عبد الجبار العتابي من بغداد: قدمت الحكومة العراقية اعتذارا إلى جمعية آشور بانيبال الثقافية التي كانت قد تعرضت لاعتداء من قبل مجموعة مسلحة ترتدي ملابس عسكرية، وقد جاء الاعتذار على لسان وزير الثقافة سعدون الدليمي خلال زيارته التي قام بها للجمعية عصر يوم السبت
وقال وزير الثقافة في كلمته التي تحدث فيها لاعضاء الجمعية وعدد من منظمات المجتمع المدني والاعلاميين: انا سمعت بما جرى لهذه الجمعية وغيرها وانا اتيت ممثلا للسيد رئيس الوزراء لان الرجل شعر بالحزن والغيظ في الوقت نفسه، نحن نعرف ان لدينا فرصة كبيرة جدا لبناء مجتمع ديمقراطي قائم على دستور آمن اول ما آمن بالتعدد بالتعددية، آمن بصيانة الحريات، الفردية والعامة، ولهذا من هذه الزاوية وبهذا الخصوص كان السيد رئيس الوزراء منزعج من بعض التصرفات التي لاتليق بالعراق الجديد.
واضاف: كلنا يعرف اننا غادرنا الدكتاتورية من زمان، ولكن لكي تغادر الدكتاتورية عليك ان تغادر ادواتك، وعليك ان تغادر افكارك، ومن ضمن الادوات التي ما زلنا محكومين فيها بالدكتاتورية القوانين، المرحلة الماضية وضعت قوانين على كل شيء، وقوانين لاتأخذ بنظر الاعتبار حريات الناس، ومن ضمن هذه القوانين هناك قانون رقم 82 لسنة 1993 وهذا القانون معروف للجميع، كان يربط كل الجمعيات الثقافية والنوادي وحتى المطاعم السياحية المهمة كان يربطها بوزارة الداخلية، ةويبدو ان هذا القانون لازال حيا يرزق، أي لم ينته، نافذ الى ان يأتي قانون يزيح هذا القانون، ولهذا انا قلت ادوات الدكتاتورية لازالت موجودة وهي قوانينها.
وتابع: بعض الاخوان لسبب او لاخر يجد لديه مرجع قانوني ويتصرف على هذا الاساس، طبعا هذا امر مرفوض جدا، نحن بلد يسعى لبناء مجتمع ديمقراطي، والمجتمع الديمقراطي لايبنى على وجهة النظر الواحدة، بل يبنى على التعدد، الثقافي والسياسي كما يبنى على التعدد في امور كثيرة، وكما سبقتنا امم اخرى واصبحت قوية، بالتعدد علينا ان لاتعتبر التعدد عقبة وانما ان نعتبره قوة ونتمسك به، التعدد والتنوع في ان معا، ولهذا عندما جئنا الى وزارة الثقافة رفعنا شعار نحن مع ثقافة التنوع وليس مع ثقافة النوع التي نرفضها لانها ثقافة استعباد سواء كانت من أي اتجاه، لانها تستعبد بني ادم الذي كرمته كل الاديان السماوية، وقلنا في مجال اخر نعم نحن مع التعدد ومع التنوع الذي نعتبره قوة، وفي الوقت نفسه لا نريد باسم وحدة الوطن ان نصهر هذه المكونات في اطار وطني اسمه اطار وحدة الوطن، صهر المكونات امر قاتل للابداع، امر قاتل للثقافات والتعدد وانما نسعى لكي نكون نسيجا اجتماعيا يحافظ على الوانه لكنه نسيج متين، وهناك تجارب دولية كثيرة مارست هذا الامر ونجحت فيه، نحن لازلنا تجربة فتية لازلنا نعاني من امور كثيرة، الدميقراطية لايمكن ان تتحقق كشعار او ليست هي رغبة فردية مني او منكم وانما عمل جماعي ينطلق اساسا من وعي وثقافة الناس، ان لم تكن هناك ثقافة ديمقراطية تؤمن بالاعتراف بالاخر الذي يخلق حالة التسامح الذي يفتح الباب للتعايش، هذا الامر لايمكن ان يتحقق اذا كان فرديا، وانما يجب ان تحكمه قوانين ويجب ان يضمنه دستور، بدون ذلك لايمكن ان يتحقق الامر ابدا، نحن مع الديمقراطية التحررية التي تحرر عقل الانسان وتعطي فسحة للعقل الناقد لكي يقول ما يرى.
