نحن أمة ورثنا الصالح والطالح ونصر على تدمير الصالح والامساك بالطالح والشواهد والدلائل كبيرة وكثيرة، لكن هنا ليس مجال الخوض فيها. بل القصد في هذه الاسطر التركيز على صفة عربية واسلامية بامتياز يتم تسويقها للناس في اكثر المواقع الجغرافية والسياسية زيفا وزورا والمصيبة الاعظم هذا التسويق يتم من خلال مخاطبة الله سبحانه وتعالى. بمعنى أدق كذب على المكشوف في الدنيا وفي الاخرة مسبقا. لان الكثير ممن يرفع يديه للدعاء الى quot; الحاكم quot; اما يكون من المستفيدين فلا يهمه حينها مقدار الضرر الذي يسببه ذاك الحاكم للاغلبية او يكون من الرافعين أيدهم خوفأ من جبروت وبطش الحاكم او تملقآ للحصول على مالا يستحق. في كل الاحوال قد يكون مبرر هذا الفعل للخائف من البطش وان اختلفت وجهات النظر حول ذلك، لكن يبقى للابتعاد عن الهلاك منفذا جاهزا في بلادنا من خلال كتابنا الكريم وقوله تعالى ( ولاترموا بانفسكم الى التهلكة ).

السؤال لماذا اصلا الدعاء للحاكم !؟ اذا كان صالحا تقيا عادلا او كان سيئآ مجرمآ ظالمآ !!. فتعريف الحاكم العادل في كثير من بلادنا يتم من خلال وقدر استفادة المعني من الحاكم وبغض النظر عن تفاصيل هذه الخصوصية بالاستفادة دون غيره، فان الحاكم لايعطي للناس من جيبه الخاص بل هي ثروات أنعم الله بها على البلاد والعباد وكان الرجل اقصد هنا الحاكم العادل يملك ولو جزء يسير من الانصاف فقام باستغلال الثروات وتسخيرها لخدمة الناس وهذا quot; الف باء quot; واجباته ولايجب ان تكون منة على الناس، لكن وبصراحة هي ميزة تسجل له لان الاغلبية من حكام وسلاطين هذا الزمان هم في حقيقة الامر quot; حرامية في لباس الحارس ومختلسين في لباس القانون quot; مثلما يكون الشيطان بعينه هو رجل الدين الذي يجبر الاخرين على الدعاء للحاكم الظالم المختلس. وترى الجموع تردد خلفه دون وعي او بوعي محسوب او بخوف وتحسب quot; أمين quot;.

رأيي الشخصي ان حاكم عربي quot; واحد quot; وفقط واحد لااكثر لايستحق الدعاء له بالخير والصحة والسداد والصواب، لانه الابعد على الاطلاق عن السداد والصواب والعدل والانصاف. ( وقد يستغرب القاريء الكريم والمتابع لمقالاتي اني في هذه المرة قلبت نظريتي السابقة والمعروفة عني عند الكلام عن الحكام العرب خاصة الشموليين منهم كنت اسستثنيء حاكما واحدا وبذلك اوفر لنفسي ملاذ وخط انسحاب لاقرب مطار عربي سوف يمسكني رجل الشرطة الكريم لاقول له قصدت السيد الرئيس القائد رئيس بلدك بهذا الاستثناء الجميل لانه البطل القومي المقدام. اما اليوم فاني اقلب الصورة وامسك بذيول حاكما واحدا لااكثر لان البقية وحسب وجهة نظري المتواضعة يستحقون الدعاء !! وبذلك اكون قد دخلت فريق quot; أمين quot; بكل وعي وأصرار وأثبت عروبتي !!)

