هل الاسلام مؤسس للعنف أم التخلف؟


كتب الاستاذ مجدي خليل في إيلاف بتاريخ 21- شباط مقالة بعنوان : (( هل تتحقق نبوءات صامويل هنتنجتون بعد رحيله؟))، شخصيا أحرص بأستمرار على قراءة مقالات الأستاذ مجدي والاستاذ العفيف الاخضر لما تحويه كتاباتهما من وعي نقدي تنويري رائع، وفي مناقشتي هذه أرجو ألا ينظر لي أنني انطلق بأعتباري مسلما يدافع عن دينه، وانما هي مناقشة معرفية محضة، فأنا تجاوزت في قناعاتي الدينية الأنتماء الى المسميات وتوجهت مباشرة الى الله تعالى وحده بعيدا عن سجن المسميات الدينية والطائفية.

أتفق تماما بنسبة 99% مع أطروحات هنتنجتون التي عرضها الاستاذ مجدي، بل عندي من المشاكل والاعتراضات والنقد لسلوك المسلمين و الفكر الديني من فقه وتفسير وعقائد... أكثر بكثير من هذه الأطروحات، ولكني أتساءل :

هل الاسلام هو عنصر مؤسس للعنف والإرهاب ورفض الأخر والتعايش مع الحضارات الأخرى وفق مبدأ الأخوة الانسانية بين البشر.. أم ان السبب هو التخلف النفسي والعقلي ؟

وقبل الدخول في الإجابة على هذا السؤال، ومن باب موضوعية النقاش أسارع الى الأقرار بوجود آيات قرآنية تحرض على حمل السيف والقتل، وعلى التمييز ما بين المرأة والرجل فالقرآن حمال أوجه كما يقال، ورغم اني مسلم متدين ولكني مازلت غير مؤمن بها نظرا لعدم وجود التفسير المقنع لي الذي يبرر وجودها انطلاقا من معيار عدالة الله.

نعود الى السؤال : هل الأسلام هو السبب المباشر الذي يخلق العنف والإرهاب..أم ان التخلف بكافة أشكاله هو المسبب الحقيقي؟.. اللجوء الى المقارنة هنا مفيد لتوضيح الأمور، فلو قارنا الواقع الحضاري للشعوب الأفريقية غير المسلمة، وشعوب قارة أمريكا اللاتينية الغير مسلمة، وايضا الحضارة البوذية وحتى قسم من أوربا... سنجد انها هي ألاخرى أفرزت العنف والإرهاب والقتل.

- فالحضارة البوذية المسالمة الوديعة، خرج منها المجرم الوحشي هولاكو الذي فتك بالبشرية، وكذلك خرجت منها اليابان بنزوعها العسكري الاستعماري لغاية الحرب العالمية الثانية.

- و الشعوب الأفريقية الغير مسلمة.. يوجد فيها عنف وجرائم وبشاعات لدرجة ان بعض القبائل تلجأ الى أكل لحوم البشر.

- ونفس الكلام بالنسبة لدول أمريكا اللاتينية الغير مسلمة التي تعاني من مختلف انواع العنف وجرائم المافيات والمخدرات وتجارة الرقيق الابيض.

- وفي قسم كبير من أوربا خرجت الأحزاب الشيوعية وعاشت قرابة 70 عاما بكل ماتحمله من عنف وتسلط ودكتاتورية وهمجية.

- وفي المانيا وايطاليا معقل التنوير وموطن الحداثة خرجت النازية والفاشية.

اما في المجتمعات العربية الاسلامية فلم يكن العنف والإرهاب ومشاعر الكراهية للحضارة الغربية محصورا لدى المسلمين المتدينين فقط، وانما شارك ايضا قطاعات كبيرة من ابناء هذه المجتمعات من الشيوعيين الملحدين والقوميين العلمانيين، مما يعني ان العنصر المؤسس والمحرض على العنف والكراهية والإرهاب ومعادات الحضارة الغربية ليس الاسلام، وانما التخلف النفسي والعقلي الذي يتعامل مع الدين والافكار والأيديولوجيات والأخر المختلف والحضارات الاخرى... فالمسلم المتوازن نفسيا والمتنور فكريا حينما يتعامل مع النص الديني بأمكانه ان يحاكمه نقدياً وفق معيارالعقل والمنطق و مباديء العدالة وحقوق الانسان وغيرها.

والمسلم المتنور بأمكانه ان يكون مؤمناً وفي نفس الوقت يلجأ الى تحييد الآيات القرآنية التي تتكلم عن السيف والقتل، وملك اليمن وسبي النساء... ويعتبرها آيات نزلت في ظرف تاريخي محدد وأنتهى أمرها، أو يمتلك الشجاعة ويعترف انه لايملك جوابا محددا بشأنها لذا لايستطيع الإيمان بها فلايوجد مؤمن 100 % في كافة الديانات.

طبعا لاينكر ان من يريد ان يوظف الاسلام في التحريض على الإرهاب والقتل وتدمير الحضارة الغربية، بل وتدمير المسلم لنفسه ولمجتمعه مثلما يحصل الان في : ايران وافغانستان والعراق والسودان ولبنان وفلسطين وغيرها، فمن يريد التوظيف والنهل والأقتباس والأستناد... سيجد ما يرمي اليه للممارسة الإرهاب والاجرام في النص الديني والفكر الديني البشري الذي أنتجه رجال الدين، فالمشكلة أساسا تتعلق بالجانب النفسي والعقلي للمسلم وكيفية نظرته وفهمه وادراكه للدين ولمجمل شؤون الوجود، شخصيا أرى ان سبب تخلف المجتمعات الشرقية عموما المسلمة والغير مسلمة يعود الى خلل بنيوي متأصل فيها ليس له علاقة بنقص التعليم والثقافة والأحتكاك بالمتجعمات المتحضرة، وما علينا سوى أنتظار تقدم علم الجينات لعله يقدم لنا علاجاً لهذه المعضلة.

خضير طاهر
[email protected]