في البداية
لم تكن الكلمة صَلاتي التي استجاب لها الشعر
ولم تكن تاريخي
الملتصق- كما كنتً أتخيل-
بماء النهر
وإن في البداية علاقة غير مكتملة
مع الناس
في منازلهم
وبين أطفالهم الذين هم في أعمار الموت
وعلى الأرصفة المزدحمة بالكائنات
وفي الحانات الفارغة من الحسن
وفي المصالح الحكومية الباهتة
وإن في البداية
مشاهد غير حاضرة
أستطيع فيها أن أصف نفسي
ببعض العبارات الجاهزة
فأنا- مثلا- الطريق إلى أرض غير محفوفة بالمطر
وأنا كل ما تريد أن تشرحه الدمعة
لخدي طفلة تفقد في كل خطوة على الرمل
قطعة من نسيجها
وأنا لحظة لا أستطيع أبدا
أن أملأ فراغها
ببعض القصائد المخنوقة
فهل تريد أن نسير معا
كنصفين
أو كحجرين
انسلخا من جسد الأرض
ولم يكن بوسعهما أن يلتقيا
لولا أن سقوطهما كان في نفس الدائرة من النهر؟!
وهل تجرب معي الضحك بنصف الوجه
... والبكاء بنصف العين
وطرح السؤال بنصف علامة الاستفهام؟!
وهل سقط المطر من سمائك- مرة-
من دون أن يخدش خديك
ومن دون أن يجرف- مثلا- الخطوات من تحت قدميك؟!
وهل تتمكن جارتك- التي دائما ما تتلصص عليك
من ثقب في النافذة المغلقة-
من أن تقنعك بضرورة التخلص
من طائرك الذي يحرص شفتيك من الابتسامة
ويحرص جسدك خلف حواجز الصمت؟!
وهل عثرتَ من خلال بحثكَ المحموم
على شارع واحد
لم تطأه أقدام العتمة
ولم يبعثر غباره المارة
الذين يكتبون أسماءهم
على ألواح الوقت
بينما أعمارهم ضيقة... كالزمن؟!
وهل تفكر أصابعك- كما أتخيل-
في النقر المنتظم على الطاولة
من دون أن يتوقف الإيقاع عن الرجف
ومن دون أن تتبدل اللحظة
من مجرد أوتار تنبض بالخوف
إلى ترانيم... ترهج بالصمت؟!

[email protected]