أثار موضوع إعلاننا لإنطلاق المقاومة الاسلامية العربية قبل بضعة أيام جدلا بين الاوساط المختلفة و دفعت العديدين للتسائل بخصوص جدوى و مغزى و هدف تأسيس هکذا مقاومة وهل ان الساحة اللبنانية بشکل خاص و العربية بشکل عام بحاجة إليها أم إنها ستشکل عاملا جديدا يضاف لعوامل الاحتقان و التوتر الموجوجة على الساحتين العربية و اللبنانية. ان هذا التساؤل عن جدوى و مغزى و هدف تأسيس المقاومة الاسلامية العربية مشروع و هو امر واقعي بنظرنا سيما ونحن نؤسس لمسار إنفتاحي ـ إعتدالي يؤمن بالآخر و يتيح له مساحة کافية للتعبير عن رأيه و توجهاته، ونحن لم نطلق المقاومة الاسلامية العربية من أجل إثارة حزازات و نعرات و فتح ثغرات إضافية في الصفوف وإنما نتوسم ان تکون هذه المقاومة عامل يبعث على الخير و التفاؤل و تقوية الاواصر بين کل القوى و التيارات المخلصة للوطن اللبناني و للأمة العربية ونحن لا نريد ان نلوح من خلال إعلان المقاومة الطلب من الآخرين ان يضعوها في حساباتهم أو يجعلونها شريکة في امر أو أمور ما، فذلك الامر برأينا مناط اساسا بالجماهير فهي التي تعطي الاعتبار و الشخصية المعنوية لأي تيار أو قوة سياسية و قد تلقينا من اللحظة الاولى من الاعلان عن ولادة المقاومة الاسلامية العربية الکثير من ردود الافعال المشجعة بصورة انها فاقت توقعاتنا الاولية و دفعتنا للمزيد من الاحساس بالتواضع أمام الاحساس الجياش للجماهير و مدى ثقتهم الکبيرة التي وضعوها في هذه المقاومة. والذي فاجأنا أکثر هو ردود الافعال الإيجابية على الصعيد الشعبي العربي وذلك الزخم الهائل من الدعم المعنوي الذي نفتخر به و نعتبره وسام شرف يزين المقاومة الاسلامية العربية و المجلس الاسلامي العربي نفسه و ليس في وسعنا إلا معاهدة کل الاشقاء و الاصدقاء بأن نکون بعون الله سبحانه و تعالى عند حسن ظنهم و ان لانخيب رجاءهم الذي وضعوه فينا.
لقد وجدنا الضرورة القصوى في إطلاق المقاومة الاسلامية العربية لحساسية و خطورة الظروف الراهنة التي تمر بها الامة العربية و کثرة الاعداء و المتربصين بها شرا سواء من الخارج أم من الداخل ونحن رأينا بأن واجبنا الشرعي و القومي يحتمان علينا بأن تکون هذه المقاومة ملتزمة أيما إلتزام بأن أمن و سلامة کل قطر عربي هو شأن يعنيها و يشکل أولويات إلتزاماتها الاساسية وعندما نشير لمسألة الامن العربي فإننا بؤکد بأن هذه المقاومة معنية بالدفاع عن کل شبر عربي من الخليج الى المحيط و تبذل کل ما بوسعها في سبيل ذلك.
