تشهد السياسة الاردنية تحولات ملفتة ومهمة في كل ما يتعلق بالتعاطي مع الملف الفلسطيني وتحديدا شكل العلاقة ومستوى التنسيق مع السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس.
وبحسب المؤشرات الاولية فان ثمة غضب واستياء اردني واضح من اداء ابو مازن والسلطة الفلسطينية عموما في ملفات كثيرة كان اخرها موقف السلطة من تقرير جولدستون والاخراج السيء لزمرة عباس ومحاولات تبرير الموقف بالقاء اللوم على طرفين عربيين تحديدا هما الاردن ومصر.


الا ان صمت السلطة الفلسطينية المطبق تجاه ما يحدث من اقتحامات واعتداءات اسرائيلية تطال المسجد الاقصى ، ادخلت دوائر صنع القرار الاردنية في اجواء من الريبة تجاه حقيقة الموقف الفلسطيني الرسمي، غير الداعم لاحقية الولاية الدينية للاردن في القدس.


وبحسب مراقبين فان بوادر عدم الرضى الاردني جاء على شكل ضوء اخضر رسمي للاعلام والصحافة الاردنية بتوجيه انتقادات حادة وغير مسبوقة لشخص محمود عباس واركان سلطته.


ففيما خلت الصحف الاردنية طوال الاسابيع الماضية من اي اشارة الى حركة حماس سلبا ، حفلت بالمقابل بالكثير من اشارات الغضب والانتقاد والسخرية من السلطة الفلسطينية وكانها تلوح بالتحول الى حماس كشريك سياسي.


وتاكيدا لوجود ازمة ثقة مكتومة بين الاردن والسلطة، لم يتوان عدد من كتاب الصف الاول في الصحف اليومية الى التشكيك بالسلطة الفلسطينية وادائها وحتى امكانية استمرارها.
يدلل سياسي اردني على توتر العلاقة بين السلطة وعمان بالاشارة الى ان السلطات الاردنية لم ترحب مؤخرا بزيارة كان ينوي القيام بها عدد من اركان السلطة على رأسهم محمد دحلان الذي تنظر الحكومة الاردنية الى امكانية توليه زمام السلطة كبديل لعباس بكثير من الريبة والقلق والترقب.
دحلان يحظى بعلاقات واسعة ومريدين كثر ودعم اعلامي غير متوقع من قبل اطياف ونخب كثيرة في الشارع الاردني ، بخلاف عباس المكروه نسبيا في القواعد الفتحاوية داخل الاردن.


ويشكل هذا الحضور لدحلان في الاردن قلقا مشروعا ، يوازي ذلك القلق الذي ابدته السلطات الاردنية تجاه الحضور الحمساوي في الشارع الاردني قبل سنوات.
الاردن كما يشرح سياسي اردني لا تريد ان تتحول الى حديقة خلفية لصراعات الفصائل الفلسطينية وعليه فان سياستها المقبلة ستكون الوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
وتقول المعلومات ان فتح ممثلة بالخط السياسي الذي ينتهجه محمد دحلان بدأت تبحث عن موطأ قدم لها في الاردن سياسيا واعلاميا عبر تشكيل هيئات وربما احزاب سياسية كواجهة للحركة عدا عن التحرك اعلاميا بطلب ترخيص عدة وسائل اعلامية ما بين فضائيات واسبوعيات ومواقع الكترونية.
على الارض تجري تحضيرات على قدم وساق لافتتاح موقع اخباري يشرف عليه مقرب من محمد دحلان مدفوعا بطلب ترخيص صحيفة اسبوعية اردنية للغرض ذاته.وتربط مصادربين هذا التحرك وبين اشراف دحلان على الملف الاعلامي برمته داخل السلطة.


ومن شأن هذا الحراك للتيار الدحلاني على الارض الاردنية ان يثير خلال الاسابيع القادمة موجة من الغضب في الصحافة الاردنية تعبيرا عن موقف رسمي اردني غير معلن تجاه تيار بعينه داخل السلطة الفلسطينية.


ثمة اصوات واقلام تطالب اليوم بوقف الدعم الاردني السياسي للسلطة الفلسطينية لوجود قناعة بان مشروع الدولة الفلسطينية الذي يمثل مصلحة استراتيجية للاردن بات مهددا مع وجود سلطة ضعيفة مهترئة.
الاهم ان عمان باتت تشعر بعبء العلاقة مع السلطة التي يرجمها الجميع ، والايام القادمة ستشهد تحللا من تلك العلاقة.


كاتب وإعلامي أردني