عظيمة وهائلة ومريرة..هي آلام العراقيين مع الإحتلال وممارساته المباشرة أم المستترة تحت واجهة عملائه الحاكمين في العراق منذ 2003 ولحد الآن.
منذ حوالي الثلاث سنوات وأنا أعايش مأساة تعرض لها صديق عزيز لي وعائلته وأهله ببغداد وذلك حينما نفذ مجهولون عملية خطف ولديه في وضح النهار وسلبوهما مبلغا من المال كانا يحملانه لبعض أعمالهما التجارية، وانقطعت أخبار الولدين حيدر وسيف ولم تجد مساعي الوالد وبكل الإتجاهات في معرفة شيء مؤكد عن مصيرهما وكنت على تماس ولو من بعد مع هذه المصيبة التي حدثت مع مصائب أخر حصلت في محيط عائلتي وأقاربي ببغداد تراوحت ما بين التصفيات الدموية والخطف وإنقطاع أخبار المخطوفين..
لا أريد أن استعرض علاقتي التاريخية الطويلة مع أخي العميد المهندس المتقاعد نوري جاسم المياحي والتي بدأت منذ اليوم الأول لدوامنا طلابا في كلية الهندسة بجامعة بغداد بتاريخ 10/10/ 1959! ومستمرة لحد الآن والحمد لله،، وقد كنا رفيقين في موكب النور والدم والتضحيات في تلك الأيام الصعبة وما أحاط بها من عنف وتحديات مصيرية
ليست هذه الكتابة هدفها استعراض علاقتنا الأخوية الشخصية وإنما هدفها هو أن أوصل للقارئ الكريم بعضا مما كتبه صديقي (أبو حيدر) عن مجمل آخر تطورات محنته الرهيبة خلال الأيام القريبة الماضية خصوصا بعد مداهمة بيته وترويع عائلته من قبل قوات الإحتلال الأمريكي وهم نيام في الليل بحجة السؤال عن ولديه الغائبين!!،تاركا للمواطن العراقي والعربي حرية الإستنتاج للتعبير عن تعاطفه الأكيد مع ضحايا هذه القضية العادلة وكل العراقيين الواقعين تحت سطوة الإحتلال وعملائه الخونة، مدرجا أدناه رسالتي السيد العميد نوري جاسم المياحي وكما وردتا وبالتاريخ المؤشر كما يلي:-
1-الرسالة المؤرخة في 30/4/2009
تضامنوا مع الابرياء ndash; نوري جاسم المياحي
بالرغم من تصاعد الاصوات داخل العراق وخارجه للوقوف الى جانب فقراء العراق،، لكن لاحياة لمن تنادي،، بالامس اصدرت الامم المتحدة تقريرها لحقوق الانسان للنصف الثاني لعام 2008 وفيه تدين انتهاك احقوق المعتقلين في سجون العراق العلنية والسرية،،، كما ان الرئيس اوباما اصدر اوامره باغلاق السجون السرية وهذا اعتراف ضمني بوجودمثل هذه السجون (وبالتاكيد للعراقيين فيها حصة الاسد)،،، وعرقيوا الداخل يوميا يكتشفون سجون جديدة تبنى او تؤهل،،، ففي بغداد وحدها هناك عدد من السجون لايعد ولايحصى،،،منها سجون عملاقة تستوعب عشرات الالوف من السجناء والمعتقلين،،، كسجن ابو غريب السيء الصيت ( المسمى حاليا سجن بغداد المركزي ) وسجن التاجي وسجن خان بني سعد وغيرها والتي تسمى باسماء مناطقها كمعتقلات الرضوانية والزعفرانية والكاظمية والبلديات والنسور وساحة الطيران والكرادة و مطارالمثنى،،وعدد اخر غير معروف لاتعد ولاتحصى،،، اما المعتقلات الامريكية فهي غير معروفة ما عدا معتقل كروبر في مطار بغداد الدولي،،، ومن هذا يستنتج القاريء الكريم ان العراق قد تحول الى سجن كبير،، والعراقي الفقير والمسكين الذي يرميه سوء حظه العاثر في احد هذه المعتقلات فاقرأ عليه السلام فيصبح نسيا منسيا،، لاهو يستطيع الاستنجاد ولاعائلته تستطيع انقاذه او مد يد العون اليه،،، سواء كان مجرما او بريئا،،المداهمات من قبل القوات الامريكية منفردة او بالاشتراك مع القوات العراقية،، اصبحت ظاهرة يومية لم يسلم منها اي عراقي بحجة التفتيش عن السلاح او مشبوهين،،، حتى انا كاتب هذا المقال وقبل اسبوعين داهمت القوات الامريكية داري في الساعة الثالثه صباحا ( وكما اخبرني الجيران ) صاحب المداهمة اطلاق نار من البنادق الخفيفة والمتوسطة ( كاننا في ساحة حرب ) وكنا نيام لاننا عائلة مسالمة ليس لدينا ما نخشاه ولم نستيقظ الاعند سماعنا صوت انفجارات القنابل الصوتية،،، وبعد ان خرجت سمعت المترجم العراقي ( او الجاسوس )المقنع وهو يكيل السباب والفشار ( لم يترك عبارة مسبة وشتيمة وفشار في القاموس العراقي الا وذكرها ) وقد حاولت الاحتجاج ولكن توسلات نساء العائلة اسكتتني،،و بحيث اثار غضب واستنكار اهالي المحلة لما تفوه به،، تمت المداهمة والتفتيش وفردشة كل شيء وتركونا حائرين ما السبب والدوافع وراء هذه المداهمة؟؟؟ وكنا محظوظين لانهم لم يقتلوا احدا او ياخذوا احدا اويعتدوا علينا،،، اما ما يحدث مع الاخرين عندما ياخذون احد افراد العائلة،،، فهنا الطامة الكبرى،، فلا تعرف العائلة مصير ابنها او اي جهة تراجع،، ويبقى هو وحظه العائر،،، مصير مجهول لاهو متهم ويحاكم ويصدر الحكم بحقه او بريء يطلق سراحه،،، وقد قراتم تصريح الناطق الرسمي باسم المعتقلات الامريكية عندما قال يوجد في السجون الامريكية 12000 معتقل عراقي اكثر من نصفهم ابرياء،، اما من يقع في قبضة اجهزة الامن العراقية فحدث ولا حرج،، وعلى العموم فالمعتقل سواء كان في المعتقلات العراقية او الامريكية وعدد هؤلاء بعشرات الالاف بلا تهم محددة وبلا محاكمات عادلة والبعض منهم مجهول الاسم والهوية ومنذ اكثر من اربع سنوات محروم من حق الدفاع عن نفسه،، متروكين الى رحمة المحققين والقضاة ومعاناة الجرب الذي ياكل اجسادهم،،، لم تنفع مناشدة رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي ولا مناشدة اعضاء مجلس النواب ولاتظاهرات الاهالي في النجف والانبار،، ولا احتجاجات الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان ولا اعتصام وتمرد المعتقلين في المعتقلات كل هذه الاصوات ذهبت ادراج الرياح وكان لاحياة لمن ننادي،،، يريدون تحقيق الامن وفي كل ساعة عملية تفجير مجرمة يذهب ضحيتها عشرات الابرياء،، وتفتح المعتقلات لاستقبال موجة جديدة من المشتبه بهم،،، اما المجرمون الحقيقيون فعلى راحتهم يسرحون ويمرحون ولا احد يعرف متى واين سيسقط عشرات من فقراء العراق الابرياء،،، اناشد كل كاتب حر عراقي شريف ان يدافع عن حقوق المعتقلين الابرياء والمنسيين في سجن العراق الكبير،، انا لاادعوكم للدفاع عن حقوق معتقل مسلم او مسيحي او عربي اوكردي او سني او شيعي وانما اناشدكم للدفاع عن العراقي مهما كانت هويته وانتمائه،،، وهذا اقل مايمكن تقديمه للتضامن مع المظلومين..
2-الرسالة الثانية في 3/5/2009..
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سادتي الكرام
اشكركم على تعاطفكم مع قضية الابرياء من معتقلي شعبنا وهذا ليس غريبا على شيمتكم وحميتكم العربية في نصرة المظلوم،،،
لابد وانكم سمعتم وقرأتم خبر الهاربين من سجن ابوغريب الذي تناوله الاعلام وكذبته وزارة العدل بلا خجل لان كل اهالي ابو غريب سمعوا بعملية الهروب وقبل نشرها في الاعلام،،، لان الخبر صحيح فعلا،،وللاسباب التالية:
اولا ndash; قبل حوالي اسبوعين داهمت الفرقة القذرة الامريكية كما يسميها اهل ابوغريب داري يفتشون عن مشبوهين
تانيا ndash; في الصباح علمت من الجيران ان الامريكان القوا القبض على شخص على سطح الجيران المشترك مع سطح دكاكين في بستاني ويضربونه سائلين عن مكان اخيه
ثالثا ndash; عند المداهمة سالني الضابط الامريكي هل لديك ولدين مفقودين واين هما الان؟؟؟ فاجبته بنعم وهم عندكم وشرحت له قصة اختطافهم وسرقة اموالهم في منطقة الفضيلية قبل ثلاث سنوات،، عندها ابتسم ابتسامة صفراء لاحظتها العائلة كلها واراني صور لشخصين لم أعرفهما
رابعا ndash; مما جلب انتباهي وصف الشخص الملقى القبض عليه،، انه قصير ويعرج،،وهذه الاوصاف تنطبق على احد اولادي ومغطى الرأس اخذوه عند المجاورين لبستاني ولم ياتوا به عند مداهمة داري،، فلماذا؟؟؟
خامسا ndash; بعد اذاعة خبر الهروب الجماعي،، بدات استقصي المعلومات عن عملية الهروب وتاريخها... فتاكد لي ان عملية هروب وقعت وفي تاريخ المداهمة لداري...
