صلاح سليمان من زيورخ: يواجه زاهي حواس وزير الآثار المصري في وزارة أحمد شفيق الجديدة صعوبات جمّة في طمأنة الرأي العامحول انعدام الشفافية في حجم السرقات التي طالت أماكن أثرية عدة إبان إندلاع الثورة المصرية في شهر يناير/كانون الثانيالماضي، هذا فضلاً عن اتهامات بالفساد يوجهها له مسؤلون في هيئة الآثار المصرية، وبأنه واحد من المحسوبين علي نظام مبارك البائد وواحد من رجاله المقربين.

يعرف عن الرجل أيضًا ارتباطه الوثيق بأجهزة الإعلام الأميركية والأوروبية، وقد ثار جدل كبير حول تصدره المشهد في برامج تليفزيونية أميركية خاصة عدةتتعلق بأبحاث في هرم خوفو، تم ابتذالها في مشاهد سينمائية جرت على طريقة أفلام هوليود، كان الرجل هو البطل في تلك البرامج، حيث يصول ويجول داخل آثار مصر وهو يرتدي قبعة فكاهية لرعاة البقر الأميركيين، وأصبح الأميركيون يلقبونه بـquot;إنديانا جونز المصريquot;، هذه التسمية الهزلية أبعدته مسافة عن كونه رجل علمي وباحث، كان يجب أن يحافظ على صورته وصورة الآثار المصرية، وينأي بها عن الوقوع في تلك التسميات والأشكال الهزلية.

في حديث لمجلة دير شبيغل الألمانية أجراه معه الصحفي quot;دانييل شتاين فورثquot;، نفى زاهي حواس تصنيفه على أنه من رجال مبارك المخلصين. وقال في معرض رده علي سؤال في هذا الخصوص ـ لا ـ على الإطلاق إن هذا الإعتقاد من قبل بعض الناس هو هراء، لكن دير شبيغل تسأله عن رد فعله حول مطالبة الكثيرين له من المتظاهرين بالإستقالة وتسأله اليست هذه الإستقالة مشروعة؟ خاصة وأن الكثيرين من متخرجي كليات الآثار يطالبونه بها.

هنا يدحض زاهي حواس هذه المزاعم على حد قوله، ويقول ان الشباب الذين تظاهروا كانت مطالبهم تتلخص في هدف واحد وهو انهم يريدون وظيفة وليس اكثر، وهو يرى ان البحث عن وظيفة كان هو السبب الأول المحرك للثورة وليس لذلك علاقة مع مبارك او نظامه السياسي.

ويوضح في هذا الصدد أن آلاف المتخرجين من كليات الأثار بدون عمل، ولدينا العديد من كليات الاثار التي يتخرج منها سنويًا الآلاف وهم اكثر من قدراتنا علي توفير اماكن عمل جديدة لهم، وعن مشروعية هذا الطلب يقول حواس ليس لدينا موارد مالية لتوفير أجور لهؤلاء فمن اين استطيع توفير مرتبات لهم؟ لدينا القدرة فقط علي تعيين 500 فرد وليس الآلاف.

زاهي حواس يدافع عن مبارك

يدافع زاهي حواس عن مبارك، ويقول انه لم يكن رجلاً سيئًا على الإطلاق، ويؤكد أنه كان بطل في الحرب وفي السلام، وهو كإنسان كان له ميزاته وعيوبه، لكن استطيع القول ككل المصريين ان الوقت كان قد حان لرحيله عن سدة الحكم بعدما طالت فترة حكمه، وانأ ارى انه بعدما قدم استقالته لم يكن هناك داع إلى زدراء الرجل الآن.

يرى حواس ايضًا ان الثورة المصرية هي ثورة من اجل توفير فرص العمل، غير ان الصحافة الاجنبية لم تذكر تلك الحقيقة، وهذا هو عار عليها علي حد وصفه. يقول حواس انه ذهب الى ميدان التحرير للتظاهر ومساندة الثورة، ويؤكد انه ليس سياسيا، ويضيف ان عملي المحبب هو الحفاظ علي كنوز مصر الاثرية ومتاحفها، وهذا هو سر حب المصريين لي على حد وصفه.

