إنتهت حملة التحريض المذهبي والحقن السياسي الهائل الذي مارسه السياسيون اللبنانيون في الآونة الأخيرة، بعد موجة المصالحات المفاجأة والإجتماعات المتكررة لتصفية النفوس بين معظم القادة للأحزاب السياسية.

ووضعت الأيدي ببعضها البعض وكأن شيئاً لم يكن أو يحدث وتناسوا سقوط الضحايا وهدر الدماء وما فعلته كلماتهم وخطاباتهم التحريضية في أفراد الشعب المسكين، الذي أصبح كالطائر الشريد في مهب الريح من سياسة زعمائه العوجاء.

وبالرغم من ذلك كله ترجمت آثار الخطابات التحريضية السلبية في كثير من الشوارع والمناطق بجرائم القتل التي كثرت مؤخراً، الشوارع التي يحظر على القوى الأمنية دخولها بسبب وضع الزعماء حمايتهم عليها ودعمهم لحاملي السلاح..

وانتشر السلاح بكثرة بعدما شرّع السياسيون للأفراد التابعين لهم اقتناءه بحجة الدفاع عن النفس من الطرف الآخر، فأصبح هاجس اللبناني وهمه الوحيد شراء أي قطعة سلاح حتى لو كانت صغيرة تفي بالغرض خوفاً على نفسه مما يحمله له الطرف الآخر من كراهية وحقد مذهبي وسياسي، فبات تقريباً كل بيت لا يخلو من وجود قطعة سلاح أو أكثر وأصبحت الذخيرة زادا يوميا تموّن بدل الخبز والطعام!!!


وبدل أن يحموا الشعب من فوضى السلاح وينزعوه من أتباعهم قبل أن يقدموا على أي مصالحة مزيفة، نراه يتزايد في الشوارع في المدة الأخيرة وأصبح يستعمل عند أي فورة غضب أو تنفيس حقد مخزون حتى لو كانت الضحية أخاً أو جاراً لحامل السلاح.

المهم أن يخرج ذلك الإحتقان الذي زرعه فيه ذلك السياسي المأجور لمصالح خارجية تريد تدمير البلاد وشعبه، فمتى ما أرادوا يجرون الشعب نحو الحرب والموت ومتى ما سئموا يتصالحون وكأن شيئاً لم يكن وبكبسة زر يريدون أن يمحوا أثار الدماء والحقد والضحايا التي سقطت من عقول وفكر الشعب.

ويغفلون تماما عما يتركه الحقد السياسي في نفوس الشعب من خلفيات سلبية، ذلك الشعب الذي يتخبط بين الحالة الإقتصادية المتدهورة وبين الفلتان الأمني والإنفجارات المتعددة وفوضى السلاح المنتشر في الشوارع..

فمن يتحمل مسؤولية كل تلك التجاوزات؟ أليس السياسيون الذين يلعبون بدماء الشعب ومصير الوطن؟؟ ومن المسؤول عن كل تلك الإنفجارات التي تحدث في طرابلس؟؟ أو عن قتل ذلك الشاب منذ عدة أيام على يد شخص مستهتر وأمثاله يريدون إرجاع البلاد إلى احداث الحرب الأهلية وما كان يحصل فيها، فيقتل شخص بريء لفورة غضب ما وتوضع صورته على جدران الشوارع كـquot;شهيد مظلومquot; ويقولون: هو حادث فردي، فمن أعطى الحق لذلك المسلح ليحمل سلاحه بوجه إخوانه في وطنه؟ ومن المسؤول عن تشريع حمل السلاح في كل شارع وزاروب؟ اليسو السياسيون الذين أتخمونا بخطاباتهم التحريضية؟

وبعدها تطوى القضية وتُنسى الضحية بعد عدة أيام لأنه ليس مسؤولا سياسيا أو زعيما معروفا بل مجرد فرد من أفراد الشعب الذي متى ما إقتربت الإنتخابات النيابية أصبح مجبرا أن ينتخب هذا السياسي أو ذاك حسب إنتمائه المذهبي والسياسي والمناطقي حتى يحمي نفسه من مخاطر التهديد والموت في بلد مقسم إنتماءات حزبية وطائفية!!!!

فأضحى الشعب غارقا في أوحال لعبة سياسية قذرة تترجم بإخضاعه وإذلاله وتكريهه لوطنه من جميع النواحي الإقتصادية والمعيشية والأمنية التي كسرت ظهره وجعلته كتلة من الخوف والرهبة على حياته مع وجود فوضى السلاح الذي لا يعرف إلى أين سيأخذ البلاد مستقبلاً، وما سيدفعه المواطن من ثمن باهظ في نهاية هذا الأمر!!!

حنان سحمراني
http://hananhanan.maktoobblog.com/