تنظِّم الأمم المتحدة quot;المؤتمر الدولي حول الأزمة المالية والاقتصادية وأثرها على التنميةquot;، وذلك في مقرها الرئيسي في نيويورك من 1 إلى 3 حزيران/ يونيو 2009؛ يأتي المؤتمر بعد أن بدأت آثار الأزمة المالية العالمية تبدو جلية على التنمية في الدول النامية، وفي بعض دول الشرق الأوسط القابعة تحت خط الفقر خاصة، تلك المعتمدة على برامج تنموية ممولة بشكل أساسي من الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر من خلال منظمات المجتمع المدني الأوروبي.


يأمل المؤتمر، كما هي العادة، أن يبعث مساراً تشاركياً ديمقراطياً متعدد الأطراف لمواجهة آثار الأزمة، ما يتيح مساحة لتمثيل ما للبلدان النامية. وقد دعت، وتدعو، شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية منظمات المجتمع المدني العربية المنضوية تحت لوائها، ومجمل الجمعيات التنموية في الدول العربية، لإعطاء هذا المؤتمر الوزن السياسي الذي يستحقه، عبر دفع السلطات التنفيذية فيها إلى الالتزام بالمشاركة الفعلية فيه على أرفع مستوى من التمثيل السياسي، وكذا إلى إبداء الرأي من واقعها التي تتفاعل معه وفق توجهاتها والقضايا الاجتماعية التنموية الملحة التي تخدمها لهذه الجهات السياسية بما يضمن إيصال صوتها إلى المؤتمرين.

الأزمة والتوصيات

لا يخفى أن للأزمة المالية والاقتصادية أبعاداً اجتماعية وتنموية؛ فقد تأثرت شعوب العالم المختلفة بالأزمة التي دفعت بالملايين إلى ما دون خط الفقر، وأودت بفرص عملهم كما همشت حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثفافية. وبالرغم من أنَّ الأزمة تنبع في البلدان الصناعية، فإنَّ اثارها امتدت إلى بلداننا، والتي قد تعرضت مسبقاً الى التأثير السلبي لأزمات الغذاء والوقود وتغير المناخ.


من المرجح أن الأزمة ستطول وستتَّسم بالحدة؛ لكن حتى عندما ستؤول الأزمة المالية والاقتصادية إلى نهايتها، فإن الإبقاء على النظام الاقتصادي التنموي القائم حالياً قد يؤدي إلى استمرار أزمة الفقر على مدى السنوات القادمة. كما إن القرارات التي اتخذت في إطار مجموعة العشرين لا تشكل أساسا كافيا وفعالاً لمواجهة آثار الأزمة المتعددة الأبعاد. فالأمم المتحدة، تمثل المنتدى الوحيد الذي يمكّن البلدان النامية من المشاركة للوصول إلى حلول عالمية تكتسب الدعم السياسي المطلوب، وتتمثل فيها مصلحة الجميع. هناك تحظى كل البلدان بمكان حول طاولة صنع القرار، ومن خلال العمل معاً يمكن للبلدان أن تصل إلى توافق على الإصلاحات المستدامة وطويلة الأمد للنظام المالي والاقتصادي العالمي، والتي تتيح القدرة للتصدِّي لتحديات أجندة التنمية العالمية.


تابعت شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية نقاشاً مستمراً حول الأزمة الاقتصادية، وذلك منذ انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة تمويل التنمية في الدوحة ndash; قطر؛ مضمنة تقرير quot;لجنة الخبراء بادارة ستيغلتزquot; توصيات عديدة بهذا الصدد، معتبرة هذا التقرير أساساً جيداً لبدء النقاش حول بناء نظام مالي واقتصادي عالمي جديد. بالتوازي مع توصياتها إلى تقرير رئيس الجمعية العامة للامم المتحدة، والذي صدر في 8 أيار/ مايو 2009.

إمكانيات مدنية

بالرغم من ضيق الوقت الذي يفصلنا عن يوم المؤتمر، تعتبر الشبكة التي تشارك في هذا المسار من خلال التعاون مع عدد من التحالفات الدولية لمنظمات المجتمع المدني، ومنها الراصد الاجتماعي، النداء العالمي لمكافحة الفقر، تحالف عالمنا ليس للبيع، مجموعة المنظمات المتابعة لمسار تمويل التنمية، مجموعة المنظمات النسوية المتابعة لشؤون تمويل التنمية؛ تعتبر أنه لا تزال هناك فرصة متاحة للتوافق على عدد من التوصيات العملية المطروحة على طاولة المفاوضات؛ وتدعو في هذا الإطار لدعم طروحات منها:
-قرار مراجعة الاتفاقية ما بين الامم المتحدة ومؤسسات البريتون وودز للنظر في تعزيز التنسيق بينها وتحقيق توازي coherence سياسات الاخيرة ضمن اطار توجهات وسياسات الامم المتحدة.


-تشكيل مجموعة عمل حكومية لتعمل على تحديد آليات قيام quot;مجلس تنسيق اقتصادي دوليquot; Global Economic Coordination Council في إطار الأمم المتحدة، على أن تعمل هذه المجموعة وفق جدول زمني محدد.
-تشكيل آلية عمل دولية حول المخاطر النظامية على الاقتصاد العالمي Global Panel on Systemic Risks in the World Economy على أن تتبع آلية عمل المجموعة الخاصة بالتغير المناخي، والتي تجمع صانعى القرار ومنظمات المجتمع المدني وأكادميين.


يبدو أنه يترتب على ممثلي الدول النامية، من السياسيين الذين سيحملون هموم بلدانهم التنموية إلى طاولة المؤتمر، حمل جزء من العبء في تدارك آثار الأزمة المالية على شعوبهم، ووضع خطط محلية متوسطة وبعيدة المدى، لتدارك آثار الأزمة التي يفترض أن تستفحل في وقت غير بعيد. فهل سيفعل ممثلو بلداننا العربية ذلك؟ إن الثالث من يونيو غير بعيد، فلننتظر الجواب!

عماد الدين رائف