الترجمة عن الألمانية: عبدالرحمن عفيف
كارين شتاينله: أحمد عارف، بالاسم الحقيقي أحمد أونل، ولد في دياربكر في 21 من أبريل 1927. أمضى طفولته في كوردستان. هناك كبر أحمد عارف تحت تأثيرات ثقافات متنوّعة، الأمرالذي أدّى إلى أنْ يتعلّم حين لم يزل بعد ولدا، إلى جانب التركيّة، اللغة الرّسميّة للدولة، الزازيّة في سيفيريك، وهي لهجة كوردية يتمّ التكلّم بها في مناطق سيفيريك- ديرسم ndash; إلازيغ ndash; بينغول، كذلك في كاراكجي تعلّم الكورمانجيّة، اللّهجة الكورديّة الرئيسيّة في القسم التركي من كوردستان، وتعلّم في حرّان اللّغة العربيّة.
لم يتعرّف أحمد عارف فقط اللّغات في محيطه، بل أيضا طرق الحياة ومشاكل النّاس، وتعلّم أيضا أن يحبّ هؤلاء النّاس، حيثُ يبرز ذلك جليّا في شعره، حين يقف إلى جانب المقموعين والمضطّهدين. بطريقة غير مباشرة يدافع أيضا عن الشّعب الكورديّ ضدّ العنصريّة الكماليّة، ولو أنّه لايسمّي هذا الشيء جهارا ولا يأتي في شعره باسم quot; كوردستانquot; أوquot; الشّعب الكورديquot;.
في السبعينات والثمانينات اعتزل أحمد عارف تقريبا الحياة العامة. ومجاوبا على سؤال لماذا لم يعد ينشر أيّة قصائد، يبرر أحمد عارف الأمر بأنّ معظم المجلات تنتمي إما إلى التنظيمات أو الأحزاب السياسية، وهو باسمه المعروف والمعتبر لدى الشعب، غير مستعد أن يُستغل لأغراضها ومصالحها. في السبعينات والثمانينات كان الشغل الشاغل لأحمد عارف هو الاهتمام بتربية ابنه، كان يأخذه إلى المدرسة، يطبخ له الطعام. بالإضافة إلى هذا فإنه كان في محيطه يعتبرا أخا كبيرا، يُسألُ في كلّ شؤون الحياةِ. لم يكن يذهب بعد إلى المقاهي. كان مريضا تقريبا ولم يكن يتحمل دخان السكائر، بسبب من مشاكله القلبية:quot; سابقا كنت أدخن وأشرب أيضا العرق... لكن لم يصبح شرب العرق عندي إدمانا. دخنّت لسنوات طوال. أخيرا تركت التدخين، وإلا لكنت ميتا منذ زمن طويل. كنت أدخن يوميا أربعة باكيتات بافرا، حتى ولو أنني كنت أضيّف الآخرين نصف باكيت، فإنّ الباقي كنت بنفسي أدخّنه.quot;
مات أحمد عارف في 3 يونيو 1991 عن عمر يناهز الرابعة والستين سنة في أنقرة. سر ذلك الشوق في عنوان كتابه الوحيد: quot;شوقا إليك أبليتُ الزّناجيرquot; لم يأخذه معه إلى القبرِ. قبل سنة من موته، أدلى بالتالي:quot; تم مراراً سؤالي وخاصة من قبل أصدقائي الشعراء، أي شوق أقصد، هل هو الشوق إلى الحبيبة، أهو إلى مثل أعلى. لايمكن لهذا الشّوق أن يحدّد بدقّة. بالطبع فإنّه يضمّ في نفسه الحبيبة، لكن بجانب ذلك فهو الشوق إلى الحياة المثلى، حين يستطيع الشعب أن يعيش في سعادة وتكون له حياة ومستقبل مأمنان.quot;) ( مترجمة ديوان quot; أحمد عارفquot; إلى الألمانيّة)
حبّي
لم يهجرني حبّي.
كان عليّ أن أقاسيَ الجوع والعطش،
خائنا وحالكا كان اللّيل،
الروّح متروكة، الرّوح عطشةً،
الرّوح متمزّقة...
