عبد الجبار العتابي من بغداد:في صباح الاربعاء الماضي، بأتحاد الادباء والكتاب ببغداد، جاءت الاساطير والحكايات الشعبية ترفرف بجناحيها مع المحتفى به القادم من مدينة كربلاء الحامل اوراقه المعتقة بروائح مختلفة، فكان حضوره مميزا كونه من رموز القصة العراقية ولانه غائب عن المشهد البغدادي منذ زمن، انه جاسم عاصي، القاص والروائي الذي اضاف اليه صفة الناقد وان كان يكون انه مارس النقد منذ عام 1965 حين نشر رد ا على موضوع كتبه احده الادباء المعروفين انذاك، وقد حفلت الاصبوحة بحضور عدد جيد من الادباء والاعلاميين، قدم الاصبوحة الناقد زهير الجبوري الذي اثنى على السيرة الادبية للكاتب قائلا انه: جاسم عاصي من مواليد 1945، وكتب القصة والرواية ومن ثم النقد في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية، وله العديد من الاصدارات القصصية، عن دور نشر عراقية وعربية، منها: (الخروج من الدائرة)، (لليالي حكايات )، (مساقط الضوء)، (صلاة الظهيرة)، (ملكوت البراري)، (الحفيد)، (خطوط بيانية)، (آخر الرؤيا)، كما له من الإصدارات الروائية (مستعمرة المياه)، (انزياح الحجاب ما بعد الغياب) و(مستعمرة المياه) و(الغياب)، وله من الإصدارات في النقد (دلالة النهر في النص)، و(جواب الآفاق) و(المعنى المضمر).
ثم اعتلى الضيف المنصة للحديث عن موضوعه الذي افتتح الكلام عنه بالقول ان ما سيقدمه هو انثيالات او شهادة نقدية لانه دخل في متن الموضوع، فتحدث بلغة فصيحة هادئة كانت مدعاة للاصغاء الجميل لاسيما ان انتقالاته كانت تطبع نفسها بالجاذبية حين يسرد مختصرات لا علاقة لها بالورق الذي نام امامه ولم يحاول ان يمد يديه له الا حين اضطر الى شرح نقاط قال انها ضرورية لتقرأ كما هي.
بدأ جاسم كلامه بتمهيد بسيط قال فيه: كانت للسرد العراقي محطات ووقفات تم من خلالها ظهور اتجاهات في الشكل ورؤية مختلفة للمعاني وكيفية صياغتها في النص، وقد لبت في ذلك الحاجة لطبيعة الظروف المعرفية اولا ثم السياسية والاجتماعية، وهو الامر الذي دفع بمنتج النص الى التنحي عن التوجهات المألوفة في كتابة النص السردي، واشار جاسم الى ان ما سيتحدث فيع يندرج في بابين الاول التعرض للظاهرة التي هي واحدة من مجموع ظواهر في السرد، والثاني تبيان اسبابها وخصائصها، واضاف : ساتحدث عن استثمار الموروثات على اختلاف مشاربها والتي منها الاسطورية والحكائية والتاريخية سواء كانت واقعة او شخصية، وهذا الاتجاه شمل الشكل والبناء والمعاني، فالمنتج كانت له توجهات في عرض مادته ومعالجة طبيعة الصراع بانماط من السرد تختلط في بنيتها الانساق المختلفة، فهو يحافظ على نمط الروي في الحكاية مثلا، كذلك على نمط السرد في الاسطورة ثم الاقتراب من السردية التاريخية وذلك باستخدام الوثيقة، اما في مجال المعاني فان المنتج يستخدم هذه الثيمات كأقنعة فنية يختزل من خلالها نظرته للواقع والتاريخ.
ومضى جاسم عاصي في شرح تصوراته مستشهدا بعدد من الاسماء السردية المعروفة في الساحة العراقية، ثم توقف عند (مستويات تشكيل النص وتخليقه) حيث قال: ان اشتغال النص على هذا المستوى من استثمار الموروث واستخدامه، يضعنا امام مؤشرات لواقع منظور اليه من زاوية الحاضر ومدى رؤيته الموضوعية المستندة على الى اسس من اعادة القراءة ومن ثم التمثل، مؤكدا على وجوب توفر جملة خصائص للنصوص المنتجة، قال ان هناك 16 خصيصة اسفرت عنها النصوص، وبعد ان ذكرها قارئا اياها على الورق من مصدرها كي لاتضيع الفكرة، اشار الى ان: هذا التعالق (كما سماه ) بين النص ومتن الموروث في القصة والرواية العراقية استدعته حالات كثيرة لعل اهمها اعتباره قناعا يتمكن من خلاله المنتج ان يفتح افاقا واسعة للتعبير عن ماهو ماثل في الواقع بعيدا عن مرصد الرقيب.
