يصعقني ما أقرؤه في بعض الصحف العربيه من تحريض مبطن على الدول الغربية المضيفه، يهزني قلقا وخوفا أسلوب التفكير السلبي الذي يتبعه هؤلاء الكتّاب في مقالات أعتبرها غير مسئوله، لأنها لا تترك سوى المراره والخوف وترسخ لنظرية المؤامره والخوف من الآخر وقوانينه بدل أن تترك بابا مفتوحا لإحترام البلدان المضيفه التي رسّخت وجذّرت عبر عشرات السنين لأنظمه قضائيه تعتمد المساواة في الحقوق ولا مجال فيها للتلاعب كما يحدث في دول العالم الثالث..يحزنني أن مثل تلك المقالات تتلاعب بعواطف القارىء العربي المسلم وتزيده تجهيلا وخوفا خاصة حين إدعاؤها بغياب الإستعداد النفسي لقبول المهاجرين الجدد إلا بتخليهم عن الهوية الإسلامية ( وهو ما لم يحدث قبل 11 سبتمبر ثم 7-7 )... بحيث تكون نتيجتها إعاقة إندماج هذا القادم. وترسّخ لإحساسه بالغبن أكثر مماتزرع ثقتة بالقوانين المعمول بها بدون خوف متسلحا بحقوقه الإنسانيه التي فتحت الطريق لإستقباله في هذه البلاد. والنتيجه أنها تجّذر فيه نظرية الخوف والمؤامرة وشلل التفكير..


يتساءل أحد هؤلاء الكتاب.. هل يجوز سن قوانين تمنع الحجاب؟؟ وأين موقع ذلك من مفاهيم حقوق الإنسان التي تضمن حرية الإختيار.. وأن سن مثل تلك القوانين يتعارض مع جوهر القيم الديمقراطيه التي تدّعيها بريطانيا..


وأطمئنه بأنه لم ولن تستطيع بريطانيا ان rsquo;تشّرع مثل هذا القانون لأنها دوله تعترف بالأديان وإن كنت اتمنى أن تمنع النقاب..( ما كل ما يتمناه المرء يدركه ).. وليست مثل فرنسا التي حددت في دستورها أنها دولة علمانية.. ثم لماذا حدد الهوية الإسلاميه بحجاب المرأه؟؟؟ أيضا أن معظم الصحفيين البريطانيين رفضوا حظر حزب التحرير.. لأنه لا يريدوا حظر حرية التعبير.حتى لا يخسروا أي مبدأ من مبادىء الديمقراطية..
يعود ليتساءل أين يمكن رسم الخطوط الفاصله بين مفاهيم المواطنه وما يترتب عليها من حقوق ثابته؟؟؟
سيدي... إن الإيمان بمبدأ حقوق المواطنه هي التي منعت هذه الدول من ترحيل حتى واحد من الدعاة المتطرفين إلى أوطانهم الأصليه بعد ثبات تهمة التحريض والخوف من نتائجه. بينما لم تتردد الكويت في طرد ما يفوق على أربعمائة ألف إنسان فلسطيني عاش على أرضها أكثر من خمسون سنة.. لمجرد الشك بأنهم يتوافقون مع قيادتهم في موضوع الغزو العراقي للكويت..؟؟

ويضيف الكاتب.. بان الغرب يعيش اليوم أزمة داخلية بين الوفاء لمبادىء الحرية والديمقراطية والإمعان في إنتهاك حقوق البعض بدعاوي الحفاظ على الأمن ومكافحة التطرف والإرهاب.


ليس الغرب او بريطانيا وحدها التي تعيش هذه الأزمه.. فكل العالم الغربي يعيشها بما فيهم نحن المغتربون.. لأن خطر تطرف أي شخص في المجتمع سيطال إرهابه جميع ابناؤنا.. الأزمة ذاتها تعيشها جميع الدول العربية والإسلامية.. ولكن غل الشعوب العربيه وحقدها على أنظمتها يعمي قلوب المواطنين من رؤية الخطر المستقبلي القادم من الإسلام الأصولي التجهيلي الذي يستند فيه دعاته على الغيبيات بالكامل وعلى ما حدث في تاريخ لا نعرف مدى موضوعيته أو صدقه..؟؟ وتودي بزهرة الشباب في عمليات إرهابية ليس لها من دين..

