عبد الجبار العتابي من بغداد: بين الثقافة والكهرباء لاتوجد علاقة مباشرة، لكن المثقفين العراقيين يبحثون عنها مثل كل الناس لادامة اشياء كثيرة في حياتهم ومساعدتهم على الراحة والترفيه، وتراهم يتوقون اليها لترميم مساءاتهم التي ترتفع فيها درجة الحرارة الى حد لايطاق، فهم ينظرون اليها بعين اخرى، عين تتقافز في مساحتها لقطات مميزة يعرفون بما يشعرون تجاهها وتراهم احيانا يترجمون ذلك الشعور الى كلمات ساخرة او الى صمت يسيح منه العرق وتتصبب منه الكآبة، ولكن..!!.

فالكهرباء.. وما ادراني ما الكهرباء، هذه التي تسمى في العراق (الوطنية) التي (تلعب) علينا طوال اليوم في نهاره وليله، تأتي وتذهب كما تشاء، في الدقيقة والساعة والثانية، ولا تصبر على البقاء عندنا الا قليلا جدا لسبب هو انها لا تريدنا ان ننساها، وها هو الصيف العراقي الساخن جدا يبدأ منذ اواخر شهر نيسان / ابريل وتتصاعد درجات حرارته لتصل الى حد لا يمكن تحمله، وبينما كانت الكهرباء تمارس حقها في الانقطاعات على مدى سنوات طويلة تصل الى نحو ثلاثين عاما، وكان الامل كبيرا ان الظروف ستتغير ولكنها باتت في حال اسوأ، بات الناس يتظاهرون بسببها ويعلنون استغرابهم واحتجاجاتهم على وضعها المزري الذي ليس هناك من حل له، ولم تؤثر استقالة وزير الكهرباء الذي هو اول وزير غنى له الناس الاغنية الشعبية الشهيرة (يا وزير الكهرباء دير بالك تنتل / انت كاعد ع المكيف واني كلي مشتعل)، حتى اصبح حديث الناس اليومي هو حديث الكهرباء، حديث لا يفارقهم طوال ساعات النهار والليل لاسيما في الصيف العراقي الذي يتحول الى تنور.

ومن هنا ارتأينا ان نطرح سؤالا فنطازيا هو: ماذا لو كانت الكهرباء في العراق رجلا او امرأة؟!!، طرحناه على مجموعة من الادباء والكتاب والفنانين وطلبنا منهم ان يجيب كل واحد منهم حسب ما يراه او علاقته بالكهرباء.

الفنانة المسرحية الكبيرة ازادوهي صومائيل قالت: لو كانت الكهرباء رجلا.. لدفعته خارج البيت وخلصت منه، اطرده فقط لانه لا ينفع، ولا ينفع معه الكلام، وحتى لو تكلمت ضده وأنبته فلا ينفع معه ذلك، اظل اعيش في الظلام افضل، ونحن متعودون على ان نعيش بظلام!!.

وقال الشاعر ابراهيم الخياط: بالتأكيد ان المليارات من البشر سينافسونني على خطب ودها كما يقولون، ومن لا يتمنى ان تكون الكهرباء له، المشكلة ان الكهرباء الوطنية اصبحت كالمرأة الاوربية لبعض العراقيين، يتزوجها كي يحصل على اللجوء او يذهب الى كردستان لان الكهرباء متوفرة هناك.

واضاف: حين اريد مخاطبتها اقول لها: ايتها الكهرباء كوني اما، نريدك اما، لا حبيبة او اختا او بنتا، نريدك اما كي تغدقي بحنانك (المنور) علينا.

