صديقي ورفيقي العزيز..!

تحية محبة وسلام،كيف انتم في quot; طويريج quot;!
أتذكرك دوما حين اسمع أغنية ( تهدّه ياحلو بالله تهدّه،يل خدك گيمر السدة تهدّه )
،أتمنى أن تكون أنت وجميع الأحبة بخير
أما بعد، كنت قد سألتني في رسالتك الأخيرة عن حيرتك في فهم rdquo; البورصة، وأزمة العقارات، والانهيار الذي حصل..الخ
وأقول: والله ياصديقي العزيز ومالك علي يمين،إن معلوماتي الاقتصادية بسيطة جدا،ولذا توجهت طالبا العون من منظرينا الاقتصاديين المحترمين،برسالة مفتوحة مع ملاحظة أن تُكتب بلغة بسيطة، كي نفهمها..!
وكما يقول المثل: أذن من طين، وأذن من عجين
حين نقول لهم: لماذا لاتكتبون مانفهم ؟ يجيبون: لماذا لاتفهمون مانكتب..!
المهم عن أزمة البورصة والعقارات، وجدت مثالين بقصتين ظريفتين، أتمنى أن تُجيب عن بعض تساؤلاتكم، القصة الأولى من هولندا عن بورصة الزهور، والثانية عن بورصة الحمير لك أن تختار لها بلدا، مع احترامي الشديد الصدق لهذا الكائن الصبور الذي ابتلى بالإنسان.

بورصة الزهور quot; زهرة التوليب quot;

