إيلاف: منذ سنوات يواصل الدكتور رسول محمَّد رسول الكتابة في مجال السرديات الإماراتية؛ فبعد كتبه: (الجسد في الرواية الإماراتية)، و(صورة الآخر في الرواية الإماراتية)، و(تمثيلات المرأة في الرواية الإماراتية)، يأتي كتابه الجديد (العلامة والتواصل/ في سيميائيات السَّرد القصصي الإماراتي/ 2011) الصادر مؤخراً عن quot;دائرة الثقافة والإعلامquot; بالشارقة كاستمرار في قراءة نصوص هذا السَّرد وفق منهجية التحليل السيميائي.
نظر المؤلف في نحو خمسة عشر نص قصصي لكتاب إماراتيين من مختلف الأجيال، ابتداء من شيخة الناخي، مرورا بعبد الله المري، وجمعة الفيروز، وعلي أبو الريش، وناصر الظاهري، وفاطمة حمد المزروعي، وحارب الظاهري، وصولاً إلى عائشة الكعبي، وصالح كرامة، ومنى العلي، وفاطمة الناهض، وفاطمة سلطان المزروعي، وعائشة عبد الله، ومريم هلال الساعدي، ومحسن سليمان حسن.
تعاني النصوص السَّردية القصصية الإماراتية من الشح في الدراسات النقدية وفق مناهج قرائية معاصرة، وحتى اللحظة لا نجد سوى كتابات نقدية خجولة تشتغل تحت سطوة غياب الاقتراب الحقيقي من النصوص، التي يقف وراءها ما يسميه رسول بـ quot;النقد العليلquot; (المقدمة ص 11).
لذلك شرع المؤلِّف بدراسة خمسة عشر نصاً قصصياً إماراتياً وهو يتوسَّل المنهج السيميائي، يقول في هذا الصدد: quot;في خلال بضع سنوات أمضيتها قارئاً عدداً وفيراً من النصوص القصصية الإماراتية القصيرة، وجدتُ الوعي السيميائي حاضراً في الكثير منها، فدخلتُ إلى عالمها بمصباح سيميائي كاشفاً عن الكيفية التي مارس من خلالها هذا الوعي دوره في الكتابة الإبداعية لدى بعض كتّاب القصة الإماراتية القصيرةquot; (ص 10).
خمسة عشراً فصلاً ضمها هذا الكتاب بين دفتيه، وجاءت عنوانات الفصول كالآتي: المقدمة: الإقامة في النص المتخيل، تجليات العلامة والجسد، سيميائية الفرجة، علامات الرعب المتخيل، سيميائية النفور، قيامة الرغبة وسيميائية الأهواء، الأريكة.. ومرئيات الجسد، سيميائية الحلم المتخيل، الذات الأنثوية إزاء جسدها، الغجري وجسدية مدينة متخيَّلة، سيميائيات التعرية، مكبوتات النيئ والمطبوخ، سيميائية الغيرة، سيميائية المواجهة الأنثوية، أهواء المهاجر، تمثيلات الجسد الأنثوي المهان.
يمثل هذا الكتاب الدراسة السيميائية الأولى من نوعها تلك التي تضع نصاً قصصياً واحداً على طاولة التحليل السيميائي المعمَّق بغية استكشاف حياة العلامة فيه، ووظائفها بوصفها دالاً على التواصل داخل النص، وعبر أحداثها، وبين الفاعلين فيها سواء كانوا شخوصاً أم عوامل مساعدة تتصارع مرة وتتصالح مرة أخرى لبناء حكاية القصة من وجهة وبخطابها من وجهة أخرى.
في كل فصول هذه الكتاب بقي المنهج القرائي الذي اتبعه المؤلِّف مديناً للتحليل النَّصي المعمق الذي يستجلي حياة العلامة قدر تعلقها بالتواصل في النصوص القصصية المصطفاة في هذا الكتاب، باحثاً عن الكيفية التي عمل فيها الناص في كل نص على بناء كينونة العلامة كحياة نابضة في النص.
ظل الدكتور رسول محمد رسول أميناً في البقاء بفضاء الحكاية في القصص التي اشتغل عليها فأهدى كتابه هذا إلى والدته الراحلة التي قال عنها quot;إلى أمي.. إلى حكاياتك الدافئات كالخليجquot;، كما أنه ظل أميناً على روح المنهج السيميائي وذلك عندما أفرد عتبتين نصيتين تصدرتا الكتاب إحداهما مقوله للفيلسوف الفرنسي ميرلو بونتي جاء فيها: quot;يجب أن نصف المرئي كشيء يتحقَّق عبر الإنسان ومن خلالهquot;. والثانية للفيلسوف السيميائي أمبرتو إيكو الذي قال: quot;تُعنى السيميائية بكل ما يمكن عدِّه إشارةquot;. يقع الكتاب في 180 صفحة من القطع المتوسط.