ان التأکيد على قضية العروبة و جعلها الاساس الراسخ الذي بني عليه المجلس الاسلامي العربي و المقاومة الاسلامية العربية، هو أمر مقصود و نعنيه بکل معنى الکلمة مع التأکيد بشکل واضح على أننا لا و لن نعتبر أنفسنا بديلا للنظام الرسمي العربي و ليس هنالك أي وجه من العداء بيننا و بينه بل و على العکس من ذلك نحن جعلنا واحدة من أهم أهدافنا التواصل مع حکومات البلدان العربية و العمل الى جانبها من أجل صيانة الامن القومي العربي وان ثنائية العمل هذه هي مفيدة في هذا الوقت تحديدا و في أي وقت آخر للوطن العربي وان سلامة نوايانا التي تنطلق من عروبتنا النقية المخلصة ستشکل هويتنا التي تمنحنا الثقة لدى القادة و الحکومات العربية، مع الوقوف عند نقطة مهمة وهي اننا في الوقت الذي نعلن عن أنفسنا کمشروع دفاع عن المصالح العربية فإننا في الوقت نفسه لا نعتبر أنفسنا محسوبين على أية حکومة عربية بل نحن نمثل الشارع الشعبي و نعمل من أجل توجيهه بما يخدم المصالح العربية المشروعة و الامن القومي العربي.
وقد أثبتنا من خلال إجرائنا لأول مناورات ميدانية في الدفاع المدني و الإسعافات الاولية و التدريب العسکري بعدد من المناطق المختلفة و تتويج ذلك بغرفة عمليات عسکرية في القطاعين الغربي و الاوسط و ربطها بغرف العمليات العسکرية في البقاع الغربي و الشمالي وفي بيروت، إننا جادون في تفعيل هذه المقاومة و تجسيدها و جعلها أمرا واقعا للجميع وان الامکانيات المتاحة لدى مقاتلي المقاومة الاسلامية العربية متطورة وسوف نفاجأ العدو الاسرائيلي بها إذا ماتجاسر وفکر بشن عدوان على لبنان و هو في نهاية الامر سوف يکون مبعث فرح و إعتزاز و فخر لکل الاشقاء العرب. وإن ثقتنا کبيرة بأنه في إمکان مقاتلي المقاومة الاسلامية العربية أن يفتحوا أبواب الجحيم بوجه العدو الاسرائيلي أو أي عدو آخر يفکر بالنيل من لبنان و سيادة أراضيه وأن تلك الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان على فلسطين المحتلة کانت رسالة واضحة جدا لاولمرت و باراك و لجميع الصهاينة بأن يوقفوا هجومهم البري على أهلنا في غزة و کما قلنا على هامش تلك المناورات التي أجريناها فإنquot;إستمرار هذا العدوان يعني فتح أبواب جهنم عليکم و نحن لا نطمئن احدا في لبنان و خارج لبنان و لاضمانات لان يکون المجاهدون مکتوفي الايدي حيال مايجري في غزة من مجازر و إبادة و قتل و دمار بحق اهلنا، فإن قيادة المقاومة الاسلامية العربية نفذ صبرها ولن تقف مکتوفة الايدي بل ستعمل بواجبها العربي و تکليفها الشرعي للدفاع عن الامةquot; وان أسطر کهذه يجب أن تکون مفهومة و واضحة للعدو الاسرائيلي و أن يضعها في إعتباراته و حساباته الآنية و المستقبلية.
اننا نبغي من إطلاق المقاومة في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها حاليا، توضيح حقيقة مهمة وهي ان واجب المقاومة لا يجب حصره بحزب أو تيار سياسي محدد فهو واجب عام يعني الجميع وأن إطلاق مقاومة اسلامية عربية غير مسيسة أو مؤطرة بتأثيرات خارجية هو أمر بالغ الاهمية ويخدم وحدة الصف العربي بما يخدم مصالح القادة و الحکومات و الامة العربية وان دعم و إسناد هذه المقاومة و تقويتها و منحها کل أسباب المنعة و الرفعة سيکون من شأنه تغيير صيغ و شکل المعادلات التي وضعت لإعتبارات خارجية تعادي المصالح العربية ونحن متفائلون بمستقبل علاقاتنا مع اشقائنا العرب من قادة و زعماء البلدان العربية من الخليج الى المحيط و نتوسم فيهم کل الخير لرفد المقاومة هذه بالدعم المطلوب لکي تکون بالصورة اللائقة التي ينبغي لها کممثل و معبر عن الشارع الشعبي العربي.
محمد علي الحسيني
* الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.
التعليقات