صوت الكنيست الإسرائيلي الأربعاء الماضي على اعتبار الأردن وطنا للفلسطينيين مضيفا ورقة أخرى إلى مشروع quot;الفشل السياسي quot;الأردني التي تقوده حكومات جل همها الاستثمار و العقار و الرمال الذهبية.

و تلك ليست المره الأولى، فقد سبقها تصريحات قائد عسكري إسرائيلي، و أوراق ووثائق حملها شارون إلى أمريكا تثبت ( من وجه نظر صهيونية ) أن الهاشميين سرقوا الأرض الفلسطينية و أقاموا أول دولة لفلسطين تحت الحكم الهاشمي، و ادعاءات و خروق أخرى لا أساس لها من الصحة. و لم يهتم احد.

و للأسف لا يوجد من يتابع أو يوثق أو يقرع أجراس الخطر، و ممنوع الحديث عنها و التفكير فيها أو نقدها،بل الأدهى أن بعض مستشاري القصر أهملوا موضوع الوطن البديل في حينها مبررين أن الموضوع يثار من الأردنيين و بعض الفلسطينيين ولا صحة له.

و إن قضية الوطن البديل موجودة في أذهان الأردنيين فقط و لا احد مهتما بإثارتها في إسرائيل، إلى أن جاءت ضربة الكنيست منذ يومين قاضية لتلك الاستشارات وبالتالي فأن هؤلاء المستشارين مطالبين بالاستقالة اليوم.

و اقصد أن بعض من رؤساء الحكومات الأردنية وقلة من المستشارين من أصحاب لقب المعالي مطالبون بالرد على استشاراتهم الخاطئة و تقولاتهم التي كانت في غير موضعها الصحيح آنذاك،في زمن لا يقبل أي وطني غيور من الفلسطينيين و الأردنيين على حد السواء ببديل عن الملكية الهاشمية و لا يرضى احد بخزعبلات إسرائيلية حول النظام البديل.

و لكن حتى لا تتحول المقالات إلى خطابات و مقولات أثاره و إلهاب مشاعر، و حتى لا يقولها البعض إلى نعرات إقليمية في غير مكانها، ينظر البعض إلى ضرورة إيجاد حكومة أردنية جديدة سياسية قادرة و قوية، عوضا عن بعض حكومات منتفعة و أقارب و محاسيب وشلل رجال أعمال ينهشون في جسد الوطن، تمدد الوقت للبقاء في كرسي رئاسة الوزارة، دون تثبيت للوطن الهاشمي، و تسعى إلى إخراج الأوراق من بين يدي الأردن إلى أقدام الإسرائيليين في ملعب يتنافس عليه الغرب و الشرق.

يعتقد البعض أن الفشل السياسي في الأردن مؤخرا، يقابله بعض من مجموعات آتت من غرب النهر 1967، تقربت إلى السلطة و اعتلت المناصب و كرست أحجار الزاوية لمصالحها الذاتية و تخلت عن أوطانها، إلا من التصريحات للصحف و اللعب بالمسميات، و ووصلت إلى سدة الرئاسة الحكومية و البرلمانية و انتخبت و أكملت طريقها إلى مجلس النواب، و هي في كل هذا تعطي الدليل وراء الأخر على أن الوطن البديل قائم رغم نفيهم و اعتراضهم و بياناتهم، و هم بذلك و بتواجدهم في مناصبهم يقرون بما تدعي له إسرائيل من خلال الكنيست. و في معادلة غير مسبوقة تاريخيا فتحت لهم الخزائن الأردنية فغرفوا منها و لشركاتهم و مصالحهم.

إسرائيل ترى أنها بتوصيتها و تصويتها تقر بحال موجود، و لديها اثتباتات من خلال تلك المجموعات التي طالما حذر منها المثقفون سياسيا الواثقين من دور الهاشميين، و لكن لم يلتفت لهم.

الهجمات الإسرائيلية المتكررة سياسيا و إعلاميا على الهاشميين و الأردن ليست عبثية، و إنما ضمن مخطط شامل، منذ أمد، و للأسف يساعد إسرائيل في فحوى تخبطانها quot;الفشل السياسي quot; و الحكومات الضعيفة و الوزراء العشوائيين اللذين يجهلوا التاريخ و لم يجدوا في حياتهم ملجاء قرأه أو كتاب يتيم إلا تكليفهم بحمل مسؤولية هم ليس قادرين على حملها وحفاظها و الدفاع عن وطن كان و لا يزال الأصل في العدل و الفصل في القانون و الادل في المشروعية الوطنية و الالتحام بين الضفتين.

حكومات شاحبة و تبدو ضعيفة و مع ذلك يمطرها الإعلام المحلي بالاستحسان و تغلفها ورود التهنئة و مباركات محترفي الانتفاع من كل حكومة.

