(المتتبع لخطابات السيد حسن نصرالله يستطيع ان يرصد بناءها في شيئين : اولا وجهة نظره او رأيه في حدث او قضية لبنانية او عربية ا و عالمية.


وثانيا جملة مطالبات تحت عنوان ما يريده.
وهذا ما تختزله كلمته الاخيرة التي جاءت خلال احتفال شعبي بمناسبة المولد النبوي الشريف تحدث فيها الى انصاره عبر شاشة كبيرة في الضاحية الجنوبية.


في هذه الكلمة قال رأيه في العديد من القضايا منها ترحيبه بالمصالحة العربية يقصد ما جاء في القمة المصغرة التي عُقدت برعاية خادم الحرمين الشريفين في الرياض والتي اعتُبرت تاريخية لانها جمعت الثالوث العربي الكبير مصر السعودية سوريا بعد توتر ابعد سوريا عن المحور العربي.
وبعد ذلك كعادته طالب او دعى القادة العرب وهم على ابواب قمة الدوحة ان يمدوا ايديهم الى الدول والاقطار التي تساند القضايا العربية وحدد بالاسم تركيا اولا ثم ايران.
السيد حسن يعلم كما نحن نعلم انه لا يوجد تقصير او توتير او جمود عربي مع تركيا بالعكس تركيا تكاد تكون طرفا ثابتا ومرحبا به في كل القضايا العربية وربما برز ذلك واضحا خلال العدوان الاسرائيلي على غزه حين انطلقت المساعي المصرية من انقرة فيما سُمي وقتها المبادرة المصرية التركية وطُلب من تركيا ان تتحرك عبر كل الوسائط من اوربا الى تل ابيب،
وطبعا لا ننسى الوساطة التركية في المفاوضات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل اذا هناك اجماع على الدور التركي من كل العالم العربي معتدلا كان ام ممانعا تبعا الى التقسيم القديم لان ببساطة تركيا ليست لها اغراض ولا تقحم نفسها في قضية بما لا يهوى اصحابُها وتتدخل في القضايا بإذن اصحابها ولا تدخل من الشباك ولا من الابواب الخلفية ولا تدخل لتكسب اوراق ضغط تكون سيفا مسلطا على رقاب الجميع ترواغ به وتبتز به من اجل مصالحها التي تعمدت ان تكون على التنقيض الدائم مع مصالح المنطقة حتى لو غلفتها بشعارات تجذب وتستهوي العامة والغوغاء والبسطاء في الشارع العربي كما تفعل ايران طبعا.


اذا السيد حسن يعرف جيدا بل يتأكد وهو السياسي الكبير ان اليد العربية ممدوة وبسخاء وثقة وبراحة مع تركيا.
ولكن لماذا جاءت تركيا في سياق طلب السيد حسن بأن يمد العرب ايديهم اليها اولا ثم الى ايران ؟!
هذا طبعا يجيئ بسبب فطنة وذكاء السيد حسن نصرالله ووعيه السياسي ووعيه الكبير جدا بطبيعة هذه الشارع العربي.كيف ؟
بأن يضع الموثوق به بجوار المشكوك فيه يضع تركيا بجوار ايران، فيتوه العقل الجمعي في ازالة التباس الفرق بين الاثنين فيميل الحكم الى الاقرب ومَنْ الاقرب؟ منَْ سوى رجب طيب اردوغان الذي لقن الرئيس الاسرائلي درسا وامام الجميع وعلى الهواء مباشرة بجرأة وانسحب من جلسة اقتصادية عالمية واستقبله الشارع التركي استقبال الابطال ؟.


هذا الخلط المقصود من قبل السيد حسن نصرالله يعيدنا الى طلبه بضرورة مد اليد و ازالة الجفاء وعودة ود العلاقات الطيبة مع ايران بعد ان استبعدنا تركيا لان ما يطلبه السيد حسن متحقق بالفعل على ارض الواقع اقصد مع تركيا.


السيد حسن العارف بزواريب السياسة وخفاياها تابع ما صرح به الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في اجتماع وزراء الخارجية العرب في الثالث من مارس الحالي حين دعا الدول العربية الى وضع رؤية مشتركة للتعامل مع التحدي الايراني للامن العربي وحدد ذلك كالتالي quot; :الملف الايراني النووي وتداعياته على منطقة الخليج اقحام ايران نفسها في الشأن العراقي وفلسطين بدعم طرف وهي حماس على حساب فتح وهكذا في لبنان بالوقوف قلبا وقالبا مع حزب الله ووقوف حزب الله طبعا قلبا وقالبا معها quot;.


