صدر فى أول مايو كتاب عادل الجندي quot;حكايات الاحتلال وتصحيح بعض المفاهيمquot; وهو عبارة عن بحث فى التاريخ المصرى منذ غزو/دخول العرب مصر يجمع ولكن بصورة أكثر تعمقا سلسلة من المقالات سبق ونشرها فى الصحيفة الالكترونية الشهيرة quot;ايلافquot;، ومن الدلائل على اهتمام القراء بالموضوع أن بلغت تعليقاتهم أكثر من 600 تعليق.
يحتوى الكتاب على مقدمة و ثلاثة عشر موضوعا رئيسيا هى:
فتحت سلما أو عنوة ndash; أمويون همجيون ndash; العباسيون وسحق المقاومة ndash; الولاة الأتراك: مزيد من المآسى ndash; الفاطميون ومغامرات الحاكم بأمر الله ndash; اضمحلال وزوال دولة الفاطميين ndash; صلاح الدين وحروبه ضد الكفار ndash; القبط فى معصرة الأيوبيين ndash; مصر بين العبيد والعربان ndash; دولة العبيد وأيامها السوداء ndash; جنة العثمانلية ndash; الصدمة البونابرتية ndash; محمد على ومحاولات الخروج من النفق المظلم وينتهى بخلاصة ليصل الى وماذا بعد ويرفق ملحق بتعليقات القراء السابق الاشارة اليها
يعطى الكاتب عنوانا للمقدمة هو quot;لماذا؟quot; والمقصود هو لماذا هذا البحث والآن؟
ويجيب قائلا quot;لا يمكن لأحد اعادة عجلة التاريخ للوراء فما حدث قد حدث وما نحن فيه هو نتيجة للماضى. والتاريخ عند الدول الناضجة ليس مجال تقديس بل يخضع لعملية مستمرة من البحث لتدقيق الأحداث ولاعادة تحليل المادة التاريخية والهدف ليس فقط فهم الماضى ولكن معرفة أثره على الحاضر والمستقبل وهذا لا يمنع الاعتراف بأخطاء الأقدمين وجرائمهم بل والاعتذار عنها ليس فقط لتطهير الضمير الجمعى ولكن أيضا لاعلان العزم على عدم التكرارquot;
ويضيف quot;أن كثير من ردود الأفعال لأى كلام عن تاريخ الأقباط تدل على قدر كبير من انعدام المعرفة وهذا يرجع الى الاسلوب التزويرى الذى يقدم به التاريخ اعلاميا وتعليمياquot;
ثم يستطرد الى أن quot;التمييز الدينى فى مصر ليس منقطع الصلة بالتاريخ فله جذور عقائدية وتاريخية وثقافية تغذيه وهذا ما يفسر المقاومة التى تتعرض لها مبادرات مقاومة التمييز الدينى ويضيف أن تأكيد المساواة فى المواطنة والقضاء على التمييز ليس منحة ولا منة من أحد بل سعيا لكى تتخلص مصر من هذا العار المشين، واذا كانت هناك رغبة فى تحسين مستقبل (وصورة) مصر فلن يحدث هذا الا بعد نفض قيم التخلف وعلى رأسها التمييز وخلط الدين بالدولةquot;
ثم يتعرض وفى ايجاز غير مخل للاجابة عن سؤال: من هم الأقباط؟ متتبعا أصلها المصرى القديم (الفرعونى) والتحور الذى طرأ عليها فى اللغة اليونانية الى أن غزا العرب مصر ويصل الى حقيقة تاريخية quot;كان العرب بعد دخول مصر يطلقون اسم قبط على أهل البلاد الأصليين، وفيما بعد باستخدام التعبير العربى الجديد (النصارى) أما من تحولوا الى الاسلام كان يطلق عليهم ببساطة (مسلم وأحيانا مسلمانى) حيث أن تعبير (العرب) كان حكرا على الغزاة وأن تعبير(القبط) يظهر لأول مرة حوالى سنة 750 م ليطلق على المسيحيينquot;
أما عن عروبة القبط والمصريين فيخلص الى أن المصريين اليوم هم سبيكة واحدة يستحيل اعادتها لعناصرها الأولية وهى فى هذا تختلف عن الخليط الذى يمكن فصل مكوناته عن طريق الغربلة مستشهدا فى ذلك بكلمات للراحل الدكتور جمال حمدان
ثم يتعرض لحالة الشك العميق التى يعانى منها المصريون حاليا اذ أصبحوا لا يعرفون من هم بالضبط وما هى هويتهم وماذا يجمعهم ويرى أن هذا هو الخطر الحقيقى الذى يجابه السبيكة المصرية والأخطر هو عمليات الفصل الكيميائى التى تجرى بلا هوادة لتفكيك السبيكة.