اما الشاعر حسام السراي فقال: اقول لها انت اكبر عاهرة في العراق واقول للذي صنع لنا هذه العاهرة الكارثة اما آن الاوان ان تترك الشأن للاخرين عسى ان يأتي من هو اصلح ومن يستطيع ان يقبل علينا ربما بحل لهذه المشكلة الازلية، الاطفال ينامون، موما يقال اساسا في كل مرة اننا نحتاج الى 10 سنوات او الى 12 سنة، وربما 15 سنة، الى متى؟، العراق بلد غني وكفى ضحكا على الابرياء، ما نسمعه ان هناك صراعات بين وزراء على هذه العاهرة او استحقاقات (تناكر) لنقل (الكاز) وخزانت ولا اعرف هذه التفاصيل، المهم ان في المشكلة شيئا اخر يتعلق بكم يحصل هذا وكم يحصل ذاك، هناك اتفاقات مع شركات واخرون لا يريدون هذه الاتفاقات، المهم ما يقال: كفى لهذه السخرية ولا بد ان تقف، ومن يملك الحياء عليه ان يترك المكان بأقل ضجيج.

اما الشاعرة والكاتبة فاطمة العراقية فقالت: الكهرباء وما ادراك ما الكهرباء، سر كبير لا يعرفه الا الراسخون في الوهم لاننا ومنذ العصور الثمانينية السحيقة ونحن نعاني من شحة الكهرباء والى الان والعراق بلد النفط واخيرا لو كانت رجلا لقطغت رأسه.

فيما قال القاص والروائي عبد الستار البيضاني: في كل الاحوال احبها لو كانت امرأة، حتى لو كانت احوالها مثل الكهرباء ثم ان المرأة هي كهرباء ايضا، هي المرأة عبارة عن شحنات كهربائية، لا استطيع ان اقسي عليها ولكن انا تعودت، لا اخاطبها ولا اتخدث معها لاننا لا حول ولا قوة لنا، ونحن راضون بها، المشكلة انني لا اصير عصبيا، اذا هجرتها انا المتألم واذا هي هجرتني انا المتألم وفي كل الاحوال، فلم اجد الا ان اتوسلها واقول لها: مزيد من الحنية ايتها الكهرباء.

وقالت القاصة اطياف ابراهيم سنيدح: لو كانت الكهرباء رجلا.. لكنت قتلته بودي الذي الذي يرغمه على التعامل معي بحذر شديد ورؤية تتيح لنفسي المتعطشة الى حرية البرد وحرية الدفء، حقيقة واضحة ان الكهرباء ركن اساسي لفهم ساعة الانطلاق وان شعرنا ان وجودها يكاد يكون مجرد اسم يعلق ضمن مناهج الوهم اليومي، كل يوم نتأمل فيها التحسن، كل يوم نحلم بها بدل الحلم بالحبيب الغائب، لذا احلامنا تقتصر على عودتها بذلك النفس الطيب وروحنا تمتد لتصل الى مرفأ تطمئن له نفوسنا، الالم المؤلم وكله ملثم برداء عدم المبالاة، ارجو التوعية ودمج ثقافة الرأي في طموحات الانسان العراقي المضطهد بسبب الحرمان، سأعود الى احضان الماضي واتذكر يوما ان في حياتي رجلا يشبه الكهرباء في مودته وروعته وحنينه غير المبالغ.

وقال الشاعر علي وجيه: لا أستطيع النظر إلى مفردة كهرباء دون التلاعب بها ؛ أعتقد أنها تنقسم إلى quot;قهرquot; و quot;وباءquot; لأن مَنْ يجهل الشيء يخاف منه كهاتين ؛ قيل أن الكهرباء من الوحوش الأسطوريّة في الميثيلوجيا العراقية ؛ وقيل أنّها جارية تملك حسناً و جاهاً ولا أحد ينظرُ لها ؛ أما نحنُ فلم نتعرف عليها إلا بشكل بسيط جدا ؛ لم نعرف منها سوى رائحتها ؛ وشكلها ؛ أما لو كانت الكهرباء امرأة فحبيبتي البشريّة كهرباء! لأنها لا تأتي إلا ومعها القطع المبرمج! ؛ و quot;تكهربquot; في نفس الوقت ؛ لذا أقول لحبيبتي الكهرباء: أحبّك لكنك شرّ لا بُدّ منه...