بعد ذلك تحدث بتفصيل عن عدد من القصص لكتاب عراقيين تناولت الموضوع هذا مثل: جليل القيسي الكركوكي الذي كان له ولع الدخول الى الموروث الاسطوري والروائي عبر ما عرف عن الاساطير والملاحم ثم ما افرزته قراءاته المعمقة والحسية لكتابات (فيدور دستوفسكي) فهو يتعامل مع المعرفة من باب شعريتها، وقال ان هذا تجسد عندما كتب عن اسطورة من الاهوار عن شخصية الهة الماء والقصب والبردي السومرية (نيدابا) وكيف استطاع ان يعصرن الشخصية ويجسد دلالاتها، وقال جاسم عاصي ان القيسي كان شجاعا في قصته هذه حينما مررها من مقص الرقيب سابقا ونشرها وكان يقول على لسان نيدابا انها حولت مهنتها الى مهنة اخرى لان المياة في الهور قد انحسرت، والدلالة هنا واضحة، واضاف في حديثه عن القسي: في مجال التناص والاسطورة لايضع القيسي حدودا لما يرفد احدهما الاخر وانما نجدهما ينفتحان على بعضهما، كما تحدث عن ناجح المعموري وقال عنه: انه يشتغل على مستويين من توظيف الموروث في النص القصصي، في الاول يستفيد من الاساطير كبنية محركة لثيمة الواقع وفي الثاني محاولته لاسطرة هذا الواقع من خلال تقشير لمتن الاسطورة المراد توظيفها واكساء نواتاها بما يناسبها من الاضافات، وقال ان المعموري مهووس بالجنس في قصصه وتحث عن قصتين له هما (لعنة الاله ايتانا ) و(ابنة المحار وزبد البحار)، وقال انه تعامل مع الموروث عبر توظيف دلالاته العامة حيث رفدها بجملة من خلق جديد للاسطورة الغرض منه تأسيس لنمط من صوت الاحتجاج السياسي فقد تركز التوظيف على ابراز حالات الاخصاء الجنسي باعتباره دال على تعطيل الخصب والنماء وتكاثر الجنس البشري، كما تحدث عن محمد خضير الذي قال عنه: انه يضع صورة المدينة عبر منظورين الاول متخيل والثاني تجسيد لمكان موجود خارج منطقة المخيال اي في واقع الحال وذكر قصته (الحكماء الثلاثة) التي (يكون حضور الشخصيات هذه بدافع ما لحق بالمدينة جراء الحرب من بعد غياب العقل وسط النوايا المشعلة للحروب والاضطرابات، لذا فالقاص انما يستدعي شخصيات الموروث ليحقق ثيمة فكرية دون الاعلان عنها مسبقا، كما تحدث عن فلك الدين كاكه ئي وروايته (ورقة يانصيب) الصادرة عام 1967وقال انها استندت الى مرتكزين معرفيين الاول مركز التناص والثاني استثمار وتوظيف الحكاية، وفي كلا المرتكزين اعتمد التوظيف واستثمار الموروث المثيولوجي والحكائي، وتحدث عن رواية (دوامة الجندل) لجهاد مجيد، وقال عنها: نجد ان عملية البحث عن مدينة الجد تشكل مركز احداث الرواية، حيث اجتمعت الرواية على عدة خصائص ابتداء من دلالة المكان التاريخية والفكرية وصولا الى مدونات الروي وهذا يأتي من اعتبارات الوثيقة التي يطالعها النص ضمن سرديته.
وقد اثار جاسم المستمعين حين تحدث عن الواقع المليء بالاساطير مشيرا الى انه ارتبط بعلاقات حميمة مع (مغسلي ودفاني الموتى) في مدينة كربلاء ويسمع منهم حكايات اسطورية في التعامل مع الجثث، وانه استقى بعض قصصه منها.