وكان لا بد وأن يتعرض للسؤال:كيف كان حال القبط منذ دخول العرب مصر؟ وهل كان هذا الدخول فتحا أم غزوا؟ وليجيب يطرح عديد من الأسئلة
1 ndash; هل تتوافق أوضاع الأقباط الحقيقية منذ دخول العرب مع الصورة التى تبرزها كتب التاريخ الرسمى؟
2 ndash; ما مقدار الحقوق الدينية التى تمتع بها الأقباط؟
3 ndash; كيف تعامل الحكام مع الأقباط فيما يتعلق بالجزية والخراج وباقى أنواع الجباية؟
4 ndash; كيف أثرت سياسات وممارسات الحكام على حياة الأقباط؟
5 ndash; كيف كان تأثير الغزو على لغة وديانة وهوية وحضارة المصريين؟
ويطمئن من يخشون أن مثل هذا الكتاب يوقظ quot;الفتنة النائمةquot; بقوله اننا أبناء اليوم وما حدث قد حدث ولن نعيد عجلة التاريخ ولكن من الضرورى أن يكون هناك حد أدنى من الاتفاق بشأن ما جرى من غزو وما تلاه من أحداث ومن الهام جدا أن يهتم العنصر الغالب فى السبيكة المصرية بتفهم ما مر به العنصر الآخر وهل من الممكن أن نصل الى تطهير الذاكرة الوطنية لنتصالح جميعا مع تاريخنا بما له وما عليه؟
فى نهاية الكتاب يعرض مقابلة بين مقولات مثل:
ترديد البعض لحسن معاملة الأقباط تحت الحكم العربى الاسلامى فى مقابل عناد الأقباط غير العادى واصرارهم على البقاء والى وجود بقايا حضارية ضاربة فى عمق التاريخ داخل ضمائر المصريين.
ترديد البعض أن الأقباط والمسلمين معا قاسوا من ظلم الحكام مقابل أن الأقباط قاسوا قبل أن يكون هناك مسلمون مصريون وانهم دائما يدفعون الثمن مضاعفا.
يحلو للبعض سرد حكايات عن قيام المسيحيين باضطهاد أتباع الديانات الفرعونية مقابل أن الحادثة الوحيدة التى يركزون عليها وهى مقتل هيباتشيا تظل أمرا استثنائيا يؤكد القاعدة الهامة وهى عدم اجبار أحد على اعتناق المسيحية
يردد البعض بأن دول العالم كله بما فيها الغرب المسيحى اضطهد أتباع الديانات والمذاهب المخالفة مقابل أن الخطأ لايبرر بخطأ آخر وأن العالم كله ومنذ قرون لم يعد يعرف أو يمارس الاضطهاد أو التفرقة
وينتهى الى أن الدافع الرئيسى لاصدار الكتاب هو أن المحاولات الجارية حاليا من جهات وهيئات وأفراد مثقفين ووطنيين ومنصفين لارساء قواعد المواطنة على أسس المساواة التامة لا تجد الصدى المناسب لذا كان من الضرورى الرجوع للوراء ومحاولة فهم الخلفية التاريخية لمعرفة العقبات وبالتالى تحديد متطلبات النجاح فهو ليس لاثارة الأحقاد ولا لايقاظ الفتن النائمة
ويحدد القصد من الدراسة فى النقاط الآتية:
لفت النظر الى أهمية رؤية حقائق التاريخ كما هى
ضرورة تطهير الذاكرة الوطنية وأن نتصالح جميعا مع تاريخنا بما له وبما عليه
دعوة العنصر الغالب فى السبيكة المصرية الى ادراك حجم المعاناة التى مر بها العنصر الآخر
دعوة الأقباط الى أنهم يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية عما حدث لمصر ولهم
دعوة المصريين جميعا للتصالح مع تاريخهم بكل ما فيه من آلام وآمال
وينتهى الكتاب وبكل أمانة بتعليقات القراء التى سبق وأرسلوها عندما نشر بالصحيفة الالكترونية ايلاف ومعطيا الأسبقية للرسائل التى هاجمت ما كتب
الكتاب يقع فى 224 صفحة من القطع المتوسط والناشر هو منتدى الشرق الأوسط للحريات وهو بحث هام جدا لكل من يهتم ويعمل على أن تسود مبادئ المواطنة والمساواة لجميع المصريين موضحا الخلفية التاريخية لما نعيشه الآن
نصرى جرجس نسر
لواء مهندس سابق بالقوات المسلحة
التعليقات