محمد الحمامصي من القاهرة: كشفت الكاتبة الروائية الإماراتية مريم مسعود الشحي في quot;أنثى ترفض العيشquot; عن كثير من هموم ومشكلات المرأة الإماراتية وما تتميز به من نضج وجرأة وإقدام في سعيها لتجاوزها وتحقيق طموحاتها وأحلامها.
وعلى الرغم من أن الرواية هي الأولى للكاتبة إلا أنها استطاعت أن تقبض على عوالم شخوصها وأحداثها وتقدم سردا متميزا على مدار عشرة فصول حملت عناوين شاعرية ألقت بدلالات مهمة، وهي تعكف الآن على روايتها الثانية، وفي هذا الحوار نتعرف على جوانب رؤيتها الإنسانية والإبداعية.

** بداية نود التعرف على المحيط الذي نشأت في كنفه والمكونات الأساسية لشخصيتك الثقافية وأثر ذلك كله في اتجاهك لكتابة الرواية؟
** قد يكون أمر نشأتي و محيطي مثار جدل، فقد نشأت في عائلة لم تر في الكتب سوى وسيلة للتعلم تنتهي صلاحيتها بعد أن يحصل المرء على شهادته الأكاديمية، لكن من بين تلك العائلة كانت أمي تجد في كتاباتي شيئا ما يستحق القراءة، لذلك كانت دائمة التحفيز لي بشأن الاستمرار بأمر الكتابة، أظنها من شكل وعيي الثقافي الأول، فقد كانت أول من دفع بي للكتابة.

** في روايتك الأولى quot;أنثى ترفض العيشquot; ثمة تقارب بين شخصيتك وشخصية البطلة الراوية، هلا تحددين لنا ظروف كتابة هذه الرواية والمؤثرات التي كانت وراء تشكيلها على مستوى الأحداث والشخصيات؟
** يرى البعض ذاك التشابه بيني وبين نورة بطلة العمل، لكن ذاك التشابه ليس سوى من باب quot; كل روائي يترك شيئا منه معلقا داخل شخوص أعمالهquot;؛ ففي خوف نورة من الفقد هو خوف حقيقي في داخل شخصيتي، خوف تحور خلال الكتابة إلي شيء مجسد عبر شخصية نورة، في تشكيل شخصية نورة كنت أعتمد على جوانب من شخصيتي، لكن لنورة ذاتها الخاصة البعيدة عني.
ظروف العمل على شخصية نورة جاءت من خلال فكرة تعدت خارج الإطارات الشخصية أو النفسية للبطلة، فقد كانت في العلاقة بين الأب والابنة في مجتمع يدفع بالابنة ناحية الأم كي تكون لها الملاذ الأمن، من ذاك المنطلق كانت الرواية من أيقونة على شكل سؤال تنامى داخلي ماذا عن الآباء والبنات؟ ماذا عن احتياجات الابنة لذراع والدها وزند اتكاءاته، ماذا عن صورة الأب في مجتمعنا الذي أطر العلاقة في العائلات بين أم وابنة وابن وأب وزرع أيدلوجيات خاصة من هذا الباب ومهرها بأعراف اجتماعية تلوح بأن ذاك الانعطاف هو الصواب، غير مدركين بأن الابنة أيضا تحتاج زند والدها لتتكئ عليه، من تلك الأيقونة التي طرقت باب quot; واقعquot; ما في رأسي انطلقت فصول quot;أنثى ترفض العيشquot;.

** تكشف الرواية عن معاناة حقيقة تعيشها البطلة مما يدفعها لإدمان الإنترنت هربا مما يجول بداخلها من أفكار غريبة، فهل ترمين بذلك إلى معاناة تعيشها المرأة في الخليج عامة والإمارات خاصة؟
** هروب نورة إلى عالم افتراضي لم يكن يشكل جزءا كبيرا من وقتها بل كانت تتكئ عليه في ظل وقت أصبح العالم به يتنامى على هيئة رقمين هما الصفر والواحد، وهي اللغة الخاصة بالكمبيوتر، وجدت به سلوتها كما أن كثيرين من الناس يجدون في الجلوس أمام شاشة وكيبورد، هو عالم كامل بحد ذاته قائم على وجود أحاديث واستقاء للمعلومات، كما أن وجود أصدقاء أفتراضين هو ما كانت تبحث عنه.
المرأة الخليجية حالها حال الذين تأثروا بهذه الحياة الافتراضية التي أوجدها عالم الإنترنت والكمبيوتر بشكل خاص ربما لخصوصية وطبيعة المرأة الخليجية من تحفظات رمت بها أمام ذاك الجهاز الذي يتيح لها حرية التنقل والكتابة والسرد دون الشعور بالحاجة للحفاظ على معطيات بعض المحاذير الاجتماعية، في حين البقاء على بعض الخطوط التي لا يمكن تجاوزها.
ونورة وجدت بحزنها دافع لأن تلج ذاك العالم الذي يشرع أبوابه أمام حزنها ووحدتها على مصرعيه دون الحاجة لعبور عتبات غرفتها التي كانت تتشرنق داخلها كفراشة في طور النمو، حيث كان حزنها هو المسيطر الأول على كل تجليات حياتها، كانت تدفع داخل الانترنت والحياة الافتراضية تلك ملامح لحياة كانت تعيشها، فقد كانت عبر الصفحات التي كانت تزورها لتعلق حنينها لوالدها الذي كانت تعتقد بعقلها بأنه قد رحل باكر قبل أوانه، غير مسلمة مفاتيحها للإيمان الذي كان بعيدا كثيرا كما حكت عن قلبها و عقلها.

