التحذير الأمريكي من عودة عصابات و فرق الموت الممولة و المدعومة و المدربة إيرانيا للشارع العراقي تثير العجب و التأمل.

فالولايات المتحدة وهي القوة الكونية العظمى و صاحبة أقوى جهاز إستخبارات في تاريخ البشرية يبدو أنها باتت تتصرف بمنتهى البلاهة و تقف مشدودة الأيدي و فاغرة الفاه أمام مجموعة من الصعاليك و شذاذ الآفاق و المجرمين الذين أفرزتهم الشوارع الخلفية للوضع العراقي المعقد و الشاذ و تلقفهم النظام الإيراني بشعاراته الطائفية الفجة و بأساليبه الخبيثة ليعيثوا خرابا في الشارع العراقي و ليحققوا أهداف الستراتيجية الإيرانية الدفاعية بنقلها للحرب في العمق العراقي عبر التشويش المركز على جهود قوات التحالف و عبر تفكيك الجبهة الداخلية العراقية و دعم الجماعات المسلحة من كل الفرق و الملل و النحل فلا فرق بين مجاميع سلفية تكفيرية أو بين جماعات شيعية متعصبة فالمهم هو الهدف وهو إشغال قوات التحالف و إستنزافها بشتى الطرق و لو على حساب أمن و سلامة الإنسان العراقي.

المجاميع الإيرانية الخاصة المرسلة من النظام الإيراني هي ستراتيجية إيرانية فاعلة لا يمكن لأي طرف السيطرة على ملفاتها مالم يتم وضع حد نهائي لتدخلات نظام طهران في شؤون العراق و المنطقة الخليجية، و المرونة الحركية التي تتمتع بها تلك المجاميع منبثقة أساسا من طبيعة الحالة الطائفية السائدة في العراق و التي أفرزت توجهات فكرية و سلوكية تتناسب تماما وخطط النظام الإيراني و عقليته العدمية يرافق ذلك تدهور الحالة المعيشية في العراق و حالة البطالة الكارثية التي يعاني منها الشباب العراقي و التي جعلت مهنة العصابات و قطع الطريق و خطف الناس و قتل الآمنين هي المهنة المقدسة و المطلوبة وهي الحالة التي إستثمرتها المخابرات الإيرانية لتحصد حصادها في التربة العراقية الملوثة بكل نفايات التاريخ و الواقع المر.

وحتى القوى السياسية التي نشأت في إيران و تربت و نمت و ترعرعت على حليب نظام الولي الخراساني الفقيه و أيدت كل طروحاته و توجهاته و قاتلت معه في حروبه و قدمت عناصرها كضحايا و قرابين له هي اليوم مهددة من تلك الجماعات الإرهابية الخارجة عن نطاق السيطرة.

فأمر معسكرات التدريب الإيرانية في رفسنجان أو طهران أو الأهواز قد أضحت من ثوابت الأمور المعروفة و الموثقة و مهما بالغ النظام الإيراني في النفي و الإنكار فإنه لن يستطيع تحريف الحقائق، فالإغتيالات التي بدأت في العراق ستستمر لتحصد رؤوس حتى الحلفاء و الأقربين فلحماية النظام الإيراني متطلباته و مستلزماته و ضحاياه أيضا، و ترتيب القوى و التحالفات تتطلب تصفيات محددة هي في عرف العمل الإستخباري لزوم ما يلزم و قد فعلها النظام الإيراني أكثر من مرة فهو يحمي عناصر تكفيرية مارست عمليات قتل ضد حلفائه المقربين، كما أنه جعل من الساحة العراقية ميدان مفتوح لزيارة خبرائه في الإرهاب كما كان يفعل ( عماد مغنية ) حينما كان يزود جماعات مقتدى الصدر بالخطط العسكرية و الميدانية و التدريبية.

فمجاميع الإرهاب الخاصة هي الطلائع الأولى لقوات حرس الثورة في المواجهة الإقليمية المحتدمة وخطرها ليس حكرا على العراق فقط بل أنهم مشاريع موت و دمار و إرهاب متنقلة ميدانها و مجالها الحيوي هو المنطقة الخليجية برمتها عبر تفعيل الخلايا الساكنة و أعضاء التنظيمات المخابراتية الإيرانية المنتشرين في أكثر من موقع و مجال، أحداث ساخنة سيشهدها العراق و المنطقة لا محالة طالما كانت بضاعة الطائفية المقيتة هي العملة السائدة في الواقع العراقي البائس المريض...!

داود البصري

[email protected]