عبدالله السمطي من الرياض: محيرة هي الهوية، وضالعة في مكامن السؤال، هكذا يمكن وصف الحالة الدلالية التي يبديها الكاتب معتز قطينة في كتابه quot; الجنسيةquot; إنه سؤال الإنسان المحاط بجغارفيا وتاريخ وتقاليد وأعراف، مع أنه في نهاية الأمر إنسان مقيم على الأرض، ولد ليكون حرا طليقا، فإذا بالحدود والممالك تضعه في مهالك السؤال، وغيابات جب الألم.
يقول قطينة عن كتابه الصادر هذا الأسبوع: كيف يمكن لكاتب أن يتحدث عن كتابه؟ وأية جرأة هذه التي تحمله على الكتابة عنه؟
فلأعترف أنني لا أستطيع أن أكون حيادياً مع ما أكتبه، هل هذا ما يفعله الكتاب عادة؟ أم أنهم يحاولون ممارسة الحيادية لكي يقال عنهم إنهم رائعون ومتواضعون ولا يعيرون ما يكتبونه اهتماما؟

ويضيف: ولدت فكرة (الجنسية) في أغسطس من العام 2004م، ومنذ أن كانت وأنا أكرر الكتابة والتمزيق.. والكتابة قليلةٌ والتمزيق رائع, لم أحرص على شيء وأنا أكتبه, كتبته كما لو كنت أدخن سيجارتي, وأمزق كما لو كنت أتنفس, ما هو الرقم الذي توصلت له وأنا أكتب هذا الكتاب؟ من غير المهم ذكر الأرقام فالعبرة بما انبجس عن هذه الأرقام لا بها, لكنني, وصولا إلى هذا الكتاب ألفت عدة كتب تشبهه في الاسم, وربما الروح, والموضوع, والفكرة, لكنها كتب عدة عن ذات الحكاية، حكاية الفلسطيني الذي يعيش في السعودية، صاحب الهوية المزدوجة التي لا يدركها، ولا يعرف كيف نشأت ولا يعرف صيغة غيرها لكي يسبغها على نفسه،،
لا بد أنها فكرة لافتة وغير مطروقة، أن تحكي عن أزمة الهوية التي يمر بها صاحب الحكاية، نتيجة التجاذب بين هويتين عصيتين على الامتزاج والجمع، فما بين رواسب الجيل الأول من فلسطينيي الشتات، والنزعات الجديدة التي تشكلها هوية الجيل الثاني في المجتمع السعودي، تبرز شخصية متعددة الهويات والملامح، يجتمع فيها المتناقض، والشبيه، وتتكرر الحكاية التي لا يمكن أن تأخذ قالباً واحداً، كل حكاية تحمل هويتها، وصفاتها، وتفاصيلاً قد تتقاطع في ملامحها العامة مع مجتمع بأكلمه، لكنها تتمتع بكل تأكيد بخصوصية مطلقة..!
إنها حكاية الفلسطيني الذي يتحدث بشكل عفوي عن حياته في السعودية، ويحكي بلا تحفظات عن حياة الفلسطينيين، من داخل بيوتهم، أحاديثهم، تعاليمهم لأبنائهم، علاقتهم بالسعوديين, وعن كل ما تضمه بيوتهم، وعن الأثر الذي ينتج عن احتكاك ثقافتين مختلفتين، والثمن الذي يتوجب دفعه من قبل من يحملهما..!
هل حياة الجيل الثاني من الفلسطينيين في السعودية مأزومة فعلا؟

ويختتم قطينة: أريد أن أوضح أن الحكاية التي يحملها الكتاب ليست حكايتي، لا بد أنها تتقاطع مع بعض تفاصيل حياتي،
لكنها ليست حكاية كاتبها أبدا..! هكذا يوضح الكاتب الفلسطيني معتز قطينة المقيم بالسعودية عذاباته ومكابداته التي يمكن ان تشكل هويته، أو تشكل هوية جيل جديد آخر في الشتات. وهكذا أعطانا من مدونته الشخصية ما يضيء لفتات هذا الكتاب الجديد وتقاسيمه الدالة.