التوليب جنس من النباتات الزهرية التابعة لفصيلة السوسن
تعاظمت شعبية التوليب في هولندا، بعد أن تعرفت عليه أوروبا عن طريق الإمبراطورية العثمانية في منتصف القرن 16، انطلق الأثرياء في تنافس محموم لامتلاك أكثر الأبصال ندرة، و تعاظمت المنافسة حتى وصلت الأسعار حدوداً عالية،و سرعان ما تحولت الزهرة إلى موضوع تفاخر و رمز للرفعة. أصناف محددة من النبتة حملت أسماءً خاصة مميزة اشتق بعضها من أدميرالات البحرية الهولندية. و قد ظهرت أكثرها روعة بما حملته من ألوان حية، و خطوط، بدت كألسنة اللهب، و ذلك بعد أن تعرضت بعض أنواعها لعدوى فيروس خاص بأبصال التوليب.
لو رغبت بشراء نوع محدد من أبصال التوليب في عام 1623، أو بالأحرى بصلة واحدة منها، فذلك سيكلفك نحو ألف فلورينة، و هي العملة المستخدمة آنذاك في المنطقة، و لتقدر ذلك يكفي أن تعرف أن متوسط الدخل السنوي للفرد آنذاك كان يعادل 150 فلورينة. لم يقتصر تداول التوليب على النقود، بل تمت مقايضتها بالأراضي والمواشي والبيوت. و يُزعم بأن المتداول الجيد كان يحقق أرباحاً تصل إلى 60 ألف فلورينة في الشهر الواحد.. و للمقارنة نذكر بأن طناً من الزبدة لا يكلف سوى 100 فلورينة،، و سُجل رقم قياسي ببيع بصلة شهيرة باسم quot;سمبر أوغسطينquot; مقابل 6.000 فلورينة.
مع حلول عام 1636 دخلت الأبصال السوق المالي في كثير من بلدات هولندا ليتم تداولها هناك، مما شجع كافة فئات المجتمع على الدخول بأموالهم أو بممتلكاتهم للمضاربة عليها. و حقق بعض المضاربين أرباحاً ضخمة. و آخرون خسروا كل أو ما يزيد على ما كانوا يملكونه. لقد قام البعض ببيع أبصال التوليب التي زرعوها للتو، و باع آخرون أبصال التوليب التي ينوون زراعتها!! فيما يشبه تداول العقود الآجلة، و قد وصفت هذه الظاهرة بأنها (قبض ريح) أو quot;تداول الهواءquot;.
في شباط/فبراير من عام 1637 لم يعد متداولوا البصل يحصلون على عروض شراء أعلى مقابل البصل، و بدأوا البيع. لقد انفجرت الفقاعة. و أخذ الشك يراود الناس بأن الطلب على بصل التوليب سيختفي، و هذا ولد ذعراً عارماً. أصحاب العقود الآجلة باتوا يحملون عقوداً لا يساوي سعرها الحالي عُشر ما نصت عليه العقود، و كثيرون آخرون ما لبثوا أن وجدوا أنفسهم يحملون أبصالاً لا تساوي قيمتها جزءاً صغيراً من السعر الذي دفعوه للحصول عليها. و حسب ما زعم، فإن آلاف الهولنديين، بمن فيهم رجال الأعمال و أصحاب المناصب، انهاروا مالياً.
بُذلت محاولات لتصحيح الوضع بما فيه مصلحة كل الأطراف لكنها باءت بالفشل. بعض الأفراد تورطوا بالأبصال بعد أن حصل الانهيار، و ما من محكمة ستجبر أحداً على تسديد قيمة العقود الآجلة، فالقضاة اعتبروها عقود مقامرة، لا تحظى بحماية القانون.
نسخ مشابه من جنون التوليب اجتاحت باقي مناطق أوروبا، لكنها لم تبلغ ما بلغته الأمور في هولندا. ففي إنكلترة عام 1800 كان من الشائع أن يشتري المرء بصلة توليب واحدة بمبلغ يكفي عاملاً وعائلته حاجتهم من الطعام و الشراب و الملبس طوال 6 أشهر.
بورصة الحمير
يحكى إن رجلا ذهب إلى قرية نائية، عارضا على سكانها شراء كل حمار لديهم بعشرة دولارات، فباع قسم كبير منهم حميرهم، بعدها رفع الرجل السعر إلى 15 دولارا للحمار،فباع آخرون حميرهم، فرفع الرجل سعر الحمار إلى 30 دولارا فباع باقي سكان القرية حميرهم حتى نفذت الحمير من القرية. عندها قال الرجل لهم أشتري منكم الحمار بـ50 دولار ثم ذهب إلى استراحته لتمضية أجازة نهاية الأسبوع. في هذا التوقيت جاء مساعده إلى القرية وعرض على أهلها أن يبيعهم حميرهم السابقة بـ 40 دولار للحمار الواحد. فقرروا جميعا الشراء حتى يعيدوا بيع تلك الحمير للرجل الذي عرض الشراء منهم بـ 50 دولار للحمار، لدرجة أنهم دفعوا كل مدخراتهم بل و استدانوا جميعا من بنك القرية حتى أن البنك قد أخرج كل السيولة الاحتياطية لديه، كل هذا فعلوه على أمل أن يحققوا مكسب سريع. ولكن للأسف بعد أن اشتروا كل حميرهم السابقة بسعر 40 دولارا للحمار لم يروا الشاري الذي عرض الشراء بـ 50 دولار ولا مساعده الذي باع لهم. وفي الأسبوع التالي أصبح أهل القرية عاجزين عن سداد ديونهم المستحقة للبنك الذي أفلس وأصبح لديهم حميرا لاتساوي حتى خُمس قيمة الديون،بمعنى آخر أصبح في القرية ديون وحمير...!
هامش
قضاء الهندية (طويريج ) أول قضاء في العراق، تنقل اداريا بين محافظتي بابل وكربلاء حسب مزاج السياسيين، ولكنه ظل ثابتا على ضفاف الفرات،اشتهر بسدته quot; سدة الهندية quot; وقشطته quot; گيمر السدة quot;،وبمغنيه وأطوار غنائه العذبة.
معلومات الحكاية الأولى من quot; ويكيبيديا quot;، أما الثانية فمن مدونه على الانترنت،مجهولة المصدر.


ضياء حميو
[email protected]