وقالت الكاتبة رؤى عبد الاخوة: لا يمكن مقارنة الكهرباء بالرجل، الرجل انسان والكهرباء هي تجمع مواد من صنع هذا الرجل، لكن يمكن ان اقول للرجل الذي يدير الكهرباء والمسؤول عن تشغيلها: (شوية خلي عندك ضمير، وفكر واذا ما تقدر تفكر.. نام بعد الساعة الثانية عشرة ليلا الى الصباح بدون كهرباء وانت تعرف!!.

وقال الاعلامي عماد جاسم: لو كانت الكهرباء امرأة لقلت لها: خدعتيني باسمك وعلمتيني معاني الاحباط والفشل وكل اشكال الخذلان اتصور نفسي امامك مخدوعا ومهزوما وتعرفت من خلال علاقتك سيئة الصيت انك تعشقين احضان المسؤولين ممن باعو الوطن وترفضين بيوت واحضان ابناء البلد الشرفاء الذين لم يلوثوا انفسهم بصفقات مشبوهة، انتي وانا أأسف لهذا الوصف.. داعرة!!

وقالت الصحفية افراح القيسي: لو كان الكهرباء رجلا لاستعطفته ان يرأف بحال النساء لانهن قوارير، واعتقد انه سيرق بالفعل وللجميلات خاصة، وان لم يرق فليست لديّ اية سلطة عليه، فهو حكم القوي ونحن لا قدرة لنا عليه، فنتوسل به عسى ان يعطى تيارا في صيفنا اللاهب.

اما الشاعر احمد جليل الويس فقال: يا لها من امرأة، تكاد تكون اشفّ وأندر مما هي عليه اليوم، ولكن المشكلة هي انني لا اجيد تفسي ان تكون الكهرباء امرأة، فلو كانت كذلك لكنا على الاقل نستشعر بقايا عطرها على زوايا شبابيكنا على الاقل او في اتعس الاحوال نمتع نظرنا بجمالها ونظلل قاماتنا التي ارهقا الاتكاء على حائط الامل، ربما لو كانت امرأة لامتصصنا من رحيقها ما نبلل به شفاهنا التي جففها انتظارنا لعنب الوعود لكن!!.

وقال شاعر طلب عدم ذكر اسمه: لو كانت الكهرباء امرأة فعلا.. لأحلت القول الى ملحمة درامية ولمارست الاباحة معها، لانها امرأة مخادعة تدخل كل زناة الارض لحجرتها الموبوءة.

اما المصور الفتوغرافي الصحفي سعد الله الخالدي فقال: لو كانت الكهرباء الوطنية امرأة لطلقتها بالثلاث، واذهب لاشتري (مولدة) كهرباء صغيرة، حقيقة لو ان الكهرباء امرأة لارسلها مطرودة الى بيت ابيها واشتري مولدة وارتاح من عذاباتها وانقطاعاتها وغياباتها، خاصة ان هذه الكهرباء العراقية تحتاج الى الكثير من عمليات التجميل.

الشاعر عمر السراي فقال: لانها ستكون امرأة عاق تذهب بعيدا عنا، تبحث عن مسؤولين عن مترفين عن جيوب ممتلئة، لكنها لا تشير الى قلوب جميلة ولطيفة تستطيع ان تعيش معها بحنان وجمال، لذلك نروضها نعلمها الشعر ربما، نعلمها بعض الكلمات الجميلة، نعلمها ان تخون في لحظات سيئة، ان لا تهجرنا ليلا، فوجودها ليلا مهما، ان لا تتركنا ظهرا فالجلوس قرب امرأة ظهرا شيء جميل خصوصا في الصيف، نحاول ان نمشط شعرها الـ (اي سي دي سي) ونحاول ان نضفر جدائلها الحار والبارد، نحاول ان نعيش معها كي لا تكون بعيدة عنا، لن نطلقها ابدا، سأتزوجها زواجا كاثوليكيا الى يوم الدين.