لطالما وقف لنا بالمرصاد الزميل quot;اللدودquot; علي الأحمد، الإخواني السوري العنيد، ولكل كلمة كنا نكتبها ضد التيار السلفي والأصولي المتمثل في بعضه بالإخوان، والذي يريد منا أن نترك العصر وقيمه، ويعود بنا القهقرى إلى حياة البدو والغزو وقيمها البائدة التي كانت سادت قبل ألف وخمسمائة عام. ونحن، في حقيقة الأمر، لسنا ضد ذلك بالمطلق، ومن حيث المبدأ، فكم هي رائعة تلك النوستالجيا الدينية التي تسكر الناس وتشلـّهم وتخدرهم وتقعدهم عن العمل والبذل والعطاء، ولكن هل هذا ممكن في الواقع بأية حال؟ وهل يمكن للتاريخ والزمن أن يعود ولو ثانية إلى الوراء إلا لأولئك الذين يعيشون في الأحلام وخيالات وأوهام الماضي؟ وهل يمكن للحظة والشرط التاريخي الموضوعي أن يتكرر بأي شكل من الأشكال؟ بمعنى لو عدنا نحن واستطعنا أن نفعل ذلك، بحمد الله وفضله، هل يمكن أن يعود الآخرون معنا أيضاً كالروم والفرس والإغريق وبلاد الصين والهند والسند، وهل يقبلون؟ ومن أين سنجلب كسرى وهرقل ومقوقس ونجاشي، لأنه بدونهم لن تتحقق تلك اللحظة التاريخية المرجوة والشرط الموضوعي الذي يمكننا من التمتع بأجواء القرن السابع الميلادي وإنتاج نفس تلك المناخات المطلوبة؟ ومن سنغزو في تلك الحالة، ومن سنسبي؟ وما هي تلك البلدان التي سنفتحها من جديد؟ وهل يسمح لنا القانون الدولي بذلك ولا يطبق بحقنا الفصل السابع من الميثاق الأممي؟ وهل سيسكت مجلس الأمن ويرضى عن فتح بلاد فارس وبيزنطة والقسطنطينية وروما الكاثوليكية من جديد؟ وهل من الممكن أن نحارب بالسيف والترس والمنجنيق ولدى الآخرين الأقمار الصناعية والصواريخ البالستية ذاتية الدفع ونركب الهودج بدل المرسيدس والـ BMW؟ هل سيقبل بهذا شيوخ النفط الذين يمولون الصحوة؟ وهل يمكن إجبار ستة مليارات من البشر، هم سكان الكوكب الأرضي، على دفع الجزية وهم صاغرون لمليار مسلم كما فعل أجدادنا العظام الكرام من السلف الصالح حين بمواطنيهم غير المسلمين؟ (هل هذا ممكن حقاً؟)
على كل ولكي لا نسترسل كثيراً: الزميل اللدود بدأ يعيش بوادر صحوة ليبرالية، والعياذ بالله، ويستيقظ شيئاً فشيئاً من غيبوبته وسباته ونرجو ألا تتطور باتجاهات علمانية وليبرالية خطيرة، وكما فعل قبله كثيرون. وصار يغمز بكل صراحة من قناة المشايخ، ويبدد ويغربل الكثير من قناعاته التي زرعها الشيوخ الأجلاء في عقله الباطن منذ الصغر حول طهرانية الدعوة الإخوانية التي لبست لبوس الدين لنيل مكاسب سياسية، وأن رموزها، وشيوخها، وملاليها، ليسوا إلا رجال سياسة طامحين للسلطة كغيرهم، وليس لهم أي غطاء رباني ولا سماوي وميتافيزيقي، وليسوا معصومين البتة، ولهم ما لهم، وعليهم ما عليهم. ومن هنا يجب عليهم حل تنظيمهم بشكل فوري والتحول إلى حزب مدني ووطني سوري بدون أي بعد طائفي في بلد لا يحتمل أي نوع من اللعب والعبث على أوتار الطائفية والتحريض المذهبي، فناره إن استعرت لن توفر ولن تستثني أحداً. ويبدو أنه لم يعد يعتقد كثيراً بالشعارات والخطب العصماء والمظاهر الصحوية والدعوية الزائفة كاللحى والزبيبة والجلباب كعلامات فارقة للتقوى والطهر والعصمة والإيمان.