وكتب آخر عن الهجمات الشرسه على الإسلام والشريعه بعد محاضرة الأسقف روان وليامز..
نعم لقد كانت هجمة شرسه حتى على الأسقف نفسه.. ولكنه لم يتذمر لأن باب النقاش في شرعنة أي قوانين يجب أن يبقى مفتوحا لإختيار الأصلح للمجتمع البريطاني كله وليس للمسلمون فقط.. الذين هم أولآ وأخيرا مواطنون بريطانيون.. وأضيف..أن جميع الأديان وما فيها عرضة للنقد والتحليل الموضوعي ليس بهدف الإنتقاص من قدسيتها.. ولكن بهدف تطوير قيمها لتكون أكثر تصالحا مع نفسها.. ومع ظروف العالم المتغيرة من حولها.. نعم أصبح صوت أؤلئك الذين ينادوا بالهوية الإسلامية ينقر الآذان ويسير بالجميع إلى مسار التهلكه.. في ذات الوقت الذي ينادي فيه انصار الحرية وأنصار حقوق الإنسان في العالم بالهوية العالميه.. بعد أن آمنوا بأن الهوية قابله للتغيير والتطور.. ليس بقصد محوها وإنما بقصد جعلها أنفع لصاحبها ولكن وفي الدرجة الأولى أنفع للمجتمع.... وهو لب رسالة الأديان كلها إن كنا نؤمن بالله..أما إذا إستمر إستعمال الأديان كأفيون لنا جميعا.. فعلى الأرض كلها السلام.. لأننا بلا محاله ذاهبون بأنفسنا إلى الهلاك....


نعم علينا الإعتراف بأن الإسلام رؤية بشرية يجب ان تخضع للنقاش.. وسيرة جميع الأنبياء متناقله من بشر لآخر..وكل الروايات الإسلاميه كتبت بعد أكثر من مئتي عام... وبالتأكيد خضعت للكثير من المبالغه والخيال لإضافة مزيد من القدسية والهاله عليها..
إن مثل هذه الكتابات هي التي تهدد السلم الإجتماعي.. وتضعضع الإحساس بالولاء للوطن الجديد..ولكنها أيضا تعمل على إضعاف الدين ذاته في النفس والروح. فمثلا لو تخيلنا إمرأة مسلمه طلبت الطلاق في محكمه.. ترى ما هو الوضع او النتيجه الأفضل لمثل هذه المرأه..؟ هل هو الخضوع لقرار المحكمه البريطاينه الذي يساوي بينها وبين الرجل.. ويخضع فيه الزوج لقانون الملكيه المشتركه.. أم أنها ستكون أفضل حالا في محكمة إسلاميه ستقرر لها مؤخر صداق لا يسمن ولا يغني من جوع؟؟. هل هذه المرأه أفضل حالا في المحكمة البريطانيه.. أم في محكمة إسلاميه قد يطلبها الزوج فيها إلى بيت الطاعة.؟؟

في قصه الكاتب امين معلووف - ليون الأفريقي.. يتحدث فيها عن خروج المسلمين من الأندلس..
يقول في آخر صفحة من الكتاب..quot;quot; مرة جديده يابني يحملني هذا البحر الشاهد على جميع أحوال التيه التي قاسيت منها.. وهو الذي يحملك اليوم إلى منفاك الأول. لقد كنت في رومه quot; ابن الإفريقي quot; وسوف تكون في إفريقية quot; ابن الرومي quot; وأينما كنت فسيرغب بعضهم في التنقيب في جلدك وصلواتك. فاحذر يابني، وحاذر أن ترضخ لوطأة الجمهور! فمسلما كنت او يهوديا أو نصرانيا عليهم أن يرتضوك كما أنت، أو أن يفقدوك. وعندما يلوح لك ضيق عقول الناس فقل لنفسك أرض الله واسعة، ورحبة هي يداه وقلبه. ولا تتردد قط في الإبتعاد إلى ماوراء جميع البحار إلى ما وراء جميع التخوم والأوطان والمعتقدات...


