إذا كان العراق قد تمرّغ بعد تحريره بquot;وحلquot; سياسات عراقييه الجدد مرةً واحدة، فإنّ العراقيين الذين وقعوا تحت رحمة خط المادة 140، والتي تسمى مناطقهم بquot;العراق المتنازع عليهquot;، قد تمرّغوا في وحل ذات السياسات ومن ذات السياسيين المتنازعين أبداً مرتين، أو أكثر:
مرةً لأنهم عراقيون كسواهم من بني جلدتهم المبتلين بحريتهم المفترضة، وأخرى لأنهم مندرجون تحت خانة quot;المختلفينquot; على هويتهم القومية ضمن حدود العراق الواحد، وبالتالي على انتمائهم لquot;بغداد العربيةquot; أو لquot;هولير الكرديةquot;.

لهذا وبحكم هذا التنازع السياسي بين العراقَين العربي والكردي، على الباقي المختلف عليه(على هويته القومية بالطبع) من العراق، عانى سكان هذه المناطق معاناة مزدوجة.
فلم يعانِ هؤلاء العراقيون المختلف أو المتنازع عليهم، إرهاباً وقتلاً مزدوجاً فحسب، وإنما عانوا أيضاً إهمالاً مزدوجاً ولامبالاةً مزدوجة من قبل الإدارتين(بغداد وهولير) أيضاً.
فبغداد لم تعر بهذه المناطق وأهلها أيّ اهتمام جدّي، من شأنه يحقق لهم بعضاً من الحياة والأمن والإستقرار، ربما لإحساس منها بأنها مناطق عائدة إلى هوليرquot;هاquot;، عاجلاً أم آجلاً، أو لأنها مناطق quot;غير موثوقquot; بالمستقبل من قرارها ووجهتها. أما هولير، فهي الأخرى، أهملتها وأدارت ظهرها لأهلها(سوى في الكلام والشعارات التي تسمن ولا تغني)، بحجة أنها لا تزال تابعة لإدارة بغداد، علماً أنّ هذه المناطق، هي في أغلبها، واقعة عملياً، تحت قبضة الحكومة الإقليمية، وتدار بعض أقضيتها بأوامر مباشرة من الفوق الكردي في هولير.

هكذا ضاعت حقوق العراقيين هؤلاء، الزاجّين بهم في حدود المادة 140، بين سياسات المركز من العراق وإقليمه الكردي.

بعد تعليق حل مشكلة كركوك وما حواليها وإقرار مصيرها عملياً، وكما تشير كل الوقائع على الأرض هناك، إلى أجل غير مسمّى، عادت مشكلة الموصل والإختلاف على بعضٍ من أقضيتها، الآن، إلى واجهة الأحداث، لتصبح المشكلة الأكثر إثارةً للخلافات، هذه الأيام، بين عراق بغداد وعراق هولير.

المشكلة في ظاهرها، بحسب الطرف الكردي، تكمن بأسها وأساسها في quot;استئثارquot; الطرف العربي الممثل بقائمة الحدباء الفائزة ب19 مقعداً، ورئيسها أثيل النجيفي، الذي quot;همّشquot; أصوات قائمة نينوى المتآخية(التحالف الكردستاني) الفائزة بالإنتخابات المحلية الأخيرة بثلث مقاعد مجلس المحافظة(12 من أصل 37)، وquot;حرمّquot; نوابها من شغل أية مناصب إدارية تُذكر.
أما الطرف العربي وعلى لسان محافظ الموصل الجديد أثيل النجيفي، فيسمي مجلسه الجديد، بquot;المجلس المنبثق عن نتائج الإنتخابات والعملية الديمقراطيةquot;.
ففي الوقت الذي يصف فيه البعض الكردي(خسرو كوران نائب المحافظ السابق مثلاً) النجيفي بquot;المراهق السياسيquot;، ويتهمه البعض الآخر بأنه quot;اغتالquot; الديمقراطية، عبر أقصائه الكامل لرأي وإرادة ثلث مجلس المحافظة، فإنّ النجيفي بدوره لا يدخّر جهداً بوصف الأكراد بquot;اللاديمقراطيينquot;، وبأنهم quot; quot;لا يستطيعون التنافس في مناخ ديمقراطي، ولهذا يحاولون اللجوء الى الترويع لإزاحة الآخرين وفرض هيمنتهم في هذه المناطقquot;(إيلاف، 13 أبريل 2009).