هذا الحاكم الوحيد غير العادل !! جاء الى الحكم على ظهر دبابة في ليلة ظلماء او بطرق عوجاء، وأخذ البلد والحكم ومقدرات الشعب وثرواته كلها الى عائلته وعشيرته والمقربين منه، وزادت الامية في عهده وقد يظن البعض أن الامية هي فقط عدم القراءة والكتابة، بل هي اكبر من ذلك بكثير حيث ان جذور الامية الحقيقية هي عدم تعرف الشعب على صناديق الاقتراع والامية الحقيقية بان يكون هذا الحاكم جاثما على صدر الشعب لعقود طويلة دون اي وجه قانوني او دستوري والامية الحقيقية حين يكون الحاكم quot; مصون غير مسؤول quot; وهذا يمنحه حصانة بالباطل والقوة والاكراه وعدم المساءلة على هدر ثروات الشعب وعن كرسي الحكم الذي أصبح التفريق بينه وبين الحاكم بحاجة الى يقين كبير وابصار اكبر. أن الامية الحقيقية والواقعية ان يكون حاكما من هذا النوع يدير مستقبل ملايين الناس وامالهم وتطلعاتهم الانسانية. انه نوع من الحكام الذي quot; لايفرق بين الناقة والجمل quot; لكنه يفرق وبشراسة بين كرهه للشعب وحبه لكرسي الحكم. ولان الذين يقودون حملات الدعاء للحاكم خاصة من اصحاب العمائم في كل صلاة وكل جمعة وكل مناسبة هم من المستفيدين واللاعقين بقصعة السلطان فمثل هولاء هم العلة الاكبر وقبل علة الحاكم نفسه. اما جماعة فريق quot; امين quot; فمثل هولاء من الصعب ان تضعهم كلهم في خانة واحدة. لكن يبقى التوقع ان يكون الدعاء في قلوبهم بالمقلوب !!وهذه هي النكته الحقيقية في الموضوع.

ويبقى سؤال كبير يبحث عن أجابة ماذا يريد الحكام الظالمين اكثر من هكذا شعوب، تعيش الضيم بسببهم وتدعوا لهم !! نصفها تنام بطونها فارغة وتدعوا لهم !! وكثير منهم يعمل اولاده بالتسول ومع ذلك يدعوا للحاكم !! يلهث على لقمة العيش من أول الصباح حتى اخر الليل وفي اول صلاة جمعة يرفع يديه خلف الشيخ يردد دعاء للسلطان ويدخل في فريق quot; أمين quot; !! ان الظالمين من حكام بعض البلاد العربية هم اكثر روساء العالم حظآ بمثل هكذا شعوب مسكينة مترهلة تكذب على نفسها قبل ان تكذب على الحاكم نفسه. وبالتاكيد هناك حكام عرب يستحقون الدعاء خاصة اولئك الذين جعلوا الصحراء مدنآ زاخرة بالتطور والرفاهية والذين جعلوا شعوبهم ينزلون في اكبر مطارات العالم بالجواز الوطني بكل فخرا واحترام. بعيدا عن شعارات العنترية التي عمرها ماقتلت ذبابة وبعيدا عن شعارات القومجية التي ابتليت بها الامة شر ابتلاء. وسر نجاح هولاء الحكام انهم أكتشفوا في وقت مبكر جدا ان هذه الشعارات لاتبني سقفا لمحتاج ولاتشبع بطن جوعان ولاتستر شرف أمراة.

وأعتادت ابواق السلطان ان تردد في بلادنا العربية ان هذا القائد العظيم لهذا الشعب، أليس الاجدر ان تقول ان هذه الشعوب المنكسرة هي فرصة عظيمة لمثل هولاء الحكام من صنف الظالمين !! لكن تبقى المفارقة الاكبر اننا لم نسمع حاكما قد دعى لشعبه بالخير والتوفيق والصواب وردد خلفه مثلا افراد حمايته الاشاوس ومدير المخابرات العامة ومدير الامن العام ومدير الشرطة ومدير الاستخبارات العسكرية ومدير السجون ووزير الداخلية ووزير الدفاع. quot; امين quot;!!

محمد الوادي
[email protected]