انتم جمعية او منظمة من منظمات المجتمع المدني، اعتقد من احد الاركان الاساسية لبناء مجتمع ديمقراطي قائم على التعددية واحترام حقوق الانسان بكل معانيها وابعادها هو وجوب ان تكون هناك منظمات مجتمع مدني فاعلة، بدون هذا الامر لايمكن ان تتحقق الديمقراطية، ولا يعني سقوط نظام دكتاتوري ومجيء بديل عنه يعني ان الدكتاتورية انتهت والديمقراطية بدأت، لا لاننا نحتاج الى جهد كبير جدا، احد هذه الاركان الاساسية لبناء تجربة ديمقراطية حقيقية هي منظمات المجتمع المدني وانا قلت عندما عدت الى العراق كنت احد الناشطين في منظمات المجتمع المدني والمنظمات الثقافية واسست منظمة لازالت فاعلة وعاملة الى حد الان هو (مركز العراق للدراسات الستراتيجية) وهو مركز رائد ومهم.
واستطرد موضحا: انا ارى منظمات المجتمع المدني يجب ان تكون وسيطا، بين الدولة والجكومة، الدولة مؤسسات راسخة دائمة والحكومة متغيرة في الانظمة الديمقراطية، دائما تسعى الحكومات حتى في المجتمعات الديمقراطية العريقة للسيطرة على الدولة لكي تسيّر القانون والمؤسسات لصالحها، السؤال هو: من يقف حائلا بين رغبة الحكومة في السيطرة على الدولة؟ او رغبة الدولة لمصادرة الحكومة.؟ الجواب: هي منظمات المجتمع المدني التي تقف في النصف لانها تمثل الناس، الطيف الواسع، تمثل انسانية الانسان لهذا تكون وسيطة ولا تسمح للحكومة بأن تسيطر على الدولة ولاتسمح للدولة ان تلغي دور الحكومة، لكي يعيش المجتمع في حالة استقرار ووئام ولكي نحقق حالة التعايش التي نتمنى ان تكون.
واكد: ان جئتكم اليوم باسم السيد رئيس الوزراء ان اقدم اعتذاري لكم لما حصل واتمنى ان لايشكل هذا عائقا امام عملكم كمنظمة مجتمع مدني، الى جانب هذا اتمنى ان تزاح القوانين التي تعتبر معوقات امام بناء ديمقراطي سليم وامام بناء حالة من التعايش التي نريدها في هذا المجتمع، ان شاء الله هذه لن تتكرر وارجو من كل منظمات المجتمع المدني ان يتعاونوا مع وزارة الثقافة وان نكون يدا واحدة لبناء ثقافة تنوع وليس ثقافة نوع، المؤسسة الرسمية التي تمثلها وزارة الثقافة غير قادرة على ان تنهض بهذا الامر لوحدها، انتم مدعوون جميعا، مثقفين خارج الاطار الرسمي ومنظمات مجتمع مدني ان نتعاون معا لبناء اساس ثقافي متين ليس فيه خروقات لا للانسان ولا لحرياته.
انا اقدر عاليا كل منظمات المجتمع المدني التي حافظت على حياتها والتي لم تستوعبها بعض الاحزاب، فحينما تسيس منظمات المجتمع المدني لاقيمة لها.
من جانبها طالبت جنان صليوه يوخنا رئيسة جمعية اشور بانيبال رئاسة الوزراء وعمليات بغداد ومجلس محافظة بغداد بحماية المنظمة، وقالت: هذه المرة الثانية التي نتعرضت لهذا الانتهاك، المرة الاولى كانت في نفس يوم انتهاك اتحاد الادباء ولكن الاتحاد تحدث بالموضوع واثاره لكننا سكتنا، اما المرة الثانية فكانت بقوة، واتمنى ان تصل مطالبنا وتكون مطبقة على ارض الواقع.
من جهته قال ازاد هرمز العمادي مفتش عام ديوان الوقف المسيحي والديانات الاخرى: ما حدث في جمعية اشور بانيبال يؤسفني ان اقول ان فيه تهجم ضد المكون المسيحي، فالفئة التي انتهكت المكان بقوة السلاح وبحماية الشرطة تلفظ افرادها بكلمات بالحرف الواحد (شعندكم هنا باقين.. اطلعوا)، انا لست احرف الموضوع عن موضوع الحريات ولكن الامر اخذ جانبا اخر بالاضافة الى انه قمع للحريات.