قبل عدة سنوات،حصل إعتقاد عام لدى بعض الدول الأوربية، بضرورة التوقف عن أبحاث إنتاج الطاقة النووية للأستخدامات السلمية بمختلف أنواعها وأهمها طبعا هي توليد الطاقة الكهربائية.ومن بين تلك الدول السويد وألمانيا وغيرها.

وكان أهم سبب في ذلك الاعتقاد،هو ضغط جماعات البيئة (الخضر)، وتحذيرها المستمر من مشاكل الأستخدامات النووية وأهمها هي كيفية التخلص من نفايات الوقود النووي المشع!

ومع تصاعد أزمة إرتفاع أسعار النفط الكبيرة في العامين الماضيين (قبل الهبوط ثانية هذا العام)، وما تلى ذلك من أزمة مالية وإقتصادية عالمية،عادت الأصوات المؤيدة للطاقة النووية السلمية بالظهور والتصاعد من جديد، وبدأت مراكز البحوث العلمية في التركيز على مشاكل التخلص وعلاج مخلفات الوقود النووي، لكونه يمثل المشكلة الأهم!

وحتى المحطة النووية السويدية التي توقفت عن العمل وأغلقت نهائيا قبل سنوات بسبب عطل فني هدد بتسريب نووي، فقد أعيد الآن إصلاح الخلل كليا وقال المهندس المختص بأن المحطة باتت أكثر أمانا من أي وقت مضى.

ويتم توفير 17 بالمئة من الطاقة المطلوبة في السويد من الوقود النووي وإذا إستمرت الأبحاث بنفس الكفاءة فسيتم الوصول الى نسبة 33 بالمئة بعد 40 عام من الآن وفي النهاية ستصبح الطاقة النووية المصدر الأهم للطاقة، خصوصا بتناقص النفط وكلفة الطرق الأخرى للطاقة البديلة (الشمس والرياح ومياه المحيطات ).

ومن الطرق الفعالة اليوم في خزن النفايات النووية هي إستخدام حاويات نحاسية وتنزل الى عمق 500 متر في باطن الأرض،وتشير البحوث الى أن اليورانيوم سيستخدم بفعالية أكبر 100 مرة مما هي عليه الآن، ويضيف الخبير المختص بأننا سنضمن بذلك إحتياجاتنا من الطاقة ل 10 آلاف السنة القادمة!

وفي ألمانيا وبأحتمال فوز المحافظين المتصاعدة في الأنتخابات القادمة،كونهم يتقدمون الآن حسب مراكز إستطلاعات الرأي، وهؤلاء يفضلون العودة الى الاعتماد مجددا على الطاقة النووية،بعد أن أتخذ قرار عام 2000 بالتخلص التدريجي من المفاعلات النووية في موعد أقصاه 2020.

وكانت الخطوة الأولى من الشركات المختصة هو طلبها تمديد تلك الفترة الى عام 2030 وأستخدموا نفس حجة جماعة حماية البيئة، لكن بالطريقة العكسية هذه المرة، حيث أثبتوا بتجاربهم أن المحطات النووية تقلل أكثر من 150 مليون طن سنويا من غاز ثاني أوكسيد الكاربون مقارنة بأستخدام الفحم لأنتاج نفس كمية الطاقة!

وبالعودة الى المعضلة الأخطر في الموضوع،أي طريقة تخزين النفايات النووية المشعة

يقول أحد المختصين..علينا التفكير بما يلي :

هل ينبغي إكتشاف طرق لعزل تلك النفايات بطريقة تخلص الأجيال القادمة من ذلك العبء كليا؟

أم تطور تقنيات التخلص تدريجيا مع إزدياد إستخدام تلك الطاقة؟

ويجيب هو نفسه بأن الحل الثاني غير مضمون بالطبع، لذلك فالافضل إكتشاف تلك الطرق والتقنيات قبل الشروع في التوسع وهذا ما يتم التركيز عليه اليوم.

وبالأنتقال الى النوايا الأيرانية، وبعيدا عن الشك في الغرض الأساس من الملف الأيراني،

وبأفتراض حسن النية وتصديق المعلن بأنها للاغراض السلمية،

وحتى بأفتراض معرفة الايرانيين بالمشاكل اللاحقة لأنتاج الوقود النووي،

وإفتراض إمكانية حصولهم على تلك التقنية المكلفة جدا وهي بعد لم تكتمل، بل في طور البحث والتطوير المستمر،

حتى بكل تلك الافتراضات، ستبقى طرق تخزين النفايات وأماكنها و عمقها وكمياتها،مثار شك وجدل من المحيط الاقليمي لأيران.

