صلاح سليمان من المانيا: علي غرار مايحدث في الثقافة العربية من اهتمام بالخط العربي وفنونه ومن ثم تخليد اعمال الفنانين المجيدين في هذا المجال خاصة الذين برعوا في تطويره واستحسانه، فإننا نجد نفس الشئ يحدث في التقافات الاخري علي سبيل المثال اقيم في مدينة نورنبرج الالمانية معرض لفن الخط الالماني وتطوره عبر العصور واهم الفنانين الذين لعبوا دورا رائدا في تطويره، المعرض يتيح للزوار التعرف علي جزء هام من الثقافة الالمانية خاصة وان المانيا تعتز كثير بدورها في تطوير الثقافة العالمية، فقد كان لها دورا رائدا في مجال الخطوط والطباعة وفيها تم اختراع اول الة للكتابة علي يد الالماني جوتنبرج قرابة العام 1449.

يحكي المعرض الذي اقيم في مكتبة نورنبرج العامة قصة الخط الالماني ومراحل تطوره ابتداء من القرن السادس عشر وحتي القرن الثامن عشر وهي متعة ثقافية للعين ان يري الزائر كل هذا الكم من الصفحات والمخطوطات واغلفة الكتب التي خطت باليد وتحديدا في القرن السادس عشر وما تلاه من قرون لاحقة، يظهر ذلك في عرض منمق وتنسيق بديع اثناء المرور عليه، ونستطيع بسهولة التعرف علي كيفية تطور الخط وبالتالي تطور الفن في صناعته ايضا، وكل ذلك يظهر بلا استثناء كيف كان فنا رائعا ومميزا. فالكتابة في تلك الفترة لم تكن فقط خطا للحروف انما كانت ايضا فنا يمكن تشبيهه تماما بفن الخط العربي، فقد كانت الكتابة تخط بشكل اقرب الي اللوحات الفنية الجميلة كانت الالوان تتغير وتتبدل وكانت الاحرف يتم هندستها باشكال وصور جميلة.
احد اهم اعلام تلك الحقبة التي ركز المعرض عليها هوquot; Johann Neudouml;rfferquot; يوحنا نيودورفر الذي ولد في العام 1497 وتوفي في عام 1563في نورنبرج واكتسب شهرة كبيرة في زمانه ومكانه كأحد اهم الخطاطين الالمان في تلك الحقبة التاريخية واليه يرجع الفضل في رسم شكل الحروف الالمانية وذلك في سنة 1519 وهي الحروف التي ظلت معروفة ومعمولا بها حتي نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد نهاية حقبة الحرب كانت المانيا قد قررت استحداثا جديدا في شكل الخط وتم ذلك بالفعل وهو الخط المعروف والمعمول به حتي الان.
استخدم يوحنا تقنية جوتنبرج في تثبيت شكل الخط وكان جوتنبرج قد توصل في عام 1450 الي ابتكار الطباعة، واستطاع تصمييم الحروف المعدنية وفكرته كانت تقوم علي صها بسهولة وسرعة لتأخذ شكل الكلمة ومن ثم ضغط الالواح التي تراصت عليها الحروف مباشرة علي الورق فتضغط الاحرف المدببة علي سطح الورق لتنفتح مسامه ويحقن بالحبر الملون، بعد مرحلة الكبس هذه تعود مسام الورق لتنغلق محتفظة باللون الطباعة.
احد اهم المعروضات في المتحف هو الكتاب المقدس الذي طبعة جوتنبرج كاملا بمطبعته الاولي التي ابتكرها ولازال محتفظا ببهاء طباعته وجماله حتي الان، ويمكن القول انه بشكله هذا يمثل حاله النموذج الامثل لفن الطباعة.
يحكي العرض ايضا تاريخ مدينة نورنبرج التي تعتبر معقل هذا الفن عبر العصور، فقد ظلت مركزتطوير وتحسين الخط الالماني علي مر العصور، اذا كان يحرص التجار والاغنياء قبل 500 عام في هذه المدينة علي تعليم اولادهم فن الكتابة والحساب، لان ذلك كان مايميز ابناء الصفوة في تلك الاونة وهذا ما فعله يوحنا نفسه فقد تعلم اسس الخط فيها حتي تفوق فيه، وتوج تفوقه هذا..بافتتاح مدرسة لتعلمة االصغار اسس الخط.
ان الصور الموجودة في المعرض توضح كيف اتخذ شكل الكتابة الالمانية في عام 1581 شكلا مميزا اطلق عليه ان ذاك Nordalpinen، وهناك صور اخري تبرز تطوراخر له في عام 1602.
ان التدقيق في لوحات الخط المعروضة في المعرض تشبه الي حد كبير نفس زخارف الخط العربي، اذ تنحني الحروف الي اعلي وتتشابك ثم تنساب الي اسفل بشكل فني رائع وهو ما يؤكد حقيقة ان احتراف رسم الخط هو اقرب الي الفن منه الي الكتابة.
بنهاية القرن الثامن عشر وتطور فن الطباعة فقد الخط اهميته ولم يعد هناك اقبال علي الخطاطين كما كان من قبل اذ كان لهم دورا فعالا في كتابة العقود والمواثيق والشهادات والخطابات وما عداها من امور تستلزم التوثيق وفتحت طريقة جوتنبرج الطريق أمام انتشار الكتب بشكل غير مسبوق في كافة أنحاء العالم. وأدى تداول الاكتشافات العلمية والفكرية إلى صحوة ثقافية كبرى استفادت منه البلدان الأوروبية بشكل أساسي لكثرة المطابع التي نشأت فيها. كما مهدت الكتب المطبوعة لظهور الصحف حتى أصبح صدور جريدة دورية ومتجددة أمراً في متناول اليد. وزادت محتويات الصحف تنوعا، لتحمل العديد من الآراء وتفتح باب الحرية السياسية، فكانت المحرك الأول للحركات الديمقراطية التي غيرت وجه أوروبا.
[email protected]
.