المدرسة العراقية بالرباط ليست مركزا لنشر التشييع
رسالة مفتوحة لجلالة ملك المغرب لإنقاذ أبناء الجالية العراقية بالمغرب !


جلالة الملك محمد السادس المحترم

المدرسة العراقية في الرباط صرح علمي وثقافي عراقي.. وقد تم افتتاحها عام 1977 ببرتوكول ثقافي بين البلدين العراق والمغرب لتعزيز الأخوة بين الشعبين وهي منذ أثنين وثلاثين عاما تؤدي دورها العلمي والثقافي في المملكة المغربية، وبعد عام 2003 عام سقوط الدكتاتورية في العراق تجدد عطاء هذه المدرسة لخدمة أبناء الجالية العراقية، ولم يتغير من مناهجها التربوية والتعليمية إلا بمقدار ما تغير في وطننا العراق من تغيير طفيف في المناهج، ففي العراق تتغير الحكومات ولكن تبقى منهجيتنا العلمية في المدارس والجامعات ذاتها لا تتغير إلا بما لا يضر التقدم العلمي والبحثي،وإذا كان هناك تغيير فإنه لم يتعد بمجمله إلا حذف أسماء ومسميات لها علاقة بالعهد السابق كاسم الحزب الحاكم السابق، ورئيسه وشعاراتهم المعروفة، أما المنهاج فبقي هو هو، منهاج علمي تربت عليه أجيال العراقيين جيلا بعد جيل وهو في كلياته قريبا من المناهج العربية الحديثة التي تطرح الإسلام بعمومياته، من دون أن تترك في الطالب تأثيرا لهذه الطائفة أو هذا المذهب، والمدرسة العراقية في الرباط هي في الحقيقة امتداد ثري للتعاون بين المملكة المغربية، وعرشها العلوي الشريف حيث يستظل العراقيون واحة من عدالة وآمن أمير المؤمنين فيها جلالة الملك محمد السادس، ومن قبله أبيه المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، ومن قبلهما جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، الذي افتتحت في عهده الميمون، أول مدرسة عراقية في مدينة فاس عام 1956 والتي تم أعدادها بكادر عراقي مؤهل لتخريج أساتذة الرعيل الأول للمدارس المغربية الحديثة، التي كانت تعاني مدارسها من الفرنسة وعدم توفر الكوادر التدريسية الحديثة، وبدلا من أولئك المتخرجين من الكتاتيب والجوامع في زمن الاستعمار الفرنسي للمملكة المغربية.


التأريخ يقول لنا يا جلالة الملك أن الذكريات الفياضة بالمحبة بين الشعوب والدول لا تمسح بسبب الحاضر المؤقت الصعب لشعبنا العراقي بسهولة ! والعراقيون يتذكرون بمحبة كبيرة زيارة جدكم جلالة الملك المغفور له محمد الخامس إلى بغداد عام 1960 وحين علم المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم من ضيفه الكبير جلالة الملك محمد الخامس أن المملكة المغربية لا تملك قوة جوية حقيقية لكي تستغني عن القوة الجوية الفرنسية المستعمرة للمغرب وقتها، فأهدت الجمهورية العراقية أول سرب من طائرات هنتر المقاتلة القاصفة للجيش المغربي الشقيق، هدية من الجيش العراقي، وأرسلت طيارين عراقيين لتدريب الطلاب المغربيين على هذه الطائرات فكانوا نواة القوات الجوية المغربية ولخدمة العرش العلوي الشريف للدفاع عن الشعب المغربي الشقيق لكل من يجترئ عليه، أو يمس وحدته الترابية. ولن أتحدث هنا عن دور الأساتذة العرقيين في المدارس المغربية في بداية تعريبها بعد الخلاص من المستعمر الفرنسي ولا دور الدكاترة العراقيين في أغناء الجامعات المغربية وكان من الرعيل الأول في هذه الجامعات د.علي الوردي ود. زكي الجابر الذي بعلمه الفياض ساهم بإقامة صرح المعهد العالي للإعلام في المغرب، وباعتراف جميع من تخرج من هذا المعهد العملاق !! وهم من خيرة صحفيي المغرب من الرعيل الأول، الذي يمسكون الآن رئاسة تحرير معظم الصحف المغربية الحزبية والمستقلة، وأقسام الإذاعة والتلفزيون المغربي. ود.محمد العراقي في كلية الآداب وغيرهم العشرات من الدكاترة الذين رفدوا أهلنا في المغرب بعلومهم وجهدهم الخير المخلص لبناء هذا البلد الطيب.