الصراع على نينوى بين عربها وأكرادها لم يتوقف عند حدود التصريحات الإعلامية فحسب، وإنما امتد الخلاف وتوسع إلى حد مقاطعة قائمقائمي ثلاثة أقضية شنكَال والشيخان ومخمور(16 وحدة إدارية، والعدد مرشح للإرتفاع) لمجلس المحافظة الجديد. بعضهم(قائمقام شنكال دخيل قاسم حسون مثلاً) ذهب أبعد من المقاطعة وهدد بquot;الإنفصالquot; عن quot;الموصل العربيةquot; والإنضمام إلى هولير الكردية، وحذر من quot;إنقسام نينوى إلى محافظتينquot;، إذا لم تنصاع الحكومة المحلية لمطالب قائمتهم.

بالبحث في دوافع هذا quot;الإستئثار العربيquot; بالسلطة من جهة قائمة الحدباء ورئيسها المسمّى بquot;الرجل القويquot; في الموصل، سيكتشف المراقب بأنه quot;استئثار رد فعلquot; على quot;أفعال الأكراد وعمائلهمquot; في الموصل في فترة الحكومة المحلية السابقة التي كان يشكل الأكراد فيها ثقلاً كبيراً، وذلك بسبب مقاطعة العرب السنة لإنتخابات 2005.

quot;النصر الكرديquot; في الإنتخابات السابقة، آنذاك، حيث حصد التحالف الكردستاني 31 مقعداً من أصل 41، اعتُبر من جهة الغالبية العربية السنية quot;احتلالاً كردياًquot; للمحافظة، وهو الأمر الذي أجج من نار quot;العقدة القوميةquot; بين أبنائها بعربها وأكرادها. وما شهدته الموصل من عمليات قتل على الهوية، وتهجيرٍ وتدمير في عموم أرجاء المحافظة، هي خير شاهدٍ على ذلك.
من هنا يمكن فهم مغزى مانشيتات بعض الجهات والقنوات الإعلامية المحسوبة على quot;التيار السنيquot; في العراق، التي لم تخفِ فرحتها بعد فوز قائمة الحدباء بquot;ثلثيquot; مقاعد المجلس، بquot;عودة الموصل إلى أصحابهاquot;. فquot;عادت الموصلquot;، كمانشيت، يعني على مستوى quot;العقدة القوميةquot;، quot;استرجاعهاquot; من quot;الدخلاء المحتلينquot; إلى أهلها الأصليين الحقيقيين!

وربما تجاوزاً لهذه العقدة، أو على الأقل لquot;تأجيلهاquot; وquot;تسكينهاquot;، وquot;تهدئةquot; نارها، تقاسم الأكراد(الذين كانو يشكلون آنذاك الأغلبية الساحقة) السلطة مع عربهم وفقاً لمبدأ quot;التوافقquot; أو ما يسمى بquot;الديمقراطية التوافقيةquot;، المعروف والمعمول بها في عموم العراق.

عدم مراعاة النجيفي لهذه quot;الديمقراطية التوافقيةquot; التي تمّ وفقها تقاسم كل العراق بين ثالوث الحكم الشيعي+السني+الكردي، وركوبه لquot;ديمقراطية الأغلبيةquot; التي تبتلع ولا تحترم حقوق الأقلية، أثار ردود أفعال كثيرة في الجانب الكردي.
قائمقام الشيخان مثلاً، وهو واحدٌ من القائمقامين الثلاثة المقاطعين للحكومة المحلية الجديدة، قال في تصريح صحفي له: quot;أنّ الحكم في عموم العراق قائمٌ على مبدأ الشراكة والتوافق ولا يجوز لأية فئة أن تستأثر بالسلطة وتستفرد بزمام الأمورquot;. ومطالب قائمتهم، بحسب نرمو، quot;ليست تعجيزية أو غير دستورية، طالما أنّ لديهم ثلث مقاعد مجلس المحافظةquot;.

فالقاعدة في العراق، هي أن يتوافق الكل على الكل، وأن يشترك الكل في الكل، وأن يتمقرط الكل مع الكل. عليه لايمكن أن تكون نينوى، حسب هذا الرأي، في هذا quot;العراق القاعدةquot; استثناءً.