أما انا فقد بلغت نهاية رحلتي.. فلقد أثقل خطوي ونفسي أربعون عاما من المغامرات. ولم يعد لي من رغبة غير العيش أياما طويله وادعة وسط أهلي وعشيرتي. وإلا أن أكون من بين جميع من أحب أول الراحلين إلى ذلك المثوى الأخير الذي لا يحس فيه أحد قط بالغربة أمام وجه الخالق...quot;quot;quot;

وأنا أقول.. وليس هناك أي برهان لمخلوق ليؤكد سر الإله.. لأن ليس هناك من رجع من مثواه ليحدثنا من أقرب الأديان إلى الله.ومن هي اقرب هوية إليه... وفي هذه القرية الكونية لن يكون هناك مكان لمن يحمل هوية مسيجه ومقيده وخاصة حين تكون مسيجة بتعصب ديني أعمى.. ومتعفّنه بنظرية المؤامرة وأن العالم كله ضدنا.. فأرض الله واسعه.. والعالم رحب ورحّب بالعديد من الهاربين من عبودية دوله. املا في لقمة عيش نظيفه.. هربا من الجوع والبطاله.. ويرحب بكل من يريد العيش في أمان وبدون أن يخرق امن البلد الجديد..وبدون الإستعلاء على الآخرين..
كفانا هذيانا بإسم الدين.. وكفانا تخديرا وتشليلا لعقول المواطن البريطاني المسلم..لماذا لا تسمع تذمر الطوابير التي تقف للتفتيش الكامل في المطارات...لماذا لا تسمع تذمر البريطاني حين يتلاعب القادم الجديد ويستولي بالقانون على بيتين بدل بيت واحد لزوجتيه بينما الآخر دافع الضرائب الأصلي يقف في الطابور..؟؟؟


الأهم أنه وفي آخر مقالة لأحد هؤلاء الكتاب.. يقول فيها..بأنه ثمة خشية من أن تكون بريطانيا قد بدأت مشوار السير على خطى الدولة الشيوعية التي إنتهكت حقوق الفرد فكان ذلك بداية لسقوطها...
ويخطر بذهني وأتساءل هل هذا إيحاء بأن الإسلام سيحل محل الدولة بعد السقوط؟؟؟
ولكني أعود لأؤكد بان دوله لازالت تحمي حرية التعبير وإحترام الآخر وحرية الفكر للدخول في أي تساؤلات فلسفيه مهما كانت وتحت كل هذه الحريات سمحت لكّتاب مثل كريستوفر هيتشنز وريتشارد دوكنز لأن يناقشا فكرة الوجود الإلهي ذاته. بقصد خروج المجتمع للأفضل وبقصد تشجيع التحول المجتمعي إلى بوتقه إنسانية تنصهر فيها الأعراق والأجناس.. لتجاوز الإنتماءات الدينيه للأفراد.. للوصول إلى مجتمع عالمي أفضل للجميع فهذه الدوله لا زالت بألف خير...


أما إن كانت مثل هذه الكتابات مؤامرة بين الصحفيين والحكومه البريطاينه كما قال لي أحد الأصدقاء.. ولإخافة المسلمين ليكون قرار عودتهم طوعيا وإختياريا... فأنا ولأول مرة سأوافق وأشجع نظرية المؤامرة لأنها ستضمن المستقبل الآمن لي ولأبنائي وأبناء الآخرون الذين يريدون الحياة الكريمه في مجتمع يحترم إنسانيتهم ويقدس بشريتهم...

فاطمة أوزون