وبما انني عراقي وبلدي محتل ولا حول ولاقوة لي و لعشرات الالوف من عوائل المعتقلين والمفقودين والمغيبين في السجون العراقية والامريكية السرية والعلنية لم اجد امامي غير المناشدة والدعاء
سادتي الكرام
قد يتصور البعض ان القضية شخصية بينما هي تهم الشعب العراقي بكافة طوائفه.. ان الطريقة الامريكية التي طبقوها في غوانتنامو ونقلوها للعراق وافغانستان والتي تصر على ان ابنائنا ارهابين وعبارة عن ارقام دمرت شعبنا ومع الاسف الشديد سار على منوالها عملاء ايران في السلطة الحاكمة.. ان تصدي الاستاذ الهاشمي وكتلة التوافق لايكفي.. لسبب بسيط ان خطة بايدن لتقسيم العراق الى ثلاثة اقسام سنية شيعية كردية طبقوها حتى على السجناء في سجونهم... يساعدهم في ذلك العملاء... انني كسياسي اقترح استغلال عملية الهروب وتمرد سجناء سجن المعقل واعتراف المشرف على السجون الامريكية بان نصف المعتقلين لديهم هم ابرياء وضحية المخبريين السريين وحتى اعتراف المالكي بذلك كما ان التسويف والمماطلة في تطبيق قانون العفو العام على الابرياء في الوقت الذي استفاد منه الحرامية والفاسدين...كل هذه تدفعني لاقتراح اثارة ضجة اعلامية في مجلس النواب وفي الفضائيات من خلال تشكيل كتلة قوية تضم التوافق والعراقية والحوار والفضيلة والصدريين والعربية وربما كسب التحالف الكردستاني الى جانب هذه القضية العادلة وكي لاتفسر انها دعوة طائفية او بعثية من قبل عملاء ايران وامريكا من خلال مايلي
اولا ndash; التحقق من صحة المعلومات التي اوردتها اعلاه من قبل اعضاء الحزب الاسلامي وقواعده في ابوغريب -
ثانيا ndash;المطالبة باطلاق سراح كل من لم توجه له تهم
ثالثا ndash; المطالبة بعدم ابقاء المعتقل لسنوات بدون محاكمة
رابعا ndash; اعلان اسماء كافة المعتقلين واخبار عوائلهم بذلك مهما تكن التهمة الموجهه اليهم وعدم تغييبهم بلا اسم وهوية
خامسا ndash; اغلاق السجون السرية واجراء المحاكمات الاصولية والعلنية والسماح لعوائل المتهمين بتوكيل محامي الدفاع واستدعاء شهود الدفاع عن المتهمين
سادسا ndash; على الجهات الامنية محاربة الفساد الاداري بكافة اشكاله ومنع الوسطاء والمحامين ممن لاذمة ولاضمير لهم والذين يبتزون عوائل المعتقلين بكافة الوسائل
سابعا ndash; تحجيم دور المخبر السري وهذا ما اكده المالكي ومسؤول السجون الامريكية
ثامنا ndash; عدم الاخذ باعترافات المتهمين التي تنتزع تحت التعذيب الذي لايطيقه بشر وانما الاعتماد على الادلة المادية والبراهين الثبوتية والتي اكدتها الادارة الامريكية للجنة المشتركة من السي اي اي و اف بي اي عند زيارتهم الاخيرة للسجون الامريكية
تاسعا ndash; التاكيد على ضرورة قيام وزارة حقوق الانسان ولجنة حقوق الانسان في مجلس النواب بلعب دور رقابي حقيقي لحماية الانسان العراقي من براثن من لايخاف الله ووضع حد لوقف الانتهاكات...
( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) (صدق الله العلي العظبم )
العميد المتقاعد
نوري جاسم المياحي
انتهت رسالتا العميد المهندس المتقاعد نوري جاسم المياحي (أبو حيدر) وفيهما من الدقة والوضوح ما يجعل الضوء ساطعا وبشدة على جزء يسير وبسيط لما فعله ويفعله الإحتلال بالعراق والعراقييين تحت لافتات مشبوهة بإسم الحرية والديمقراطية،وقد تسلمت منه كذلك معلومات أخر منها بأن سجن (أبو غريب) السيء الصيت قد خصصته السلطة العميلة ببغداد للمعتقلين من العراقيين (العرب الشيعة) فقط وبلغ عددهم الآن حوالي الألفي معتقل في محاولة من هذه السلطة دق أسفين الفصل الطائفي والعنصري بين العراقيين حتى في المعتقلات والسجون!!،وهناك سجون ومعتقلات مخصصة للعراقيين العرب من (السنة ) ولغيرهم من الأطياف العراقية..
وما أريد قوله لكل الأحرار والشرفاء بأن أرفعوا أصواتكم ضد الظلم وتضامنوا مع المقاومين الصامدين في وجهه في العراق ولن يكون النصر إلا مع الحق الذي لا ريب فيه..
اسماعيل القادري
التعليقات