لقد فوجئنا جلالة الملك يوم السبت 21 /3/2009 بإنزال عسكري مغربي في المدرسة العراقية بالرباط ومع شرطة خاصة ومخابرات دولة !! ليتم أنزال علم العراق من ساريته ورفع يافطة المدرسة من مكانها !! وأجراء التحقيق مع مديرة المدرسة وحجزها والتي تحمل جواز السفر الدبلوماسي !! ومنع الطلاب والأساتذة حتى من المرور من الشارع المحاذي للمدرسة في شارع النصر وسط العاصمة الرباط، ومن دون سابق أي إنذار !! وربما على أثر غلق السفارة الإيرانية وتوتر العلاقة بين إيران والمغرب، وهذا لا يعنينا كعراقيين من قريب أو بعيد إلا بقدر أن إيران دولة جارة للعراق،وأن المغرب وطننا الثاني وأهله أهلنا وأمنه في بؤبؤ عيوننا، وللأسف بدعاوى مغرضة من أحد أولياء أمور طلاب عراقيين في المدرسة حدث بينه وبين إدارة المدرسة خلاف على سلوك أستاذة أسقطت خصوصيتها الذاتية على المنهج قبل شهرين، وتم توجيهها من قبل الإدارة وعولج الموضوع، ومنع الأب من دخول المدرسة لتطاوله على موظفي المدرسة، فاستشاط غيظا، عندما حدث حادث بسيط لأبنته أثناء اللعب في المدرسة، وجرح كاحلها ووجدت كل عناية من كادر المدرسة، فذهب ولي أمرها إلى الصحافة ليروي لهم قصة غريبة تقول أن المدرسة تنشر التشيع في المغرب !! علما أن مديرة المدرسة سنية !! ومن عائلة معروفة في مدينة الأعظمية و هذا العراقي هو الآخر من المذهب السني ذاته، وهو من أهل مدينة الفلوجة !! وللأسف فأنا عادة أربأ بنفسي عن ذكر هذه المذهبية البغيضة، ولكن لتوضيح الأمر أذكر هذا، ويبدو أن الصحافة التي بحاجة دائمة إلى قصة دائمة !! لمواكبة حدث قطع العلاقات الإيرانية المغربية حولوا مديرة المدرسة إلى شيعية بناء على أقوال مخبرها العراقي ومنتظمة في حزب الدعوة !! وأن المدرسة تنشر التشيع في المغرب !! ولمدة أسبوعين كاملين والصحافة المغربية ومواقع الانترنت تتناول الموضوع تشهيرا بالمدرسة وكادرها التعليمي من دون أن تتدخل وزارة التربية العراقية أو السفارة العراقية بالمغرب للتحقيق بالموضوع للأسف، وحل المشكلة، إذا كانت هناك مشكلة بين هذا المواطن العراقي وإدارة المدرسة العراقية بالرباط !!


فخامة جلالة الملك محمد السادس نستغيث بك !! للتدخل!! لإنقاذ أكثر من 400 طالب هم طلاب المدرسة العراقية في الرباط من الضياع والتشرد فالمنهج العراقي الذي درسوه في المدرسة العراقية لا يماثله المنهج المغربي الذي يدرس في المدارس المغربية وكذلك إنقاذ كادر المدرسة الذي يربو عددهم على الثلاثين مدرسا عراقيا ومغربيا وعربيا لا مورد لهم في هذا البلد غير عملهم من العمل في هذه المدرسة لخدمة جاليتهم والعراق العزيز ووطنهم الثاني المغرب. وأنت دائما يدك بيضاء على جاليتنا كما اهلك وأجدادك الميامين في العرش العلوي المجيد.

فيصل عبد الحسن

*كاتب وصحافي عراقي يقيم في المغرب
[email protected]