل كتابنا وعلمائنا معالجة عقلية فكرية هادئه،بل معالجة عاطفية اثارت رجال الغرب واعداء الاسلام تطرفا لا يقبل الفكر الحر،كما في معارضة سماحة المرحوم السيد الخميني لسلمان رشدي حين اصدر فتواه بقتله اينما وجد، وقامت الدنيا من قبل القاعدة والمتطرفين الباكستانيين ليخلقوا من هذا الصعلوك الذي اسمه سليمان رشدي مثالا للفكر والحرية في اوربا والعالم الاخر.

المهم لولا الطبري وغيره من مؤرخينا لما وجد اعداء الاسلام ذلك السبيل الذي به نالوا منا ومن نبينا وقرآننا،كما كان في موقف السيد الخميني وغيره الذين زادوا من اهمية هذا الكاتب واعطاه بعدا اكبر مما يستحق.،وحتى نقف ويقف القارىء الكريم على حقيقة ما جرى لا بد لنا من ان نعرج على موضوع الناسخ والمنسوخ وحقيقته في القرأن فنقول:الناسخ والمنسوخ،حكاية وهم لا حقيقة.

بانتصار مدرسة الترادف اللغوي التي ابتدعها الفقهاء نتيجة تفسيرهم للقرأن معتمدين على التفسير اللغوي لا التأويل العلمي ظهر الناسخ والمنسوخ لانهما ليس من علوم القرآن، أنما هو علم تاريخي دخيل،لان الناسخ والمنسوخ يأتيان على محور الزمن المستغرق للتحول من نوح الى محمدquot;أنا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده....النساء 163quot;.ثم تلتها حالة التحول من حالة الى حالة والتي يمثلها علم الجدل والتناقض،ثم اخضعوا النسخ لعلم الكينونة بموجب الاية الكريمةquot;ما ننسخ من آية اوننسها نأتِ بخيرٍمنها اومثلها...البقرة 106quot;.


ان مثل هذا النسخ لا يأتي في آيات التنزيل بل يأتي في الرسالات لانه يقع في سلم التطور الزمني التاريخي للمجتمعات الانسانية،فرسالة عيسى نسخت رسالة موسى ورسالة محمد نسخت الرسالتين،لان تراكم المعلومات والرقي الحضاري يؤدي الى تطور التشريع.


لذا فان الناسخ والمنسوخ بحاجة الى مراجعة ودراسة علمية متأنية لكونه جاء مشوها عند الفقهاء،وحتى الفقهاء لم يستوعبوا أن الزمن يعلب دور في عملية التفيير التاريخي، فحسبوا ان تفسيرهم للقران لامرد له ولا معارض لان عصرهم عصر ديني بحت وعقليتهم مقولبة بقالب التفسير الديني الثابت الذي لا يخضع للتغير او الاجتهاد.

ويبدو ان المؤرخين اساؤا الينا بدون قصد،لان المنهجية في الكتابة لم تكن واضحة بعد في اذهانهم وما كانوا يتصورون انه سياتي يوما يظهر فيه اعداء لدودون للاسلام والمسلمين ليضعوا من التصوروالوهم حكاية اشبه بالحقيقة.

واذا كان الله جلت قدرته قد وقف من الرسول(ص) الذي سمح للاعراب بالاختيار بين الالتحاق بجيش المسلمين من عدمه لدرء خطر الروم شمال جزيرة العرب موقف التعنيف والرد القاسي، بآيتين صريحتين في سورة التوبة أية 120،43،فكيف يسوغ لنفسه جلت قدرته، ان ينزل على رسوله الكريم مثل هذه الايات وهو المعصوم من اي خطأ يرتكب. التفسير والتأويل تداخل الواحد بالاخرعند الفقهاء فولد لنا من الاخطاء الكثير والتي بنيت عليها مواقف شوهت من الاسلام والمسلمين،هذا الدين القيم الذي لايدخله الباطل والتحريف.

لذا علينا توقي الدقة المتناهية في ايات النسخ في النجم والجهاد ومواقف اخرى فسرت تفسيراً متناقضا في القراءة والتفسير حتى لانقع في خطأ التقدير المستقبلي.وان نرفع من رؤوسنا بأن المقدس لا يناقش، فبعض آيات القرآن الكريم بحاجة الى مراجعة اليوم كآيات ملك اليمين ومعرفة الجنين في بطن امه هذا كان مذهب الاقدمين والقرآن يقر بعملية التطور العلمي،واليوم قد تطور الفكر وزادت العلوم،ومن يستطيع ان يثبت وجوده الفكري هو الذي يناقش ويجادل بلغة العلم لا بلغة العاطفة والتقديس ليصل الى معرفة الحقيقة.والحكماء قالواquot; العقل هو الحجة.quot;


فهل سيفيق علماؤنا من خطأ التفسيرويعودوا لتأويل القرآن لا تفسيره.ليضعونا مع الشعوب المتقدمة والتطور التاريخي الحديث؟ فالوحي لا يناقض العقل،ولا يناقض الحقيقة،فلماذا نحمل النص فوق طاقته لفظاً ومعنىً.

د.عبدالجبار العبيدي
[email protected]