إعداد عبدالاله مجيد: ثمة ظاهرة ثقافية شائعة لكنها نادرا ما تُناقش بصراحة. تُسمى هذه الظاهرة quot;متلازمة المشاهد الشاذquot;، وهي تحدث عندما تنظر حولك في المسرح أو دار السينما فترى التأثر باديا على الآخرين وتبدأ الشكوك تساورك عن نفسك متسائلا هل الخلل فيَّ أنا إن كنتُ لا أُشاركهم ما يضحكهم أو يبكيهم. وكثيرا ما يصاحب هذا الشك إحساس بعدم الثقة بالنفس أو القلق أو الحيرة.
ان الخبرة التي يعيشها المشاهد بحضوره عروضا مسرحية حية أو سينمائية خبرة شخصية وجماعية على السواء. وكل واحد منا يؤول المعايشة الترفيهية من خلال موشور ذاتي متميز تحدده الذائقة الفنية والخبرة الذاتية. لكننا نتأثر بردود افعال المحيطين بنا واستجاباتهم. فهم ايضا يؤولون العمل الذي يشاهدونه من موشورهم الخاص. ومن شأن هذا ان يكون احدى المسرات التي تتحقق من مشاهدة عمل مسرحي أو فيلم سينمائي. ويمكن لمشاعر جمهور يستمتع حقا بما يشاهده ان تشملنا بعدواها فتزيد متعتنا بالمسرحية أو الفيلم. كما يمكن للممثلين الذي يقدمون أداء حيا على المسرح ان يغتنوا فنيا بتفاعل الجمهور الذي يزجهم معه في الخبرة المعاشة من خلال الاعتراف بما يشيعونه بين الجمهور من مسرة وتقديره لهم.
تقول روكسي هارت بطلة مسرحية quot;شيكاغوquot; التي كتبتها الصحفية مورين واتكنز في عام 1926 quot;أنا أُحب الجمهور والجمهور يحبني لأني أُحبه، ونحن نحب بعضنا بعضا لأننا لم نلق الحب الكافي في طفولتنا.... وهذا هو عالم الفنquot;.
ولكن ماذا عن تلك المرات التي تكون فيها خارج هذه العواطف المتبادلة؟ يكتب تشارلس آيشروود في صحيفة نيويورك تايمز ان عدوى الضحك والمتعة يمكن ان تنتقل الى الآخرين بقدر معتدل ولكنها ليست عدوى وبائية من حيث القدرة على التواصل. وان الانفعال بخبرة المتعة (والفن عموما) ليس محصنا ضد تأثيرات القوى الاجتماعية وضغوطها لكنه يبقى انفعالا ذاتيا في اساسه. فأنت إما تحب ما تراه أو لا تحبه بصرف النظر عما يحسه الآخر الجالس جنبك. وحين تكون أنت الاستثناء الناشز عن بقية السرب فان استجاباتك يمكن ان تتفاوت من الحيرة الى الغيرة الى الشعور بالذنب الى الملل (ولنعترف) الى ازدراء كل الآخرين.
هنا يُثار السؤال عن مسؤولية الناقد في الإشارة الى رد فعل الجمهور إذا كان يختلف عن موقفه. لا شك في ان رد النقاد الذين يتفقون مع مقاربة البرج العاجي سيكون بالنفي لأن مهمة الناقد ليست استطلاع آراء المشاهدين الجالسين في الصف الأمامي أو الخلفي ثم نقل متوسط انفعالاتهم بعد إجمالها. بل مهمته ان يقدم منظوره هو مشفوعا بخبرة ومعرفة واطلاع وذائقة فنية على ما يُفترض. ولكن الأذواق تتباين والناقد الفطين يعرف ان هناك مساحة رمادية لا بد من مراعاتها. ولأن التفاعل مع الأعمال الفنية خبرة شخصية خاصة فلا بد من اعتراف الناقد بأن التفضيلات الذاتية يمكن ان تؤثر في تفاعله مع العمل وعليه ان يفصل بين الأحكام الجمالية المدروسة والتحيز الشخصي الصريح أو يعترف بهذا التحيز على أقل تقدير.
قد يكون من المزعج ان تشعر انك الوحيد الذي يقضي وقتا ممتعا في القاعة. ولكن الناقد آيشروود يقول ان هذا الاحساس يمكن ان يعتبر جزء من عملية بناء شخصيتك الفنية على قاعدة quot;نحن كلنا نقادquot;. وهو يقترح ان تشاطر خبرتك مع آخرين، سواء أكنتَ المشاهد النشاز أو المنسجم مع بقية الجمهور في تفاعلهم مع العرض.