وكما أن هناك رئيس لا شريك له في المُلك، هناك أصحاب رأي لا شريك لهم على الساحة في الرأي. ويل لتلك البلدة التي يتحكم فيها أصحاب الرأي الواحد الذي لا شريك له على ساحة الفكر. ما أتعس القطيع الذي يسير وراء أصحاب الرأي الواحد الأحد الذي يرى أن فكره ونظره هو الحقيقة المطلقة التي لا تضاهيها حقيقة أخرى.


حين يتحكم أصحاب الرأي الواحد في المُلك، أو quot;يطبلونquot; للمَلك الأعظم ذو الجلال والإكرام رئيس المملكة، ويكون رأي الرئيس هو الأعظم والأكبر والأبهى، ويكون المطبلين وراءه هم سادة الساحة الفكرية والأدبية والفنية والإجتماعية، وقتها تقول على المملكة السلام. حين يُطبل أصحاب الرأي الواحد الأحد الذي لا شريك له على مسرح التفكير، وقتها لن تجد في شارع الأحياء إلا ذوي الذيول وأصحاب القرون وأكلي البرسيم.


يا سادة يا كرام، يا مَن تبحثون عن رأي آخر غير رأي المَلك الذي لا شريك له، افيقوا من تغييب رأي المَلك وتوابعه لكي لا يأتي وقت لا ينفع فيه ندم ولا تفكير.


middot; المَلك هذا قد يكون تسيد رئيس البلاد وتوابعه من الصحف والإعلام المضلل الذي لا يسمح لغير رأيه بالظهور، أو ممنوع مناقشة رأيه على وزن: quot;لا تجادل ولا تناقش يا أخ عليquot;.


middot; المَلك هذا قد يكون تسيد رجل دين وتوابعه من مفسري النصوص الدينية وصانعي الشرائع وناسبيها إلى إله الدين، وقتها مَن يجادل أو يناقش أو يعترض فهو يعترض الإله ذاته الذي خلقه أولئك المفسرين.

مجال التكفير السياسي والديني حدودهما القتل والدمار والصراع الذي يؤدي إلى التصفية الجسدية، أما التفكير وحرية الرأي فسقفهما التقدم والرقي والنمو العلمي ورفاهية الإنسانية.


الرأي الذي لا شريك له في المُلك يهدف إلى موت بقية أصحاب الآراء الأخرى، والأهم من هذا الموت الأدبي والمعنوي هو تواصل السباب والشتائم لأفكار الآخرين الدينية ومعتقداتهم وفرض رأي ودين المَلك وأتباعه على المؤمنين بغير دين المَلك.
في مجتمعاتنا التي تعاني أغلبها من التخلف الحضاري، يكون رأي ودين المَلك وأتباعه هو الرأي الذي لا شريك له في المُلك، ومَن يخالف ذلك لا وجود له أو لا تقوم له قائمة أو يتم نبذه وفرمه ومصادرة حقه في الدفاع أو الرد، ولو من باب وجود رأي شريك على الساحة الفكرية كشمعة تضيء الطريق.


إلى متى نحيا في ظل الرأي الواحد الذي لا شريك له في المُلك؟ إلى متى نقبع تحت حكم رأي الفرد الرئيس واتباعه حيث لا شريك لرأي آخر غير رأي المَلك؟


يا سادة يا كرام، متى نقبل الرأي الآخر في ظل quot;وحدة الجنس البشريquot; من خلال تقبل كل فرد لأخيه في الإنسانية كإنسان شريك في الإنسانية وله فكر مختلف جدير بالاحترام؟


من الأقوال الحكيمة التي تفضل بها حضرة بهاء الله قوله: quot;ليس الفضل أن تُحب الوطن لكن الفضل أن تحب العالمquot;.

أيمن رمزي نخلة
[email protected]