وسيكون من الأكثر حكمة في هذه الحالة، تأجيل الموضوع قليلا،للاسباب التالية :

أولا : إيران دولة نفطية منتجة ومصدرة، ولا مشكلة لديها حاليا في الطاقة

ثانيا :بالتسليم بحق الجميع بأمتلاك تلك الطاقة (الخطرة)،يمكن لأيران الانتظار الى وقت إكتمال أبحاث التخلص من النفايات المشار إليها آنفا، (بضعة سنوات )

ثالثا :سيكون بأمكان إيران الأستفادة من الجزرة المعروضة عليها من أميركا وحلفائها عموما، في حالة تعاونها، بل تزويدها بالوقود النووي نفسه. والتخلص من العصا المرفوعة في وجهها، والتي أخفاها أوباما مؤقتا،حسب سياسته بفتح صفحة جديدة مع الاسلام والعرب وإيران والجميع.

رابعا :ستسهل إيران بتصرفها ذلك على العرب السائرين في ركابها،تقبل الانفتاح الامريكي علينا والتجاوب بالمثل بحسن نية، بدل أن نسمع نقد وتهجم على أوباما ووصفه بأنه كسابقه بوش بالرغم من خطابه في القاهرة ودعواته المستمرة لفتح صفحة جديدة.

وقد يضيف المتفائلين مثلي إمكانية حل القضية الفلسطينية الطويلة والمعقدة، وبرغم تواجد الحكومة الأسرائيلية اليمينية (نتانياهو وليبرمان)،وسيكون المجتمع الدولي أكثر إندفاعا في أتجاه الضغط عليها..كونهم سيبقون الطرف المتعنت الوحيد.

لو كان بأمكاني إيصال صوتي الى الشعب الأيراني الذي سيمارس حقه في إنتخاب الرئيس القادم، بعد أيام قليلة، لنصحته بعدم إعادة إنتخاب أحمدي نجاد مجددا،حتى تعود بلادهم الى محيطها بمحبة وسلام،خصوصا وأن شعبها قريب لنا في كثير من الاشياء،

بدل القوة والتحدي والعفرتة التي لا تجدي شيئا..

وبمناسبة يوم البيئة العالمي الذي يصادف اليوم 5 يونيو من كل عام،أبعث بالتحية والشكر

الى الدكتور كاظم المقدادي الذي يقود حملة (من أجل تنظيف البيئة العراقية من ملوثات الحرب وإنقاذ ماتبقى من الضحايا )،وكل القائمين والمشاركين والموقعين في الحملة،

ومن ناحية أخرى أذكر الجميع الى ضرورة تفهم مشاكل ومخاطر بيئتنا، ورقم واحد يوضح أهمية كل شخص في العالم ومسؤوليته في ذلك،

حيث أن معدل مخلفات الأنسان الواحد 2 ونصف طن سنويا من ثاني أوكسيد الكاربون،وأي نشاط للانسان حتى إستخدام الرسائل الورقية بدل الالكترونية وطريقة دفع الفواتير يؤثر في ذلك،ناهيك عن المواصلات وطرقها، وفي أحد الاعلانات السويدية،قرأت مرة مايلي :إنك بضغطة زر الجرس وطلبك من السائق التوقف للنزول، ثم لم تنزل، فأنك آذيت البيئة

فعلموا أطفالكم عدم إستخدام جرس الباص في اللعب! وتفسير ذلك هو عملية البريك وتبديل الكير وما شابه ستولد غازات ضارة للبيئة، نعم الى هذه الدرجة، حتى إرتفاع نسب الطلاق يضر بالبيئة والسبب واضح هنا طبعا، إذ بالعيش في منزلين بدل واحد ستتضاعف كمية الطاقة المستهلكة والغذاء والمواصلات وما شابه!

فليتعاون الجميع من أجل مستقبل كوكبنا الأرضي وأجيالنا من بعدنا، فالمسؤولية تبدأ من الساسة الكبار (بضمنهم نجاد ) وتصل الى الانسان العادي البسيط!

وللاسف سأضطر هنا أيضا أن أذكر واحدة من جرائم الطاغية صدام في حق البيئة من خلال حروبة الرعناء وحرقه آبار النفط وما شابه، ولن ينسى جيلنا منظر السماء في بلدنا أيام حرب الكويت،إذ بقت تمطر الدنيا سودا وسخاما الى فترة ليست قصيرة..الله كريم


رعد الحافظ