وذكر جاسم عاصي في ختام حديثه: لقد اسفرت القراءة التي اعتمدت عددا من القصاصين العراقيين ثمة استخدام للقناع الذي اغوى القصاصين من الرواد والشباب بسبب غنى ما ينطوي عليه الموروث من معاني ودلالات، مشيرا الى: ان تجارب القاصين: محمود جنداري ولطفية الدليمي واحمد خلف ونزار عبد الستار وعباس عبد جاسم وعباس خلف علي وحازم الصافي وجهاد مجيد وغيرهم هي المادة الاكثر غنى في قراءتنا.
وحين انتهى من حديثه فتح باب المداخلات التي اكدت على ان الموضوع الذي تطرق اليه جلسم عاصي من الموضوعات التي تحتاج الى قراءات معمقة ربما بسبب جدة التنظير النظري او القراءة الاسلوبية التي بدأت بالتعاطي مع هكذا كشوفات داخل السرد العراقي والعربي، وفي مداخلته رحب الناقد فاضل ثامر رئيس الاتحاد بجاسم عاصي ناقدا مهما يضاف الى فئة قليلة من النقاد العراقيين الذين يحتاجهم الادب العراقي، مؤكدا: تابعت عاصي كاتبا القصة القصة القصيرة والرواية وفوجئت بتحوله الحاد الى النقد، ومشيرا الى ان اشتغاله هذا لم يكن طارئا ووجدت فيه ناقدا محترفا وملما بأصول اللعبة السردية وان من الحق ان يحتل المكان اللائق بين النقاد، وفي معرض رده على المداخلات اجاب عاصي انه منذ زمن طويل يشتغل على النقد ومذكرا انه عام 1965 كتب ردا في احدى الصحف، كما اشار الى ان السنوات التي غاب فيها الدكتور فاضل عن العراق كفيلة ان تمنحني وقتا لدراسة النقد.
ومضى جاسم عاصي في شرح تصوراته مستشهدا بعدد من الاسماء السردية المعروفة في الساحة العراقية، ثم توقف عند (مستويات تشكيل النص وتخليقه) حيث قال: ان اشتغال النص على هذا المستوى من استثمار الموروث واستخدامه، يضعنا امام مؤشرات لواقع منظور اليه من زاوية الحاضر ومدى رؤيته الموضوعية المستندة على الى اسس من اعادة القراءة ومن ثم التمثل، مؤكدا على وجوب توفر جملة خصائص للنصوص المنتجة، قال ان هناك 16 خصيصة اسفرت عنها النصوص، وبعد ان ذكرها قارئا اياها على الورق من مصدرها كي لاتضيع الفكرة، اشار الى ان: هذا التعالق (كما سماه ) بين النص ومتن الموروث في القصة والرواية العراقية استدعته حالات كثيرة لعل اهمها اعتباره قناعا يتمكن من خلاله المنتج ان يفتح افاقا واسعة للتعبير عن ماهو ماثل في الواقع بعيدا عن مرصد الرقيب.
بعد ذلك تحدث بتفصيل عن عدد من القصص لكتاب عراقيين تناولت الموضوع هذا مثل: جليل القيسي الكركوكي الذي كان له ولع الدخول الى الموروث الاسطوري والروائي عبر ما عرف عن الاساطير والملاحم ثم ما افرزته قراءاته المعمقة والحسية لكتابات (فيدور دستوفسكي) فهو يتعامل مع المعرفة من باب شعريتها، وقال ان هذا تجسد عندما كتب عن اسطورة من الاهوار عن شخصية الهة الماء والقصب والبردي السومرية (نيدابا) وكيف استطاع ان يعصرن الشخصية ويجسد دلالاتها، وقال جاسم عاصي ان القيسي كان شجاعا في قصته هذه حينما مررها من مقص الرقيب سابقا ونشرها وكان يقول على لسان نيدابا انها حولت مهنتها الى مهنة اخرى لان المياة في الهور قد انحسرت، والدلالة هنا واضحة، واضاف في حديثه عن القسي: في مجال التناص والاسطورة لايضع القيسي حدودا لما يرفد احدهما الاخر وانما نجدهما ينفتحان على بعضهما، كما تحدث عن ناجح المعموري وقال عنه: انه يشتغل على مستويين من توظيف الموروث في النص القصصي، في الاول يستفيد من الاساطير كبنية