السيد حسن قرأ ايضا ما وراء عزيمة خادم الحرمين ومعه مصر على ازالة الجمود وتقريب سوريا واحتوائها واعادتها الى حضنها وعمقها وامنها وامانها الى اشقائها العرب الى دول الخليج ومصر والاردن والعراق ودول المغرب العربي، لان ذلك يعني تجفيف التحالف الايراني معها حتى ولوبالتدريج، وحسب قاعدة العلاقات الدولية التقارب مع الحليف يعني الابتعاد عن عدو الحليف.
ويعني ايضا ان العرب بكل عيوبهم فهموا الدرس السابق ان التفريط او التكاسل يعني اعطاء الفرصة للاعب جديد كما حدث في العراق حين تقاعس العرب في سلبية او خيبة سمها ماشئت فتدخل الايرانيون وبسطوا سطوتهم حتى الان.


السيد حسن لا يريد كسر التحالف الايراني السوري او حتى اضعافه ولايريد ان يخسر سوريا حين تصبح ضمن كيان عربي يكون اكبر من مصلحة حزب الله وايران، لذلك هو يطلب من القادة الذين سيجتمعون في قمة الدوحة نهاية هذا الشهر ان يمدوا ايديهم الى ايران.


وحسب قاعدة القراءة المعكوسة في علم السياسة كان من الممكن ان يقول السيد حسن هذا الطلب بشكل اخر كالتالي :
(كأن يطلب من ايران مثلا ان تجتهد وتنسى الماضي وتفتح صفحة جديدة تحاول من خلالها اعادة الثقة المفقودة مع دول الخليج العربي فتطمئن البحرين مثلا بتعهد واضح وليس من باب تطيب الخاطر بان البحرين دولة لها كامل السيادة وليست محافظة من ايران وان تتوقف عن دعم المعارضة بالمال وبكل ما تملك في الداخل والخارج وان تكف عن تعمد الخلط بين الرمز الديني والسياسي داخلها، وايضا تطمئن الامارات ان مسألة الجزر قابلة للحل وليست من المحرمات كما هو معروف داخل ايران.
يطلب من ايران ان تعرف ان قومية المواطن العربي هي الاكبر والاوسع والاهم وان موضوع دعم التحالفات الشيعية داخل البلدان ليست شانا ايرانيا سواء في البحرين او اي بلد خليجي او في العراق يطلب من ايران ان تزيل بشجاعة الالتباس وتوضح الموقف الحقيقي لما قيل ان ايران زودت بالسلاح جماعة بدر الدين الحوثي في اليمن.


كنا نريد من السيد حسن نصرالله وما زلنا ان يطلب من ايران ان تعلنها صراحة ان العراق حر وانها لن تدعم طائفة على اخرى وان العراق بعمقه وحضارته وتاريخه اكبر من ان يكون ورقه في يد ايران تفاوض بها الامريكين على حفنة مصالح هى ليست على ثقة انها ستتحقق.


كنا نريد، نحلم، نتمنى، نرجو من السيد حسن ان يقول ما قاله الرئيس السابق الدكتور محمد خاتمي حينما اعلنها صراحة quot; ان على ايران اتتوقف عن اثارة القلاقل داخل دول الجوار لانها ستخسر اكثر مما تكسب.


كنا نتمنى من السد حسن ان يدين لو بشكل بروتوكولي و لفظي تصريحات المسئول الايراني تجاه البحرين،او يرفض ما فعلته طهران من مساءلة للدبلوماسي المغربي حين اعلن المغرب دعمه للبحرين.


نريد كل ذلك اكثر بكثير من ان يطلب السيد حسن من الشعوب العربية ان تنقلب على انظمتها، نريد منه اكثر ان ينشر ثقافة الحب والتقريب وليس ثقافة التخوين ولغة العمالة رافعا بشكل غير مباشرquot; اما ان تكون معي واما ان تكون خائنا وعميلا وعبريا واسرائيليا وصهيونيا.


نقول نحن لسنا ضد ما يريد ويتمنى السيد حسن من تقارب عربي ايراني وقادرين على اعلان ذلك فهل السيد حسن مع ما نريد وقادر على اعلانه ؟

محمود الورواري