أصحاب هذا الرأي، على مستوى هذا quot;العراق المتوافقquot;، محقون في دعوتهم هذه نسبياً، طالما أنّ العراقيين، اتفقوا فيما بينهم، هكذا أن quot;يتوافقواquot; في الديمقراطية، مع العلم أنّ الديمقراطية، في إعتقادي، لا تعرف التوافقية أصلاً، والتوافقية لا ولن تؤدي بركابها إلى الديمقراطية بأية حالٍ من الأحوال.

فالمسألة بأسها وأساسها، لا تكمن، في غياب أو حضور quot;الديمقراطية التوافقيةquot;، بقدر ما تكمن في غياب ونسف مبدأ quot;المواطنة العراقيةquot;، في العراق بعامة، وquot;عراق الموصلquot; بخاصة.

في الوقت الذي يقاطع فيه الأكراد الحكومة الجديدة، لأنها ذات quot;توجهات عروبيةquot;، وأقصتهم من المناصب الرئيسية في المجلس، أسأل الحكومة المحلية السابقة، التي كان الأكراد ممثلين فيها ب31 مقعداً من أصل 41، أي بنسبة 75%، وكان نائب المحافظ كردياً، أسألها ماذا قدمت هذه quot;الحكومة المحروسةquot; لمناطقها وأقضيتها الكردية مثلاً(بما فيها الأقضية الثلاث المقاطعة للحكومة الجديدة الآن) قبل الأقضية العربية، من أمنٍ واستقرارٍ وخدمات ومستلزمات حياة؟

في شنكَال السيد دخيل قاسم حسون، الذي يهدد الحكومة المركزية، الآن، ويحذرها من انقسام المحافظة إلى محافظتين، واحدة كردية وأخرى عربية، ويحمّل قائمة الحدباء مسؤولية تردي الأوضاع الأمنية بنينوى، تعرّض سكانها بناحيتي كري عزير وسيبا شيخ خدري، في quot;عزّquot; فترة حكم أكراده برئاسة نائب المحافظ السابق خسرو كوران(بتاريخ 14.08.07)، لأكبر عملية إرهابية في كل العراق منذ التاسع من نيسان 2003، والتي سمتها بعض الجهات الإعلامية العالمية(كإذاعة هولندا العالمية مثلاً) بquot;الضربة النوويةquot;، حيث راح ضحيتها أكثر من 800 شخص من أكراده الإيزيديين بين قتيلٍ وجريحٍ ومعوّق، بالإضافة إلى تدمير العشرات من المنازل والمحال التجارية.
هذا فضلاً عن حرمان سكانها الشنكَاليين المنكوبين من مخصصاتهم التموينية، لفترات متتالية، بسبب سيطرة الجماعات الإرهابية على الكثير من المنافذ والطرق المؤدية إليها.

وكذلك الأمر في الشيخان، حيث تعرض أبناؤها الكرد الإيزيديون، في زمن quot;حكومة نينوى الكردية) على أيدي أكرادهم، وبتدبير من جهات مسؤولة وأشخاص متنفذين في الحكومة المحلية، بحسب بعض المصادر، لأبشع quot;إرهاب ديني طائفيquot;، في تاريخ المنطقة القريب.
خسرو كوران المعروف بالرجل الكردي القوي، والشخص الثاني في المحافظة، آنذاك، اتُهم من قبل البعض، بشكل مباشر، بquot;التقصير الكبيرquot; في التعاطي مع الحدث، وذلك حين حوّل quot;الإرهاب الشيخانيquot;، في تصريح له على قناة تلفزيوينة عراقية، إلى مجرد quot;خلاف عشائري بسيطquot;.
ورغم فداحة الإرهاب الذي وصل إلى حد إعدام وحرق بعض المقدسات الدينية، الذي كاد أن يؤدي بموزاييك المنطقة إلى حافة quot;الفتنة الكبرىquot;، لم يُقدّم للآن أي شخص مسؤول في quot;حكومة كَورانquot; للمحاكمة quot;الشفافةquot;(أو دونها)، كما وعد البعض المسؤول في لجنة تقصي الحقائق quot;الصوّرية آنذاك، وكأنّ quot;اللي ضرب ضرب واللي هرب هربquot;.

ذات التراجيديا الموصلية، عاشتها مكونات إثنية ودينية أخرى، كالمسيحيين على سبيل المثال لا الحصر، اللذين لا يزالون يتعرضون لذات القتل وذات التهديد والوعيد.

