ذكرت جريدة السياسي العراقية فى عددها يوم الخميس 12 حزيران /يونيو 2008 عن مداولات فى مجلس البرلمان العراقي حول موضوع رواتب السادة رئيس الجمهورية ونائبيه. وذكرت ان كلا من الرئيس ونائبيه يستلم كل منهم 55 مليون دينار عراقي شهريا، وذلك يعادل 45 ألف دولار شهريا أو 540 ألف دولارسنويا.
الشرطي العراقي يستلم راتبا شهريا معدله 250 دولارا شهريا (أي 3 آلاف دولار سنويا)، وهذا يعنى أن كلا من السيد الرئيس ونائبيه يأخذ ما يعادل مجموع رواتب 180 شرطي.
فى الولايات المتحدة الأمريكية، كان الرئيس كلنتون يستلم سنويا 200 ألف دولار، وعندما استلم جورج بوش الرئاسة ضاعف المبلغ فأصبح 400 ألف دولارسنويا. والشرطي الأمريكي فى واشنطن العاصمة يقبض راتبا مجموعه السنوي حوالي 50 ألف دولار (قارن هذا مع الشرطي العراقي 3 آلاف دولار)، وهذا يعنى أن بوش يستلم راتبا يعادل مجموع رواتب 8 شرطة فقط.
والأسئلة التى تتبادر الى الذهن هي:
1- لماذا راتب الرئيس العراقي أكثر من راتب الرئيس الأميركي؟
2- لماذا راتب الشرطي الأمريكي يزيد أكثر من 16 ضعفا على راتب الشرطي العراقي؟
3- لماذا يستلم الرئيس العراقي ما يعادل رواتب 180 شرطي بينما الرئيس الأمريكي يستلم ما يعادل رواتب 8 شرطة فقط؟
لم أحصل على معلومات دقيقة حول رواتب السادة رئيس الوزراء ونائبيه والوزراء والنواب، ولكنى أجزم بأنها كلها أكثر من المعقول بالقياس الى رواتب الشرطة والجيش وصغار الموظفين.
ولم أتطرق الى المخصصات والحمايات ومصاريف الحج التى يتمتع بها الحجاج من مجلس النواب فى كل عام، لعدم تمكنى من الحصول على أرقام دقيقة أيضا.
قضايا الرواتب هذه يجب أن يلتفت اليها وتدرس دراسة مفصلة من قبل خبراء أقتصاديين مرموقين موثوقين ولا مانع من الأستعانة بالخبرة الأجنبية، وأن يوضع حد أدنى للأجور كما هو معمول به فى البلدان المتقدمة، لتضييق الشقة ما بين الرواتب العليا والدنيا تحقيقا للعدالة، لمصلحة المواطنين جميعا وبدون تمييز.
فى العهد الملكي، على علاته ومساوئه، كان بعض رؤساء الوزارات والوزراء لا يملكون حتى البيوت التى يسكنوها. وفى العهد الجمهوري اكتفى الزعيم عبد الكريم قاسم بالراتب الذى كان يستلمه كأي ضابط آخر فى مثل رتبته، ولم يمتلك دارا ولا مزرعة.
ثم جاء الحكم العارفي، والعراقيين لا ينسون الطرف (النكات) التى نسجت حول رئيس الوزراء طاهر يحيى حينما طلب من خياطه الخاص بأن تكون البدلات الجديدة ذات جيوب أكبرمن القديمة، ووضع لوحة على منضدته كتب عليها : ادفع بالتى هي أحسن، وأطلق الناس عليه لقب أبو فرهود!!.
وفى الحكم البعثي كان العراق وما فيه ملك لصدام وعائلته، وكان يعطى من يشاء ويحبس عمن يشاء بدون حساب. وفى وقتها أشتهر خير الله طلفاح خال صدام منذ أن أصبح محافظا لبغداد باسم (حرامي بغداد)، وكان يصادر أو يشترى بثمن بخس أي بيت أو بستان أو مزرعة تعجبه فى أي مكان فى العراق. وكان يأخذ عمولة على كل سيارة مستعملة تباع فى بغداد، وأسس عددا كبيرا من الجمعيات ظاهرها مهني وحقيقتها ابتزاز أصحاب المهن والعمال، بالأضافة الى جمعية استهلاكية لبيع الأجهزة الكهربائية للموظفين خاصة والتى توسعت فشملت أنواعا كثيرة أخرى من البضائع، وفرض ضريبة على الأغنام التى تنقل من محافظة لأخرى. ولا تسأل عن الثراء الهائل الذى أصابته بقية عائلة صدام بما فيهم زوجته وأبناؤه وأقاربه الذين اشتروا أواغتصبوا وصادروا أجود الأراضي الزراعية، واحتكروا بيع بعض الخضر والفواكه التى تنتجها مزارعهم، ودخلوا الى أسواق العملات، وحصلوا على الملايين من الدولارات لتذبذب أسعار الصرف للدينار مقابل الدولار. أما القصور التى شيدها صدام فأمرها معروف للجميع ولا أجدنى بحاجة الى الكتابة عنها. ولا أعرف عما اذا كانت هناك رواتب رسمية مخصصة لهذه المجموعة اضافة لما كانوا يحصلون عليه بصورة غير رسمية.
أما فى الحكم الجديد، فان أصابع الاتهام وجهت الى العديد من المسئولين وعلى رأس القائمة حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي السابق الهارب. فقد ذكرت (بى بى سي نيوز) فى عددها الصادر يوم الثلاثاء 10حزيران/يونيو 2008 بأن حازم الشعلان الذى كان يسكن غربي لندن قبل أن يصبح وزيرا للدفاع، بأنه وأعوانه استولوا على مبلغ يقدر بمليار ومائتين مليون دولار من الوزارة عندما اشترى أسلحة ومعدات حربية قديمة من بولونيا وحول المبلغ الى حساباته الخاصة. وقال عنه القاضي العراق (راضى الراضى) بأنه يعتقد بأن هؤلاء مجرمين، فبدلا من اعادة اعمار وزارة الدفاع فانهم اختلسوا تلك النقود وهم يتحملون نتيجة الفوضى التى تبعت ذلك والتى أدت الى قتل الكثيرين من العراقيين والأجانب. وكان قد حكم عليه بالسجن مرتين، ولكنه هرب من العراق قبل أن يلقى القبض عليه. ويقول الشعلان بأنه بريء وان النواب العراقيين من عملاء ايران دبروا تلك المؤامرة عليه. وقد صدر أمر القاء القبض عليه
وبدأت شرطة (الانتربول) العالمية البحث عنه لألقاء القبض عليه،ولكنه لا يمكث فى مكان واحد طويلا بل يتجول حول العالم بطائرته الخاصة. وهو الآن يملك عقارات تجارية فى منطقة (ماربل آرش) وهى من أغلى مناطق لندن.
الشعلان هذا هو واحد من بضع مئات، وربما الآلوف من اللصوص والمهربين فى العهد الجديد، ما بين معمم يتظاهر بالورع والتقوى، وسياسي طامع لا يهمه الا الحصول على الكرسي وما يتبع ذلك من ثراء وسلطة. فى العهد الملكي كان المواطن يدفع الرشاوى للمسئولين على شكل دراهم يسمى واحدها (واشر)، أما الآن فقد حلت كلمة (مليون) بدلا منها، وصرنا نترحم على أيام الواشرات.
عاطف العزي
التعليقات