اهتزت مصداقية زاهي حواس بشدة ابان اندلاع الثورة، فقد تباينت تصريحاته حول سرقة المتحف المصري اثناء المظاهرات في ميدان التحرير، فكان قد صرح ان الاثار لم تسرق من المتحف، انما حدث تخريب لبعضها، وكان اللصوص يحاولون البحث عن الذهب والذئبق الاسود علي حد وصفه، وعندما لم يجدوه تركوا الاثار كما هي، غير انه عاد وبعدما سقط النظام ليقول إن هناك سرقة حدثت بالفعل، وإن قطعًا اثرية عدة اختفت من المتحف.

عن تلك السرقة يقول زاهي حواس في حديثة لمجلة دير شبيغل انهم عثروا على بعض هذه القطع المسروقة في حديقة المتحف المصري، ويقول اتصلت به احدى السيدات وقالت ان ابنها 16 عام وجد تمثال الفرعون توت عنخ امون ملقى بين حاويتين للقمامة في ميدان التحرير، فكنت أسعد انسان باستلام هذه الرسالة.

ان التناقض هنا في الحديث يبدو غريبًا عن عدم اختفاء الاثار قبل سقوط النظام، ومن ثم التأكيد على السرقة بعد سقوط مبارك، ومما يزيد الغموض اكثر انه لم يشرح كيف عثر علي الاثار مدفونة في حديقة المتحف، وقصة الطفل الذي عثر عليها تبدو أكثر غرابة، خاصة وأن قيمة الآثار المصرية قد تتفوق على قيمة معدن الذهب اذا كان الذهب بالفعل هو المقصود من وراء السرقة.

من الممكن ان تكون طمأنة زاهي حواس حول عدم سرقة المتحف وراءها غرض سياسي يرجع الي طمأنة الشعب في ظل الرئيس المخلوع حتى يساعد في أن يستتب الأمن، وان لا يثور الناس ضده. أما بعد سقوطه فلم تعد الطمأنة مطلوبة.

غير أن زاهي حواس ينفي في حديثه ذلك، ويقول انه في صباح 29 يناير ذهب الى المتحف، ولم يستطع اجراء جرد فوري للآثار، ولكن المشهد العام كان يوحي ان القطع الأثرية المهمة في المتحف لم تمسّ، لكن ما رأيته كان هو تحطيم 30 فترينة وكانت 70 قطعة من المعروضات محطمة بنسب متفاوتة، منهم 20 قطعة كانت محطمة بشكل كامل.

لكنه يجيب حول سؤال ألم يكن بالإمكان حماية افضل للمتحف المصري؟ بالقول إن ما حدث يمكن ان يحدث في اي متحف في العالم في نيويورك او لندن او باريس، اننا نرى انها معجزة ان اللصوص لم يتمكنوا من سرقة المتحف بالكامل، فالامن كان غائبا تماما، وهذا امر عجيب، اذ كيف اختفى الأمن من البلاد بهذه الطريقة، واصبحت هكذا البلاد عرضة للنهب والسرقة.

تأجيل المطالبة برأس نفرتيتي

لا يفكر زاهي حواس في الإستقالة الآن، ويقول عن ذلك أنا لا اريد ان اكون وزيرًا، انا انسان موجود بين المقابر ابحث وانقّب عنها في رمال الصحراء، في الأوقات العادية ربما لن اقبل الوزارة، لكن البلاد تمر في أوقات استثنائية الآن، ويجب علينا مساندتها والعمل معًا لمساعدة البلاد والقضاء علي الأضرار والمكافحة من اجل مستقبل افضل لمصر، وعن سؤال لديرشبيغل حول استمرار المطالبة برأس نفرتيتي في ظل تدهور الوضع الأمني في مصر، يقول حواس طبعا سأستمر في المطالبة بالرأس، ولكن هذه قصة مختلفة الآن، فالاولويات بالنسبة إلينا هي إعادة فتح المتاحف، وترميم الآثار المحطمة، ومن ثم عودة علماء المصريات الأجانب العاملين في مصر مرة أخرى الى مواقع عملهم.
[email protected]