أشيرُ بغضبٍ إليكِ
ويشيرُ العارفُ:
لليل كائنات تداهم أعشاشنا،
تبعثرُ أسرارها
وتمضي
في حيزٍ سميكٍ
وأشار أيضا إلى أننا دائما
نقلّم أوجاعنا
أمام صانعيها.

والليل يبدو مدركا سرّ القسوة،
ساكنا في نسيجها الطري
تعْبرُ الأحلامُ الصغيرةُ إلى سبيلها
يغضّ الليلُ طرفه
خشية الافتتان
أيُّ سرّ
ثقيل
تدركُ
أيها الليل؟
وأية قسوةٍ
تلك التي تفقأُ عين الحياة؟

بيدي أبلسمُ الوقتَ والبذاءات
أعدّدُ أحوالها
وأبدو رحيما وصادقا
تذوبُ
الحكايةُ
على صدر الكلام
وأسألُ
ينتفضُ السؤالُ
حكمةً تائهةً
لماذا تحرقين هواءنا
وتعبثين بجثامين أحلامنا؟


يا غزةُ
يا كذبةَ الرائي
هل بحثتِ عن مفردات لا تشيرُ
إلى ملامح الموت فيكِ؟
يا كابوسَ المُخْلصِ المفتون(*)
يا حلوةً سمراء
ويا فكرةً جرحتْ أوصافُها
مفارقَ الطرقات
وغرفَ
النوم

كم يشتكي التاريخُ من أوجاعه
راكعا
أمام خيبة اللحظة الباردة
وأنت ترتلين القسوة
وتشعلين ردفيك
تضيئين موسم السردين
في عتمة البحر
يا غزةُ احتملي رحلةً تمضي بلا قدمين
محشورة
ً في أجدية يعرفها
العالقون
في سمائك الأولى القريبة من
عيون الدعاة
المخلصين


رماديٌّ بحرُكِ المجروح
وعيناك الرماديتان
تبحثان عن أغنياتٍ تكسّرتْ
في حضورك البهيّ
وعن قائلٍ رماديّ
يخبئُ موتَه دون حرجٍ
في عينيكِ الرماديتين

أدنو من لظاكِ وأقتربُ
وصوتُك يعلّقُ أجراسا في عنق الوقت
الحرائقُ تطاردُ الأمجادَ
والهزائمَ والذكرياتِ
لم يقف بيننا القدرُ
لم يقل لي: تراجعْ
دنوتُ أكثر
فأشرقتُ كفراشة مسّها اللهبُ


النارُ لي
ولنا صواريخُ الطائرات
والموتُ الجماعي
ولنا النارُ بألوانها
لنا المجد
والمجدُ بيتُ القصيد


أساقُ إلى مجيئي
تقفزُ محنةُ المجدِ من عيون المُتّقين
أجيءُ دونَ ألمٍ
قلتِ لي:
صرختُ وكنتُ أعضُّ الهواءَ من الوجع
هكذا قرّر الغيبُ
فقررتُ ألا أغيبَ عن سمائك الموصولةِ
ببحرٍ مفروض على
أنف اليابسة


لم يعد لي ذلك الموجوعُ ذو الحجرات المتروكة
لأحلامٍ أرتبها كيفما شئتُ
ألقي به لأطفالٍ حفاةٍ
وأختفي
في عتمة المخيم.
لن يتبعني،
حيثُ الجالساتُ على عتبات البيوت
سيخطُفْنَه
سأدعو:
لكَ الحياةُ يا سيدَ الموت،
لكَ الأرضُ والتاريخُ
وأوصافُ النبيين
لكن ستذهبُ
إلى حيثُ شاء لكَ السابقون
وتمضي بعيدا هناك.


(*) زياد خدّاش


شاعر فلسطينيي مقيم في غزة
[email protected]