لا أريد بالطبع، ههنا، أن أبرر quot;حاضر الحكومة الحاليةquot; الذي بدأ لتوه، بquot;ماضي الحكومة السابقةquot;، أو أن أجمّل quot;حاضر النجيفيquot; بتقبيح quot;ماضي كَورانquot;، بقدر ما أريد أن أقرأ الواقع بالوقائع والأرقام.

في العراق، كلٌّ يغني على ليلاه..هذا يغني على quot;ليلى قوميتهquot;، وثانٍ يغني على quot;ليلى دينه وطائفتهquot;، وثالث يغني على quot;ليلى حزبه وجماعتهquot;، ورابع يغني على quot;ليلى ليلتهquot;.
والمتابع للخط البياني للعلاقات بين حكومتي بغداد وهولير، سيلحظ بأنه كلما اشتد الخلاف بينهما، كلما سارع الطرفان إلى اللعب بquot;الأوراق القوميةquot; لحسم المعركة.

والحال، فإن quot;العصبية القوميةquot; هي حصان طروادة تحت الطلب، يلجأ إليه القائمون على الفوق الحاكم في كلٍّ من بغداد وهولير، كلما اقتضت الضرورة السياسية لركوبه، وكأن المسألة هي مسألة صراع بين quot;العربيquot; وquot;الكرديquot;، لتضيع في المنتهى، حقوق الإثنين، كمواطنين في عراقَيهم، العراق العربي والعراق الكردي معاً، في الحروب الكلامية، والمعارك الدونكيشوتية الدائرة بين quot;ملوك الطوائفquot; والأحزاب، والتي سرعان ما تبدأ بالإختلاف لتنتهي توافقياً إلى الإئتلاف، وكأن شيئاً لم يكن.

كردستان التي تعيش quot;حريتهاquot; وشبه دولتها، منذ 18 عاماً مثلاً، أثبتت للقاصي والداني، وللبعيد قبل القريب، بأن quot;الكردية الأكيدةquot; لا تكفي أن تجعل من صاحبها في quot;كردستان الأكيدةquot;، quot;مواطناً أكيداًquot;. فليس كل من حمل كردستان على ظهره، أيام الجبل الصعب، نعِم بنعيم كعكتها. فكما الثورة في أرجاء العالم قاطبة أكلت الكثيرين من أبنائها، كذلك كردستان أكلت ولا تزال تأكل أكرادها. وكذا الحال، في الجهة الأخرى العربية من العراق أيضاً، حيث بغداد التي أدارت ظهرها للكثيرين ممّن دفعوا الغالي والنفيس لأجلها.

جميل بالطبع، هو أن تكون أنت نفسك، عربياً، أو كردياً، أو أمازيغياً، أو غجرياً، ولكن الأجمل هو أن تكون نفسك، مواطناً حراً، لك ما لك وعليك ما عليك.

ردة الفعل quot;العروبيةquot; التي ركبها السيد النجيفي، في المقابل، والتي أبعد فيها ثلث المجلس من صنع قراره، هي الأخرى دون أدنى شك، quot;خطوة ثأريةquot; من قبيل غسل الدم بالدم، وليست في محلها. فهي قطعاً غير مبررة، ولا يمكن لها، أن تكون الحل لquot;عقدة الموصلquot;. لأن إقصاء مكوّن أساسي(أياً كان هذا المكوّن) عن قرار المجلس، هو مشكلٌ بحد ذاته، ولا يمكن له أن يكون طرفاً في الحل بأي حالٍ من الأحوال.

الظاهر من مباحثات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، هذه الأيام، مع طرفي الصراع الموصلييَن، والتي لم تسفر حتى اللحظة عن أية نتائج مثمرة تُذكر، هو أنّ الطرفين سيخرجان بالإتفاق على quot;حكومة توافقيةquot;، كما هو حال كل الخلافات التي تنتهي بين بغداد وهولير إلى شراكة توافقية، تفرضها طبيعة quot;النظام الديمقراطي التوافقيquot;، الذي يمشي عليه كل العراق.

