بوب ديلان

يوسف يلدا من سيدني ndash; استراليا: لقد أدى عدم إطمئنان بكين للموسيقيين المتمردين، وكذلك الخلافات المالية بين الفنانين والمتعهدين، الى جانب وقوع حوادث خلال الحفلات الغنائية، الى أن تتحول الصين الى صحراء موسيقية تلغى فيها الجولات الموسيقية لكبار نجوم الفن العالميين، بشكل ملفت للنظر، بحيث لم يعد الناس يصدقون ما يعلن عن هذه الحفلات. وما إلغاء حفلات بوب ديلان الأخيرة في بكين وشنغهاي وهونغ كونغ والتبت إلاّ صورة لآخر فصول هذه الدراما الثقافية، والتي أدت الى حرمان الجمهور الصيني من الجولات الموسيقية لكبار نجوم الغناء العالمي، والإكتفاء بحفلات الفنانين من الصينيين والكوريين والتايوانيين.
ويبدو أن الوضع يدعو الى القلق، خاصة في السنتين الأخيرتين، عندما ألغيت جولات موسيقية لفنانين عالميين مثل فرقة أواسيس وذي كيليرس وسيلين ديون ولينكين بارك، في الوقت الذي تم تأجيل حفل quot;عرض السلامquot; حاليًا، وكان قد تم توجيه دعوات الى كل من آيروسميث وغرين داي وبرنس وكولد بلاي.
وعلى الرغم من أن إلغاء بعض هذه الحفلات كان قد تم الإعلان عنه مسبقًا ولأسباب خاصة، كما هي الحال مع فريق ذي كيلرس، حيث كان متوقعًا إحياء حفلته في شهر كانون الثاني الماضي، إلاّ أن إصابة قريب لأحد أعضاء الفريق بمرض خطير كان قد حال دون إقامة الحفل الغنائي، بينما لم يستطع فريق لينكين بارك السفر الى بكين في شهر اكتوبر العام 2008 بسبب المشاكل الصحية التي كان يعاني منها مغني الفريق جيستير بينينغتون.
غيرأن الأمر كان مختلفًا بالنسبة إلى فريق أواسيس، فقد كانت وزارة الثقافة الصينية قد رفضت منح تأشيرة الدخول وإحياء الحفلات لهذا الفريق الموسيقي، على أثر تسرب معلومات عن نويل غاليهير تقول بأنه كان قد إشترك في عرض غنائي، قبل أكثر من 12 عامًا، لصالح التبت.
وأما في ما يتعلق بالمطرب بوب ديلان، فأن مجرد تقديمه في صورة الأب الروحي للأغنية الإحتجاجية، يكفي للسلطات الرسمية أن تمنعه من دخول أراضيها. ومع ذلك، فإن هناك، في الصين، من أشار الى أن الأمر لم يكن يتعلق بأسباب سياسية، بل أسباب مالية أيضًا. فقد ذكر أحد النقاد الموسيقيين الكبار في الصين بأن سبب إلغاء حفل ديلان جاء نتيجة عدم إتفاق مدير أعماله والمسؤولين على تنظيم الحفل.
وإستنادًا الى الناقد الموسيقي، فإن الشركة التايوانية المشرفة على جولة بوب ديلان الغنائية كانت قد طلبت مبلغًا قدره 400.000 ألف دولار مقابل كل حفلة يتم إحياؤها، وهو مبلغ تم رفضه من قبل المنظمين الصينيين.

المغنية الآيسلندية بجورك

ويرى بعضهم إن سبب خشية الحكومة الصينية من الفنانين الغربيين، وإن لم يكن ذلك سببًا رئيسًا وإنما يدعو إلى الإنتباه، هو ما وقع من أحداث في الثاني من آذار العام 2008، عندما بدأت المغنية الإيسلندية quot; بجورك quot; بترديد شعارات لصالح التبت في حفل أقيم في شنغهاي. وتلك الحادثة التي وقعت قبل 12 يومًا من أحداث التمرد الأسوأ طوال 20 عامًا، ربما كانت الأمر الذي أدى بالسلطات الصينية الى النظر الى موسيقى البوب روك الغربية بعين مريبة. وبعد مرور أقل من ثلاثين يومًا، رفضت السلطات الصينية منح الموافقة للمغنية سيلين ديون لأحياء حفلها في بكين. ومما زحزح الثقة بين الفنانين الغربيين وسلطات بكين أيضًا، هو إطلاق فريق غنس آند روسيس ألبومه الغنائي، الذي حمل عنوان quot; جاينيس ديموكراسي quot;، في العام 2008، والذي يتردد إسم الجماعة الدينية quot;فالون غونغ quot; والمحظورة في الصين، بين طيّات كلمات الأغنية التي حملت عنوان الألبوم.
وقبل هذه الأحداث جميعها، كانت الصين قد إصطدمت بموسيقيين غربيين، أمثال الحليق الرأس جاي زد، صديق المغنية المعروفة بيونسيه، عندما تم منعه من إقامة حفلاته هناك، في العام 2006، لأن وزارة الثقافة كانت قد إعتبرت بعض كلمات أغاني زد مفرطة في العامية.
وكان فريق رولنغ ستونز قد واجه بعض الصعوبات أيضًا، وذلك في العام 2006، عندما كان يقوم بإحياء حفلاته في شنغهاي، حيث تم منعه من تقديم أغنية براون شوغر، الى جانب أغنيات غيرها. وقبل ذلك بعامين كانت السلطات الصينية قد سمحت لبريتني سبيرز أن تحيي حفلاتها هناك شرط أن ترتدي ثيابًا محتشمة، غير التي ترتديها عادة.

بريتني سبيرز

والجدير بذكره أن أول فريق غنائي عالمي أحيا حفلاته الغنائية في بكين كان فريق وام، في العام 1985، الذي إستغرقت مفاوضات إدارييه مع المسؤولين الصينيين حول ذلك أشهرًا عديدة. وتلت ذلك حفلات ويتني هيوستن وإلتون جون.
من جانب آخر، الكثير من نجوم الغناء يحبذون إحياء حفلاتهم في شنغهاي، لوجود أعداد كبيرة من الجالية الأجنبية في هذه المدينة، خشية ألا تمتلئ القاعات التي تقام فيها الحفلات بالجمهور. ومع ذلك، فإن الحفل الذي قام فريق ديب بيربل بإحيائه في بكين في العام 2004 يعد من أوائل حفلات الروك الضخمة. وبعد أربع سنوات جاءت quot;بجوركquot; لتصرخ: تبت! تبت! في شنغهاي، مما أدت الى أن يغدو أمر إلغاء الحفلات الموسيقية تقليدًا سارت عليه الصين حتى يومنا هذا.

[email protected]