محركة لثيمة الواقع وفي الثاني محاولته لاسطرة هذا الواقع من خلال تقشير لمتن الاسطورة المراد توظيفها واكساء نواتاها بما يناسبها من الاضافات، وقال ان المعموري مهووس بالجنس في قصصه وتحث عن قصتين له هما (لعنة الاله ايتانا ) و(ابنة المحار وزبد البحار)، وقال انه تعامل مع الموروث عبر توظيف دلالاته العامة حيث رفدها بجملة من خلق جديد للاسطورة الغرض منه تأسيس لنمط من صوت الاحتجاج السياسي فقد تركز التوظيف على ابراز حالات الاخصاء الجنسي باعتباره دال على تعطيل الخصب والنماء وتكاثر الجنس البشري، كما تحدث عن محمد خضير الذي قال عنه: انه يضع صورة المدينة عبر منظورين الاول متخيل والثاني تجسيد لمكان موجود خارج منطقة المخيال اي في واقع الحال وذكر قصته (الحكماء الثلاثة) التي (يكون حضور الشخصيات هذه بدافع ما لحق بالمدينة جراء الحرب من بعد غياب العقل وسط النوايا المشعلة للحروب والاضطرابات، لذا فالقاص انما يستدعي شخصيات الموروث ليحقق ثيمة فكرية دون الاعلان عنها مسبقا، كما تحدث عن فلك الدين كاكه ئي وروايته (ورقة يانصيب) الصادرة عام 1967وقال انها استندت الى مرتكزين معرفيين الاول مركز التناص والثاني استثمار وتوظيف الحكاية، وفي كلا المرتكزين اعتمد التوظيف واستثمار الموروث المثيولوجي والحكائي، وتحدث عن رواية (دوامة الجندل) لجهاد مجيد، وقال عنها: نجد ان عملية البحث عن مدينة الجد تشكل مركز احداث الرواية، حيث اجتمعت الرواية على عدة خصائص ابتداء من دلالة المكان التاريخية والفكرية وصولا الى مدونات الروي وهذا يأتي من اعتبارات الوثيقة التي يطالعها النص ضمن سرديته.
وقد اثار جاسم المستمعين حين تحدث عن الواقع المليء بالاساطير مشيرا الى انه ارتبط بعلاقات حميمة مع (مغسلي ودفاني الموتى) في مدينة كربلاء ويسمع منهم حكايات اسطورية في التعامل مع الجثث، وانه استقى بعض قصصه منها.
وذكر جاسم عاصي في ختام حديثه: لقد اسفرت القراءة التي اعتمدت عددا من القصاصين العراقيين ثمة استخدام للقناع الذي اغوى القصاصين من الرواد والشباب بسبب غنى ما ينطوي عليه الموروث من معاني ودلالات، مشيرا الى: ان تجارب القاصين: محمود جنداري ولطفية الدليمي واحمد خلف ونزار عبد الستار وعباس عبد جاسم وعباس خلف علي وحازم الصافي وجهاد مجيد وغيرهم هي المادة الاكثر غنى في قراءتنا.
وحين انتهى من حديثه فتح باب المداخلات التي اكدت على ان الموضوع الذي تطرق اليه جلسم عاصي من الموضوعات التي تحتاج الى قراءات معمقة ربما بسبب جدة التنظير النظري او القراءة الاسلوبية التي بدأت بالتعاطي مع هكذا كشوفات داخل السرد العراقي والعربي، وفي مداخلته رحب الناقد فاضل ثامر رئيس الاتحاد بجاسم عاصي ناقدا مهما يضاف الى فئة قليلة من النقاد العراقيين الذين يحتاجهم الادب العراقي، مؤكدا: تابعت عاصي كاتبا القصة القصة القصيرة والرواية وفوجئت بتحوله الحاد الى النقد، ومشيرا الى ان اشتغاله هذا لم يكن طارئا ووجدت فيه ناقدا محترفا وملما بأصول اللعبة السردية وان من الحق ان يحتل المكان اللائق بين النقاد، وفي معرض رده على المداخلات اجاب عاصي انه منذ زمن طويل يشتغل على النقد ومذكرا انه عام 1965 كتب ردا في احدى الصحف، كما اشار الى ان السنوات التي غاب فيها الدكتور فاضل عن العراق كفيلة ان تمنحني وقتا لدراسة النقد.
التعليقات