بعد 17 يوما على بدا القصف الاسرائيلى المتواصل لكل المبانى الحكومية والسكنية والمؤسسات التابعة لحماس... وبعد سقوط عشرات المئات من اطفال ونساء وكبار السن ضحايا واصابة الوف اخرى باصابات بالغة نتيجة لرد الفعل العنيف الذى لم يكن يتوقعه احد على اطلاق الصواريج الحماسية البدائية على المدن والمستعمرات الاسرائيلية..


وبعد هذا الكم الهائل من الخراب الذى لحق بمدينة غزة خرج السيد اسماعيل هنية رئيس الحكومة المقال للمرة الاولى من مخبئة لكى يعلن للعالم بانهم لن يستسلموا ولن يركعوا وانهم سوف يستمرون فى المقاومة حتى لو ابادت اسرائيل غزة عن بكرة ابيها.. وفى نفس الوقت بشر اسماعيل هنية الفلسطنيين فى القطاع بان النصر قادم لا محال اذا استمروا فى الصمود والتضحية وتحلوا بالمزيد من الصبر.


وقد ردد السيد خالد مشعل المسئول الاكبر فى حماس والذى يقيم حاليا فى ضيافة النظام السورى ويحظى برعايتة ودعمة الكامل نفس الكلمات تقريبا التى قالها اسماعيل هنية.


وقد ذكرتنى خطبة هنية بخطب الرئيس جمال عبد الناصر قبل حرب يونيو 1967الذى وعد الشعب المصرى والعرب بسحق اسرائيل ومن وراء اسرائيل ورمى شعبها فى مياة البحر المتوسط واسترداد كل شبر من الاراضى الفلسطنية المحتلة.. وعندما حانت الساعة كانت الهزيمة الموجعة المخجلة التى كلفت مصر الكثير جدا من المال والدماء والكرامة.


ورغم الهزيمة المريرة توج عبد الناصر بطلا وخرج ابناء مصر الى الشوارع يهللون لة ويطالبون ببقاءة فى الحكم بدلا من المطالبة بعزلة وتقديمة لمحاكمة عاجلة لتسببة فى احتلال الاراضى المصرية وقتل مئات الالوف من المصريين فى حرب لم تكن مصر مستعدة او جاهزة لها الا بالشعارات والخطب الحماسية واغانى المطربين المشهورين مثل عبد الحليم وام كلثوم وعبد الوهاب وشادية وغيرهم. والمضحك فى الامر اننا لم نملك الشجاعة لكى نسمى وقتها الهزيمة التى لحقت بمصر باسمها الحقيقى ولكننا سميناها او دلعناها باسم quot; نكسة quot; او وكسة على حسب ما اذكر!!!


ومن المؤكد انة بعد وقف القتال فى غزة سوف يخرج مشعل من دمشق وهنية من تحت انقاض غزة ليعلن للعالم والشعوب العربية انهم انتصروا على اليهود والاميركان مثلما فعل حسن نصراللة فى لبنان وصدام حسين اثناء حرب العراق.


ان ما يحدث الان فى غزة هو تكرار لاحداث وماسى الماضى.. تكرار لاخطاء فادحة ارتكبها زعماء مصريين وعرب غير مؤهلين علميا او عقليا او نفسيا لقيادة شعوبهم.. واصرار عجيب وغريب على الانتحار الجماعى والرغبة المجنونة فى الموت تحت مسميات الاستشهاد والمقاومة والتصدى والجهاد بدلا من التمسك بالحياة والسعى لجعلها افضل بكل السبل الممكنة.


لقد كان من المفروض ان تضغط كل الدول العربية وفى مقدمتهم مصر على الفلسطنيين والاسرائيليين من اجل الجلوس على طاولة المفاوضات ووضع حد ونهاية لسفك الدماء والتوصل الى اتفاق سلام عادل بموجبة يعيش الجميع فى هدوء وسلام.. ولكن للاسف وجدنا بعض قيادات الدول العربية يدخلون اللعبة الفلسطنية بكل ثقلهم من اجل استمرار الصراع الدموى والقتال بين العرب واسرائيل لسنوات عديدة قادمة لاغراض ومصالح ذاتية لا علاقة لها بمصلحة الفلسطنيين او الشعوب العربية..
ولكن فيما يبدوا ان جميع الاطراف العربية اتفقوا بدون قصد على الاستمرار فى المتاجرة بدماء الفلسطنيين حتى اخر رجل وطفل وامراءة منهم.


والسؤال هنا ماهو الحل للخروج من هذا المازق الذى وضعت فية حماس والاخوان المسلمين وبعض القيادات والزعامات العربية الشعب الفلسطينى؟؟


الحل من وجة نظرى هو طرد حماس من غزة واعادة السلطة الفلسطنية الشرعية للاشراف عليها وتوحيد الفلسطنيين والتفاوض بجدية وشجاعة من اجل السلام كما فعل الرئيس الراحل السادات. خلاف ذلك هو مضيعة للوقت والجهود والثروات واهدار لارواح الفلسطنيين والاسرائيليين ايضا.


دعونى اقولها بصراحة ان خيار السلام هو الطريق الوحيد امام الفلسطنيين والعرب والاسرائيليين... اما خيار الحرب ومواصلة القتال فلن يكون فية فائزا واحدا بل هو خسارة اكيدة للجميع من يهود وعرب.

صبحى فؤاد
استراليا
الاربعاء 14 يناير 2009
[email protected]