بحصول الرئيس الفنلندي السابق اهتساري على جائزة نوبل للسلام لعام 2008 تكون فنلندا قد حصلت على جائزة نوبل للمرة الثالثة منذ عام 1901 وهو العام الذي منحت فيه الجوائز للمرة الأولى.

كانت اول جائزة نوبل تحصل عليها فنلندا من نصيب الاديب الفنلندي الشهير غرانس اميل سيلانبا عام 1939، اما الجائزة الثانية فكانت من نصيب عالم الكيمياء الفنلندي أرتوري فيرتانن سنة 1945 تكريما له لابحاثه في مجال كيمياء التغذية، اما المرة الثالثة فقد ذهبت لرجل السلام الفنلندي اهتساري تقديرا لما يقوم به هذا الرجل منذ فترة طويلة في سبيل ارخاء الاستقرار والامن في هذا العالم.

ساهم اهتساري مساهمة كبيرة في استقرار الوضع بين جنوب افريقيا وناميبيا في قارة افريقيا وكذلك ساهم في انهاء نزاع مسلح استمر اكثر من 15 سنة في اندنوسيا بين الحكومة الاندونيسية والمتمردين الانفصاليين السابقين من حركة اتشيه الحرة في شرق اسيا، وفي اوربا كان له دور كبير في وقف القتال الذي دار بين يوغسلافيا وبين حلف شمال الاطلسي حينما كان وسيطا انذاك، كما كان للرجل مساهمة فاعلة في ايرلندا الشمالية وكذلك في المصالحة الدائرة بين الفرقاء العراقيين حاليا، اضف لذلك انه يتراس منظمة عالمية لحل النزاعات اسسها عام 2000.

اهتساري يعتبر الرئيس العاشر في تاريخ الدولة الفنلندية منذ استقلال فنلندا ( 6 ديسمبر 1917 ) حيث ترأس البلاد في الاعوام ( 1994ـ 2000 ).


ان هذا الرجل الى جنب من سبقوه وضعوا فنلندا على جادة الصواب، ولهذا البلد الحق ان يفتخر ويتباهى بنفسه فلا بترول ولا غاز وليس ثمة موارد كما يمتلك الاخرون لكنه رغم ذلك وضع خطواته بثقة عالية في صفوف البلدان المتقدمة ولم يكن في جعبته حينما اراد ان ينهض من كبوته بعد حرب الاستقلال والحروب الاهلية التي اثقلت كاهله في منتصف القرن الماضي سوى الثروة الطبيعية من الغابات التي تشكل العصب الرئيسي للصناعات الخشبية وبالتاكيد قبل كل شئ اعتمد على عنصر التنمية البشرية.

ان صناعة السفن بشكل خاص والصناعات الخشبية بشكل عام جعلت من هذا البلد ارضية قوية تؤهل اصحاب الارادة والتخطيط الفذ الى امتلاك شركات عالمية في فترات قياسية من الزمن حتى اصبحت شركة نوكيا تناطح الحيتان الكبيرة على مستوى شركات العالم رغم ان (نوكيا) ليس سوى اسم يشير الى قرية مغمورة جدا في فنلندا كانت مشهورة بالصناعات الخشبية، اصبحت في عام 1977 مدينة بمساحة ( 348 كم مربع ) كما ان السكان فيها لا يتجاوز عددهم ( 29147 ) نسمة في احصائية 31/12/ 2005.

لقد نهضت هذه الجماعة البشرية التي تسكن على ضفاف بحر البلطيق بارادة قوية بعد الاستقلال في عام 1917 اثر صراع مرير وطويل جدا على اراضهيا استمر لمئات السنين بين الامبراطوريات الروسية والمملكة السويدية المنتفخة، وبذلك الدافع القوي قضت فنلندا على مشكلة الامية منذ عام 1920 تثمينا منها لعامل التنمية البشرية والاعتماد عليه قبل كل شئ، فالتنمية البشرية هي الثروة الافضل عند الفنلنديين على حد تعبير الرئيسة الفنلندية الحالية تاريا هالنون.

جمال الخرسان
كاتب عراقي
[email protected]