محمد السيد سعيد الكاتب والباحث والليبرالي المحترم والذي وافته المنية فجر الاحد الماضي، والذي بدأ حياته يساريا ثم ليبراليا وكان مثال لليبرالي القوي في الحق ولم يكن من الصحفيين ذوي الوجهين. بذل الكثير لاجل وطنه مصر بصفة عامة واخوته الاقباط شركاء الوطن بصفة خاصة ولم يمنعه وضعه الاجتماعي وهو الحاصل علي الدكتوراه من الولايات المتحده الامريكية من ان ينحاز الي المستضعفين، كما لم يمنعه وضعه الوظيفي كنائب رئيس مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية من ان يكون معارضا للسلطة، ولم يمنعه اسلامه عن الدفاع عن الاقباط وحقهم في العيش بمساواه في بلادهم.

وكان واحدا من مائة من مثقفون وسياسيون وحقوقيون مصريون وقعوا علي بيان يطالب رئيس الدولة بالغاء المادة الثانية بالدستور والخاصة بالشريعة الاسلامية وكما ذكر البيان فأن النص على دين محدد للدولة يخل بالموقف الحيادي المفترض للدولة إزاء مواطنيها الذين ينتمون إلى أديان متعددة لا يذكرها الدستور المصري وانها تدفع الدولة نحو كارثة الدولة الدينية وتقتل الابداع والبحث العلمي.. وهاجم الدكتور quot;محمد السيد سعيدquot; في مقالاته في صحيفة الاهرام أنصار الصياغة الحالية لمادة الشريعة، وقال إنهم يظهرون أنفسهم وكأنهم المتدينون الحقيقيون أو أنصار الإسلامrlm;، وأن من يقترحون التعديل أقل تدينا أو حماسا للإسلامrlm;، واعتبر ذلك امتدادا للتوظيف السياسي للشريعة الإسلامية، وتلاعبا بالمشاعر الدينية للناس من أجل تحقيق أهداف سياسية.rlm; كما كان ينتقد مقولة إن quot;القرآن هو الدستورquot;، وقال إنها تعني ألا تلتزم الدولة بأي شيء في المجال السياسي مقابل التزام المجتمع بالطاعة الكاملة للدولة حتى لو كانت فاسدة وظالمةrlm;. ولا انسي عند مناقشة التعديلات الدستورية الماضية وفي مداخلة له في برنامج quot;الحقيقةquot; مع المذيع والكاتب وائل الابراشي، كان محمد السيد سعيد يدافع عن الغاء الماده الثانية باعتبارها ترسخ العزله والظلم ضد الاقباط وكان علي الجانب المضاد من يطالب ببقائها شخص قدموه لنا علي انه قبطي يدعي جمال اسعد وكان جمال اسعد يتكلم فقط ولا يستمع وكلامه به قدر كبير من التشنج من دفاع محمد السيد سعيد عن الاقباط مما دعا الخلوق الاستاذ محمد السيد سعيد الي الاعتذار وترك البرنامج لشعوره بتدني مستوي الحوار مع اسعد.

وطالب سعيد بأن تكون مواثيق حقوق الانسان هي المصدر التشريعي فقد كان يري ان المواثيق الدولية لحقوق الإنسان هي افضل ما أنتجه العصر من معايير في المجالين السياسي والحقوقي والمدنيrlm;. كان محمد السيد سعيد من روّاد الحركة الحقوقية المصرية ومن اوائل المؤسسين لمنظمات المجتمع المدني. فقد كان من مؤسسي المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في الثمانينيات، ومركز القاهرة لحقوق الإنسان في التسعينيات، واستطاع بكتاباته أن يثبّت مفاهيم وثقافة حقوق الإنسان في الوعي المصري. محمد السيد السعيد سبح ضد تيار التطرف والمغالاه وحلم معنا بالدولة المدنية بكل قيمها من العدل والاعتدال والحريات وحقوق الافراد وكان مثال للحقوقي المدافع عن حقوق الانسان بصرف النظر عن دينه دون انتقاء لاعتبارات دينية او قومية. كان يحركه واجبه نحو مصر ومواطنيها من اقباط ومسلمين وشيعة وبهائيين فاستحق الاحترام منهم جميعا. عزائنا ان محمد السيد السعيد مازال موجود بكتاباته وابنائه شباب الصحفيين والذين تعلموا علي يديه في مدرسة البديل الصحفية والتي كان يرأسها سعيد.

وبالتأكيد سيخرج لنا الوسط الصحفي والجيل الجديد شرفاء مثل محمد السيد السعيد