والأيدي في القيودِ،
دون تبغ وأرقا.
رغم ذلك لم يهجرني حبّي.
في السجن
أتدري، أنت يا حجر، أنت يا جدار؟
أنت أيّها الباب الحديد، أيّتها النافذة العمياء؟
أنت أيّتها الوسادةُ، أيّها السرير الخشن، أيّها الزنجير؟
أني ذهبتُ إلى الموت وعدتُ ثانيةً،
أنتِ يا صورةَ الظّلامِ الحزينة.
هل تدري،
أنّ زائري أحضر بصلاً أخضرَ،
سيكارتي تفوح برائحة القرنفل،
والربيع قد حلّ في جبال وطني؟...
شارع القَرَنفُل
على كلّ الآفاقِ يبدأ الطّقس في التشتّي
الجهات الأربع كلها، جهات الرّيح الستةَ عشر،
الأجواء السبعة، القارّات الخمس
تحت الثّلجِ.
لنستطيع أن نصلَ إلى بعضنا البعضِ، فإننا
نربط اتّصلات مع فصول السّنة قاطبة:
سكك الحديد، الاسفلت، دروب الأرياف، المسالك الصخريّة الوعرة
طريقي الصعب المنحدرlsquo; دربي الضيّق
الطوروس، الأمانوس والفراتُ المتمرّد
وديان عاجّة بالتبغ، بالقطن، القمح وحقول الرز،
وطني كلّه
تحت الثّلج.
هناك أيضا مَن يتشاحنون في هذا الطّقسِ،
الأيدي والأقدام متصقّعة، القلبُ جهنّم حارقة،
ممتلئين بالأمل، الغضب والحزن.
الأملُ، هكذا بصدقٍ حتّى درجة الخطأ،
انسحبَ راجعا إلى الجبال
تحت الثّلج.
أعرف أغاني تصيرُ أعاصيرَ ثلجيّة،
لوحات، تماثيلا، حكايات أبطال ndash;
أعمال عظيمة كلّها.
فينوسات بغير أذرع، نصف متعرّية،
زقاق ترنانس- نونين،
قبر غارسيا لوركا،
وبؤبؤات بيير كوري
تحت الثّلجِ.
الجدران من حجارة الصبر الصّلدة،
مشارفُ المدنِ تحت الثّلجِ.
يا أنقرةَ اشتياقي الحبيبة،
فقط الذّئابُ تحبّ هذا الطّقَس المبهم.
على شهر ديسمبر أن يمضي على الإسفلت،
إنّي لا أحبّه، إنّي متوجّسٌ من هذا الشّهرِ.
ولربيع آتٍ
- ولكن مَن يعرفُ متى يقدم -
يبقى لقاؤنا محفوظا.
في قلبي هذا الحبّ المعذب بفظاعة
تحت الثّلجِ.
الهواءُ في الأحياء البائسةِ خانق، طافح بالدّخان،
السّماءُ فوق حيّ آلتينداغ الفقير مسدلة الغيوم.
بالكدّ، الحبّ وطوال العمرِ
مشحونون باللّعنات.
رئاتُهم صغيرة، أياديهم كبيرة،
نَفَسهم لايكفي لأيديهم
- جميعهم في سنّ المدرسة الإبتدائيّة -
أطفال على الهامشِ،
تحت الثّلج
الجانبُ الآخرُ من نهر هاتب ناعم،
البولفار في ينيشهر صافٍ.
استفاقَ النّهارُ في شارع القَرنفلِ.
مشيئةُ الحكمةِ ليستْ مبهمة.
إنّّني أعرفُ quot; الأسبابَ الموجبةquot;
وquot; الأدلّةُ الكافيةquot; واضحة.
في شارعِ القّرنفل في بيتِ نباتات زجاجي
تنمو نبتةٌ في وعاءٍ آجريّ.
غصنٌ يمدّ بنفسهِ نحو الأزرق،
رافعا أغنية بكائيّة صارخة حمراء كالنّارِ
لايهمّ
كونها قد كبرت في الوعاء.
فها جذورها تمتدُّ في آلتينداغ وفي إينجسو