ومع إدراكنا لبعض الأبعاد الشخصية لما ورد في خلاف بين السيد الأحمد والجماعة الدينية السياسية، إلاّ أن هناك الكثير من الحقائق في كثير مما يرده السيد الأحمد، والكثير، أيضاً، مما كنا نحاول سابقاً أن نقنعه به هو وغيره عن هذه الجماعة وغيرها ممن ترفع يافطة الدين وممن ينطبق عليهم القولquot;من بره هالله هالله ومن جوى يعلم اللهquot;.
المهم لا يسعنا إلاّ أن نبارك للسيد الأحمد، ونهنئه من القلب على هذه الصحوة المباركة، وعلى هذه الشجاعة في كشف المستور وقول الحق على بلاطة هكذا ودونما رتوش والعقبى الكبرى لباقي أعضاء الجماعة الإخوانية حين ينكشف عنهم المخبأ ويظهر المستور. وحبذا، ويا ليت لو يذهب السيد الأحمد أبعد من ذلك، وبما تحلى به من شجاعة وجرأة، لإلقاء مزيد من الضوء، وبكل حيادية وموضوعية على ما حدث من أحداث مؤسفة في وقت مضى في سورية، وكانت الجماعة الدينية مسؤولة في قسم كبير عنها وعن إشعال فتيلها. وسيكون السيد الأحمد بذلك يقدم خدمة جليلة لكل سوري ما زال مخدوعاً بما يسوقه الإخوان وعلى مبدأ quot;ضربني وبكى وسبقني واشتكىquot;، حول تلك الأحداث التي نعيها تماماً، ونعرف كيف حصلت، ولكن كما يقول المثل الشعبي:quot; من تمِـك أحلى يا كحلاquot;.
فهل يدين السيد الأحمد لنا بأي اعتذار عما كان يرميه بنا حين كنا نحاول كشف شيء مما يكشفه الآن، ونفعل ما يفعله الآن، وحول حقيقة هذه الدعوة التي تحاول أن تحيط نفسها بهالة من القداسة والسحر أمام أتباعها، والمتاجرة بالشعارات السماوية لدغدغة أحلام البسطاء والفقراء، والسطو سياسياً وتنظيمياً على شارعنا العربي والإسلامي المحافظ الذي يتناغم في تفكيره فطرياً ودون أي جهد سياسي وتنظيمي مع الكثير مما يطرحه الإخوان من بضاعة دينية لأهداف وغايات سياسية، وهنا يكمن خبث ودهاء الإخوان؟ ومع ذلك كله، وبغض النظر عما إذا كان يزمع القيام هو بذلك أم لا، فهو مدين لنا نحن بشكر وتهنئة وإعجاب على صحوته وشجاعته وقوله الحق.
لن نسترسل كثيراً، ونترككم مع، رسالة السيد الأحمد، وننشرها كما هي، وبالإذن والعذر الشديد منه، فليس من شيمنا نشر ما يدور من رسائل شخصية، ولكني أعتقد جازماً، أن الرسالة ليست شخصية البتة، والسيد الأحمد يريد تعميم الرسالة، ولولا ذلك لما وجدت سبيلها إلينا من بريده الخاص، وها نحن نقدم له خدمة ومساعدة له، في تعميمها على نطاق أوسع. وهي موجودة أيضاً على مدونته.
(سيد الشهداء حمزه
ظل مشايخنا الكرام يعلمونا ان سيد الشهداء حمزه بن عبد المطلب، ويعادله في ذلك الشرف رجل من المسلمين قام الى سلطان جائر فامره ونهاه (للسلطان ) فغضب السلطان المتوحش منه فامر بقتله، ولكن اليوم تبين لنا من مسلك بعض المشايخ الاخوان السوريين منهم حصرا ان ذلك السلطان الجائر اذا كان بعثيا او قوميا او ناصريا فلا باس من ان تقف في وجهه وتقاومه، اما كان ذلك السلطان يخصهم او ياتمر بامرهم او يمثل نفوذهم، فلا يجوز ان تقف في وجهه ولا ان تامره وتنهاه ولا ان تتفوه بكلمة صغيره ضده لانه يمثل مصالحهم وكروشهم ولحاهم.
السلطان الجائر الذي يحموه ويدافعو عنه اذا كان منهم وفيهم يمثل ارادتهم، اما كان يخالفهم فلاباس ان يثوروا في وجهه ويقاوموه ويعتبروا ذلك اكبر الجهاد في سبيل الله ويحضوا الناس عليه، ولكنهم لا يقدموا اولادهم لذلك الجهاد بل يطلبون من الشباب المؤمن المتحمس ان يفعل ذلك بينما هم ndash; بعض المشايخ الاخوان السوريين ndash; يبعثون بابنائهم للدراسه وطلب العلم في معاهد وجامعات اوربه وامريكا.
