إعداد عبدالاله مجيد: يدور نقاش حيوي في الأوساط المسرحية البريطانية يحاول الإجابة عن جملة اسئلة تتعلق بتكنولوجيا الاتصالات وتأثيرها في الفن المسرحي، منها ما إذا كانت الانترنت تعمل لمصلحة المسرح أو ضدها، وهل توفر فرصا للتفاعل بين الممثل والجمهور ينبغي توظيفها، أم انها، لا سيما في حالة توتير، لا تفعل سوى إضعاف تركيز المشاهد وانتباهه وتحدِّد قدرة الانسان عموما على توصيل أي شيء يحتاج الى أكثر من 140 حرفا للتعبير عنه.
في هذا الاطار قالت المسرحية البريطانية لين غاردنر ان تطور وسائل الاتصال والاعلام الشاملة والتكنولوجيات الرقمية يطرح على المسرحيين والجمهور معا تحديات لم يعهد لها نظير من قبل وفرصا جديدة ايضا.
من جهة أخرى كتب الناقد الأدبي الاميركي ميتيشكو كاكوتاني في نيويورك تايمز محذرا من تأثير الانترنت على ذائقتنا الفنية وتقديرنا للأعمال الابداعية. واشار كاكوتاني الى ان انتشار الانترنت أسهم في اشاعة ثقافة تعاني من مرض نقص التركيز حيث يتبادل اصحاب الجوالات رسائل نصية فيما بينهم اثناء العروض المسرحية والسينمائية ويصدروا الأحكام قبل ان يروا العمل كاملا. واضاف كاكوتاني الفائز بجائزة بولتزر في النقد ان ردود الأفعال والاستجابات الدائمة التي تتطلبها التكنولوجيا التفاعلية يمكن في الواقع ان تتحول الى رأي عام ضاغط يتحدى استقلال الفنان.
الكاتب المسرحي جورج هونكا الذي يعمل مديرا فنيا لمسرح quot;مينيماquot; البريطاني يشاطر كاكوتاني تشاؤمه الحذر إزاء التفاعلية الالكترونية. وتنقل عنه صحيفة الغارديان ان مستخدمي الانترنت فئة نزقة يطالبون بمتعة آنية لا يوفرها العمل الفني المركَّب. وهو يرى ان هذه مطالبة quot;بمزيد من الضحالة على نحو ماquot;، مشددا على اهمية التنبيه الى ان الارتباطات الرقمية والافتراضية ليست انسانية كما هي في الواقع ـ رقمية وافتراضية.
من جهة أخرى ترى نشرة quot;99 سيتسquot; (99 مقعدا) المختصة بأخبار المسرح ان القضية الحقيقية التي تطرحها الانترنت على الفنانين هي دفعهم الى مزيد من المثابرة في عملهم. وتقول quot;ان الجمهور ذكي.... وهو يحدس الانعطافات القادمة في الحبكة قبل حدوثها، ويعرف الاستعارات والحيل المسرحية ما ان تظهر على الخشبة. وهو في احيان كثيرة يتلقى الوجبة الباردة نفسها حتى وإن كانت ما بعد حداثوية وبالتالي فانه يفضل التواصل مع عمل يرد هذا التواصل بمثله. وإذا كان احد يرسل نصا اثناء العرض فلعله الممثل نفسه وليس احد الحاضرينquot;.
شارك المسرحي تاسوس ستيفينز مؤخرا في مهرجان فني اقامه المجلس الثقافي البريطاني في طوكيو، وحضر على هامش المهرجان ندوة عن المسرح والجمهور في المدينة العصرية. ويقول ستيفنز ان فرقة quot;كونيquot; المسرحية التي يعمل ممثلا فيها تتواصل مع الجمهور مستخدمة التكنولوجيا الرقمية لزجهم في القصة أينما يكونون. ويضيف quot;ان البنية التحتية الرقمية تعني اننا نستطيع أن نأتي بالجمهور الى عمل يُقدم فعلا في أي مكانquot;. وما أن يُجمع الجمهور بهذه الطريقة، يعمل الفنانون على تحويل وجهة نظر جمهورهم بالمحيط.
ويروي ستيفنز قصة عمل فني أخذ جمهور المشاهدين في مغامرة عبر مبنى المسرح الوطني البريطاني وحوله. ويقول quot;اننا بخوض مغامرة داخل المبنى عن المبنى نفسه استطعنا ان نحول ما يشعر به الجمهور داخل المبنى ونظرته الى المبنىquot;.