تحسين أمير من لندن: صدر هذا الكتاب قبل أسابيع قليلة في كل من لندن وبيروت. وقد بنى المؤلف كتابه على فكرة أساسية يمثلها تساؤله: أن لو ظهر الأنبياء الآن في زمن واحد وفي أماكن متفرقة من الكرة الأرضية، هل كانوا يتحاربون فيما بينهم؟ أم هل كان أحدهم يبيح لأتباعه أن يُلحقوا الأذى بأتباع الأنبياء الآخرين؟ ليصل من وراء ذلك إلى استحالة أن يحارب نبيّ نبيّا آخر. فاذا كان الأمر كذلك ndash;يتساءل المؤلف ndash; فما أسباب الحروب التي شهدها التاريخ بين أتباع الديانات المختلفة، وهل للأديان دور فيها؟ ونتيجة تحليله لسير الأنبياء وشواهد تواريخهم يخرج إلى القول أن تلك الحروب لا تمثل إلا نوازع بشرية لا علاقة لها بالأديان، وإنّما كانت الأديان مجرد ذريعة لها، باستثناء حرب يدافع بها الناس عن أنفسهم في وجه عدوان أو فتنة.
ويرتكز الكتاب في فصوله التسعة عشر على نصوص القرآن والإنجيل والتوراة معتمدا في فهمه لنصوص تلك الكتب على المبنى اللغوي فحسب. ويقول أنه ترك تلك النصوص تكشف عن ذاتها بذاتها من غير التفات إلى الأثقال التي علقتها الأيام عليها. ونظرا إلى اختلافات الأقدمين في معاني كثير من الآيات واختلافهم في الناسخ والمنسوخ منها، والمحكم والمتشابه فيها، فانه يدعو إلى ضرورة فهم القرآن الكريم كما فهمه الصحابة الأوائل وهم يتلقّونه من فهم الرسول محمد (ص) بعيدا عن الأساطير والخرافات والنوايا المسبقة، ومنتهجا نهجا خاصا به حيث يرى أن أيّة نتيجة يبتكرها أي إنسان من تعامله مع النص القرآني يجب أن تُحسب لذلك الانسان أو عليه ولا يجوز التعامل معها وكأنّها نصّ مقدّس لا يجوز الحوار معه. ولذلك نلاحظ أن المؤلف لم يذكر آراء المفسرين والعلماء والأئمة إلا في النادر القليل، ولكنه ذكر من الحديث النبويّ الشريف جملة أحاديث رأى أنّ المسلمين قد توافقوا عليها، وهي على أية حال ممّا ورد في الصحاح المعروفة.
يبدأ المؤلف رحلته من (الهدى) الذي أنزله الله على آدم بعد خروجه من الجنّة، ثم يعرض لرسالة النبي نوح، ويتابع المبادئ العامة والقواعد الكلية لرسالات الأنبياء اللاحقين مما ورد ذكره في التوراة والإنجيل والقرآن عن تواريخ الأنبياء السابقين لليهودية. حتى إذا وصل لليهودية عقد لها فصلين أولهما يكشف عن المبادئ العامة والقواعد الكلية لها ممّا ورد في القرآن، وثانيهما يكشف عن تلك المبادئ والقواعد ممّا ورد في أسفار التوراة (وهي تسعة وثلاثون سفرا في 929 إصحاحا). وكذا فعل مع الأناجيل في فصلين لاحقين. ويعترف أن تدخلات البشر في العهد القديم والعهد الجديد يسهل التعليم عليها واستخراجها من النصوص المعروفة لهما استئناسا بالدراسات العلمية في علم الأديان المقارن، بحيث يرى أن النصوص اليقينية الصدور عن النبيين موسى وعيسى في التوراة والانجيل متوائمة تماما مع ما ورد في القرآن من مبادئ عامة وقواعد كلية تحث عن التعارف والتآلف والحوار والقيم الانسانية السامية.
وابتداء من الفصل الثالث عشر وإلى الفصل التاسع عشر ينصرف المؤلف إلى بيان وحدة تلك المبادئ العامة والقواعد الكلية باعتبار أن الأديان الثلاثة المعروفة (الاسلام والنصرانية واليهودية) منبثقة من الدين الابراهيمي نفسه. وهي حقيقة لا سبيل لانكارها.
وأباح هذا للدكتور هادي حسن حمودي أن يختم كتابه برسالة موجهة إلى النبي (ص) باعتباره حفيد النبي إبراهيم. وتشكل الرسالة لوحدها نقدا للتطرف والغلو والتعصب ودعوة إلى الأمن والأمان والعمل النافع المبني على العلم المفيد، معتبرا أن ذلك هو أجلى معاني العبادة والتقوى. كتاب جدير بالحوار والمناقشة.

حوار الأديان
وحدة المبادئ العامة والقواعد الكلية
المؤلف: دكتور هادي حسن حمودي
الطباعة والنشر- لندن ndash; سارة غرافيك, وبيروت ndash; بيت العلم للطباعة والنشر.
تاريخ الاصدار 2007م
عدد الصفحات: 335