وقد قال لي احد الاخوه صادقا انه في الثمانينات بينما كان البيانوني يدرس عن الجهاد ويحض عليه ويعلم الشباب الاقدام والبذل في سبيل الله، وعندها ساله احد الحاضرين: شيخي اين ابنك انس لماذا لا نراه معنا في ساحات الجهاد، فاجابه ذلك الشيخ الجليل ndash; البيانوني- ان ابني في فرنسه يتزوج وعنده حفله بعد كم يوم وقد احرجنا عمه ورفض الا ان يعمل له حفله رنانه حلبيه في باريس، وعندها تذكر ذلك الاخ القصة المعروفه عن الشيخ الذي كان يدرس عن البذل والكرم والعطاء فقام ابنه بعد الدرس واخذ صينية كبه ساخنه واعطاها للجيران الفقراء وعندما علم االشيخ الجليل بذلك نهر ابنه وقال له: يا بني اني لم اكن اتحدث عن كبتنا نحن ولكن عن كبة غيرنا.
لمذا لا ينظر اولئك المشايخ الى حماس والدرس العملي الذي علمته للناس في تقديم ابنائها للموت والقتال، وكيف يعيش قائدها عيش الكفاف والفقر بين ابناء غزه يجوع معهم ويقف علىالحواجز معهم، ويعاني مثل معاناتهم او اشد، ويحقق النصر تلو النصر بينما اصحاب الكروش السوريين من فشل الى فشل ومن خزي الى خزي؟ لماذا يعيش البيانوني في لندن ولا يعيش بين اخوانه الفقراء البسطاء في اليمن؟ او السودان يحس بالمهم ويشعر بمعاناتهم، وعنده في لندن ممثلين اكفاء ومتمكنين وامناء مختارين من ابناء بلده رباهم على يديه وعلمهم فنون الخداع والمكر والدسيسه واللؤم؟ اليس اقرب لله وللتقوى ان يوفر قسط بيته في لندن للفقراء المعوزين من السوريين الذين يرمي لهم بالفتات؟
ولقائل ان يقول لماذا هذا الكلام الان بالذات، لماذا لم تقله من قبل، والجواب انه عندما علمت باليقين الكذب والغش والدجل ولمسته باليد ورايته بالعين، كنت اسمع الكثير من قبيل ذلك ولم اكن اصدقه، وفي ذاكرتي صور للعديد من الاخوه الذين غضبوا وثاروا وتركوا الجماعه منذ فترة طويله، او اجبروا على تركها فصلا وظلما وطواهم النسيان والصمت ولم يكن لهم القدرة حتى على الشكوى او الصراخ، اما انا اليوم فاستطيع ان اقول بصوت عال مسموع واشرح الكذب والغش والدجل الذي عرفته ورايته ولمسته من هؤلاء الدجالين عليهم من الله ما يستحقون.
ان المشايخ الاخوان السوريين الذين يؤمنون الدعم والتاييد للبيانوني في مواقفه المخزيه سينالهم غضب الله وعقابه في الدنيا قبل الاخره لانهم فرطوا وضيعوا ومالؤوا المستبد وساعدوه في ظلمه، وقدموا اسؤا المثل للشيخ عندما يحمي صاحب السلطة الظالم، صحيح ان الحالة هنا محدوده وبسيطه نظرا للامكانات التى يملكها المستبد، ولكن الخطوره في المبدأ لان هؤلاء المشايخ لو تصرفوا بنفس الطريقه مع البيانوني لو كان عنده سجون وتعذيب وقدره ماليه، لو تصرفوا بنفس الطريقه وهو اقوى من ذلك واقدر فسيكون الامر كارثة حقيقيه، ولكنهم الان وهو ضعيف وبسيط يقفوا معه على الباطل، ان ذلك اسؤا شيء يمكن ان نتخيله في حياتنا ان يقف علماء السوء بجانب الحاكم المستبد ويؤمنون له العم والتاييد، وقد قيل: يا رجال الدين يا ملح البلد من يفسد الملح اذا الملح فسد؟ ). انتهت الرسالة
نضال نعيسة
[email protected]
التعليقات