المرحلة الحالية، ليست مزاح اوبامي و مقابلات بيضاوية، وخطابات ضمان أمريكية، فقد بدا أن أمريكا في موقف اللاعب المتسلل في الملعب الإسرائيلي لا قيمه لأي هدف تحققه.

المرحلة الحالية تحتاج إلى شراشف سياسية جديدة في المخدع الأمريكي، و كاملة، لا غسيل شراشف اتسخت بجماع غير شرعي على حساب العرب و القضية الفلسطينية، تتجاهل قواعد السياسة التي تحكم العلاقات الأمريكية العربية من جهة و العلاقات الإسرائيلية الأمريكية من جهة أخرى، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي و الرئيس الأمريكي، أمام أعين الفضائيات.

و أن كانت التصريحات الأمريكية من رئيس حديث العهد تقول: لا مزيد من المستوطنات، ولكن تبعها حالة تصويت على وطن بديل، حيث لا حاجه إلى مستوطنات آنذاك.

فماذا سيكون رده من القاهرة على التصويت الإسرائيلي؟!.

إسرائيل، ومن خلال تصويت الكنيست تدعو إلى نظام بديل في الأردن و اعتباره وطنا خالصا للفلسطينيين و دون أي رد حتى من المؤسسة الفلسطينية و سلطتها الحاكمة، و هي بذلك تدعو إلى إلغاء الملكية بتصويت مبطن، و إقامة دولة فلسطينية على التراب الأردني، و انتزاع كامل فلسطين بأنياب ديمقراطية، و بعض من نواب البرلمان الأردني يطالبون بإلغاء المعاهدة الأردنية الإسرائيلية التي ضمنت لأول مره الحدود للمملكة الأردنية الهاشمية، هم يطالبون بطرد السفير و إلغاء المعاهدة و بهذا الطلب فأن البعض يرى أنهم يمهدون كنواب أردنيون و دون أن يشعروا إلى إلغاء الاعتراف بالأردن و حدوده، حتى و إن كان مكتوبا و بهذا يفسحون المجال من نفس الزاوية للكنيست بإقامة النظام البديل و يتفقون معه في ضربته الترجيحية.

العمل السياسي يحتاج إلى وعي بالبوصلة الصهيونية و شفرات الجيو سياسة الشرق الأوسطية.

كثر هم من يروا أن الوطن البديل موجود، لا يمكن إنكاره و لكن الجمع يتفق أن الخوف من النظام البديل قائم و في المقابل على إسرائيل أن تعي أن النظام البديل مرفوض نوعا و كما و لا يمكن القبول به إلا على الأجساد و الأرواح و الدماء التي هي فداء للوطن.

و بالتالي فان التصدي لتلك الهجمات الإسرائيلية و المخاطر السلوكية في الكنيست هي عنوان كتاب التكليف السامي المرتقب لحكومة جديدة مطالبة أن يكون جزء من إستراتجيتها إطار عمل عربي مكتمل، مدعم بتأييد أوروبي أسيوي، و يضمن كيفية الخروج من المأزق الذي قد يعرض الأردن إلى اجراءت قاسية قادمة من الكيان المصطنع المجاور.

التصويت على الوطن البديل في الكنيست مصلحة إسرائيلية بحته، غير دستورية و غير شرعية من وجهه نظر أردنية فلسطينية، ظاهرها الجمالية الإسرائيلية في الحفاظ على ارض فلسطين المغتصبة أمام المتشدوون من اليهود، و باطنها الانتقام من الفلسطينيين و الأردنيين بإلغاء الملكية و ترحيلها، ظنا بان الأردن quot;صيدا سهلاquot; في توقيت عبقريته الضعف الأمريكي، و الانقسام العربي، و المحاور الانهزامية في الشرق و بلاد فارس، و الخسائر المالية العالمية، و الهزل السياسي و الانغماس الطبقي في حكومات الاستثمارات و الرقص السياسي لمؤيدي صلف إسرائيل في العالم العربي.

العودة إلى حكومات أردنية quot;سياسية quot; حقيقية و مشاركات وطنية ضمن تغير مناخي للوعي و سلوكي للاتجاه لأعضاء الحكومات و منتسبيها،خصوصا و هي تتخذ قرارات ذو أهمية و مصيرية، و برلمان مؤسسي منتخب انتخابا حرا مكتملا يقوم بدوره كاملا، و إعلام حر بشفافية عالية بلا سقوف، هم مفاتيح المستقبل الأمن للدولة الأردنية التي تستظل بالحكم الهاشمي.

الأوطان لا تقدر بالاستثمار بل بالاستمرار.

د.عبد الفتاح طوقان

[email protected]