تمر السياسية الأمريكية الآن بمرحلة يسمونها بعض المراقبين بمرحلة اختبار، وإعادة قراءة لمشكلات المنطقة، وذلك من أجل طرح حلول ومبادرات، سواء لحل أزمة الشرق الأوسط أو عبر فتح الحوار مع إيران وسورية، ومن جهة أخرى محاولة تغيير علاقة الإدارة الأمريكية بما يسمونه الإسلام. هذه المحاور تشكل لبنة أساسية يحاول باراك أوباما البناء عليها، والملاحظ أن الأشهر الأولى الثلاثة من فترة أوباما هذا العام، كان يدور الحديث الأمريكي- الفرنسي المشترك، على أن سياسة الانفتاح على سورية أحد دوافعها، فك التحالف السوري مع إيران.
أما الآن فهذا الأمر لم يعد أحد يأتي على ذكره، سوى من لازال لديه أوهام عن حدوث مثل هذه القطيعة، بين إيران وسورية. وجهة النظر هذه تتمنى أيضا أن يكون بداية الانفتاح الأمريكي على سورية، دافعا للعودة لوعود الإصلاح التي كانت القيادة السورية، تعد بها الشعب السوري منذ أقل من عقد من الزمن. والأطرف من كل هذا أن هنالك أطراف من المعارضة السورية، كانت ولازالت تهاجم السياسية الأمريكية، تتمنى وتصرح أنها ترغب بأن يستمر أوباما بسياسته الانفتاحية على النظام في دمشق!
وفي الجهة المقابلة هنالك من يتعامل مع هذا الموضوع بأنه موضوع، وقت لأن الغرب سيغير سياسته قريبا، ويعيد هذا التغيير إلى رغبة إسرائيل، ولكنهم يتجاهلون أن التغيير الذي تم في السياسة الدولية ناتج، عن أن أوباما وإدارته استجابوا لتغير ميزان القوى الذي أحدثته إيران وحلفاءها على المستوى الدولي والإقليمي. وليس الموضوع فقط أن هنالك حالة كرم أخلاق. وأوباما الآن يحاول امتصاص هذا التغير بأقل الخسائر للسياسة الأمريكية في المنطقة. ولكن هذه سياسية لن تنجح سنشاهد أوباما بعد سنتين، قد وصل إلى طريق مسدود، والأسباب أن إيران والوضع الدولي والأقليمي لن يسمحوا لأوباما بامتصاص نتائج هذا التغير، ومازاد في الطين بلة، هو حكومة إسرائيلية أكثر تشددا وأكثر ميلا، لإبقاء التوتر والفوضى والعنف في المنطقة، مع وجود هذا الشقاق الفلسطيني- الفلسطيني والذي سببه عربي- عربي، وإيراني- عربي. واستمرار المخابرات في دمشق بقمع المعارضة، في تلك الأثناء لن يصدر عن الاتحاد الأوروبي أي بيان إدانة.
بعد ثلاث سنوات ستكون إيران قد امتلكت سلاحا نوويا، وستكون إسرائيل تلوح ببدء مفاوضات سلام جديدة مع سورية، ولبنان أسير حزب الله، والعراق يحاول الخروج من دوامة العنف، والاشتباكات بين طالبان وباكستان مستمرة، ما يمكن له أن يغير هذه اللوحة، إما أن تستولي إيران على العراق، أو يعود السوريين إلى لبنان، أو أن تتحرك المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أو أن تتفجر حرب أهلية في عموم باكستان.
فماذا ستكون عليه سياسة أوباما في تلك المرحلة؟
غسان المفلح
التعليقات