هذا التوافق المأمول به، لن يجلب الحل المرتجى، برأيي، لquot;عقدة الموصلquot;، طالما أنّ هناك quot;موصل مختلف أو متنازع عليهاquot;. فالأقضية الثلاث التي قاطعت الحكومة الجديدة وهددتها بquot;الإنضمام الممكنquot; إلى هولير، هي من الناحية الفعلية تؤتمَر بأوامرها، وهي في الحقيقة من تعيّن وتقيل مَن تشاء من مسؤوليها، من القائمقام إلى أصغر موظف في البلدية، فضلاً عن أنّ أكراد هذه الأقضية، قد صوتوا في جميع المعارك الإنتخابية العراقية السابقة، لصالح القائمة الكردية، وهو ما يعني استفتاءً صريحاً على تقريرهم لمصيرهم، بالإنضمام إلى هولير عاجلاً أم آجلاً.

فقبل أن يتوافق الطرفان على منصب ثقل quot;قوميةquot; بعضيهما البعض، في الحكومة الموصلية الجديدة، عليهما أن يتوافقا، على المساواة بين جميع مكونات الموصل، عرباً وأكراداً وتركماناً وآشوريين وكلدانيين، مسلمين وإيزيديين ومسيحيين وشبك، بإعتبارهم مواطنين عراقيين، بالدرجة الأولى، يحتاجون إلى أبسط مستلزمات الحياة، وإلى أن يعيشوا في سلامٍ وأمان، خارج خطر الإرهابيين.

بعيداً عن quot;لوثة القوميةquot; وصراع العراق ضد العراق، وبصرف النظر عن صراع قائمة النجيفي العربية ضد قائمة كوران الكردية، سيكون(على ما أذهب) من الأفضل للحكومتين المركزية والإقليمية، تجزئة المادة 140، وذلك بفصل قضية كركوك الأكثر من صعبة، والتي حوّلتها أمريكا بفعل أجندتها الخاصة إلى قضية أكثر من شائكة وأكبر من العراق، عن قضية المناطق الأخرى المتنازع عليها، كشنكال وشيخان ومخمور مثلاً(الأقل شأناً من وجهة نظر مهندسي السياسة الأمريكية)، والتي هي مناطق شبه محسومٌ أمرها، سواء من جهة تبعيتها لكردستان وانقيادها الفعلي لها، أو من جهة ربط سكانها لمصيرهم بمصير هولير.

فأول الطريق إلى الحل، برأيي، هو إخراج هذه المناطق من تحت وطأة الإزدواجية الإدارية التي تؤجل مستبقل الخدمات والبناء فيها إلى أجل غير مسمى، تحت ألف حجة وحجة. فلايمكن للمواطن quot;المزدوجquot; عملياً في هذه المناطق(الذي صوته مع هولير فيما أرادته تقررها بغداد)، أن يطالب بحقوقه، طالما أنها حقوق متحركة غير ثابتة، لا مستقرّة، ضائعة بين هولير وبغداد.

في كل المعارك الإنتخابية التي جرت في العراق منذ تحريره حتى الإنتخابات المحلية الأخيرة، صوّت الناخبون في الأقضية الموصلية الثلاث، شنكال وشيخان ومخمور، بأغلبية ساحقة، لصالح قائمة التحالف الكردستاني، وحين يطالب الناخب الكردي نوابه المنتخبين من لدنه، بإستحقاق حقوقه، فسرعان ما يصطدم من المسؤولين الأكراد، بالكليشيه الجاهزة دائماً وأبداً: quot;المشكلة تكمن في أن الحكومة المركزية هي المسؤولة عن إدارة مناطقكمquot;!
والسؤال هنا، هو، لماذا لا تسلّم بغداد إدارة هذه المناطق إلى هولير، التي هي خاضعة أصلاً لنفوذ بيشمركتها، وسلطة إدراييها المعيّنين، رسمياً، بقرارها؟
لماذا كل هذا الإختلاف، على مناطق محسومٌ أمرها، فعلياً على أرض الواقع، كما تشير الوقائع والأرقام على الأرض؟
أوَليس من الأفضل، أن يُسلّم مصير مواطني هذه المناطق إلى عاصمة واحدة مسؤولة عن إدارة مناطقهم، لتقديم ما يمكنها تقديمه، بدلاً من ضياع كل الحقوق الممكنة وغير الممكنة، في الحدود الفاصلة بين العاصمتين؟
إلى متى سينسحق المواطن في هذه المناطق بين مطرقة بغداد العربية وسندان هولير الكردية؟
أما آنَ للمواطن العراقي أن يقول كلمته: هذا هو أنا..أنا هو صوتي في عراقي
الذي أريد له أن يكون؟


هوشنك بروكا

[email protected]