** جرأتك في طرح معاناة المرأة هل كانت محل اعتراض أو رفض من قبل الأهل والمجتمع ؟
** لم أجد أي اعتراضات تذكر على ملامح الهوية التي رسمتها في شخوص quot;أنثى ترفض العيشquot;.

** وما هي رؤيتك للوضع الاجتماعي للمرأة في الإمارات؟ ما أهم المشكلات والقضايا التي تعانيها وكيف ترين نصيبها من المعالجة الأدبية لدى الكتاب والكاتبات؟
** المشكلات الاجتماعية للمرأة الإماراتية هي أمور لا ثوابت لها نظراً لتغير المعطيات العامة للحياة، ومع تغير المعطيات تتغير أشكال المشكلات والقضايا الاجتماعية في الإمارات، حيث كانت قبل حين تصب في تعليم المرأة مواكبتها للحياة المتنامية، لكن مع تحقيق ذلك بعد سنوات اختلفت المشكلات حيث صارت أهمها ربما الطلاق والتنشئة الصحيحة، المعالجة لتلك المشكلات معالجة جريئة تخدمها بشكل صحيح لدى البعض.

** تعملين الآن على إصدار عمل روائي جديد هل اختلفت تقنياته عن روايتك الأولى؟
** العمل الجديد الذي يحمل نكهة مختلفة ولو أنه يسير في الثيمة الخاصة لأنثى ترفض العيش، مع أنه عمل يخرج من الحبكة الخاصة ليناقش قضايا كبرى وأحداث طبعت عالمنا قرنا من الزمن والتي مازالت آثارها وتداعياتها مستمرة إلى اليوم.
أما الأساليب المستخدمة فتقنية السرد الذاتي تحوز على النصيب الأوفر من النص مع خصوصية اعتبار أن السرد نفسي بشكل خاص.

** ما تقييمك لحرية الإبداع للمرأة الكاتبة في الإمارات وما الذي تطالبين به لمساندتها ودعمها؟
** حرية الكتابة للمرأة الإماراتية هي مقيدة بسقف حرية الآخرين وسقف الأعراف الاجتماعية وخصوصيات المجتمع، لا حرية تامة للمرأة الإماراتية في الطرح حيث تفرض عليها خصوصية المجتمع بالتقيد ببعض الأعراف الاجتماعية التي تزج بكتابتها بين سنديانة المجتمع ومطرقة الخصوصية الاجتماعية.
كما أن إبداع المرأة مهما كان بين قوسي الخطوط الضيقة للكتابة فأنه يعاني من التمييز حيث يُصب علية الكثير من التأويل والتكنهات.
تسليط الضوء على الإبداع النسوي الخليجي بشكل عام والإماراتي بشكل خاص قد يحفز الكثيرات للعطاء ودق أبواب الثقافة بيدين واثقة؛ حيث أن الكتابة و الإبداع الثقافي كما الزرع يحتاج إلى اهتمام به حتى لا يذبل، والعمل الثقافي ماء إحيائه عبر تعريفه للناس.

** كيف ترين حيوية الحركة الثقافية والإبداعية في الإمارات وحجم التواصل بينها وبين الحركة الثقافية والإبداعية العربية؟
** الحركة الثقافية الإماراتية حركة نشيطة تحاول بلوغ مصاف الحركات الثقافية العالمية، هناك تواصل جميل بين العوالم الإبداعية والثقافية بالنسبة للإمارات والحركة الإبداعية العربية.
هناك حراك ثقافي مؤطر بشكل جميل حيث يتمازج مع الحركة الثقافية العربية، يفتح التواصل أمام المبدع الإماراتي باب التعرف علي تجارب محورية لمبدعين عرب آخرين يمكنه من الجلوس على طاولات الحوار مع الآخرين ومعرفة خطوط إبداعية جديدة عبر ذاك التواصل بين الحراك الثقافي المحلي و الإبداع العربي، وتكون صورة واضحة من خلال الفعاليات الثقافية التي تقام على أرض الإمارات و بعض المحطات التابعة لها على سبيل المثال لا الحصر معارض الكتاب الدولية والفعاليات المصاحبة لها التي تجعل من المثقف محط اهتمام عبره تفتح قنوات التواصل الثقافي الذي يفتح عوالم إبداعية كثيرة يمكن عبرها إنشاء قاعدة عريضة للحراك الثقافي المحلي..

** ما أهم المشروعات والأفكار الإبداعية تعتمل داخلك وتطمحين إلى تحقيقها؟
** أهمها هي سكب الأسئلة التي تتعلق كأيقونات داخلي عبر شخوص وروايات.. ببعثرة الضوء على هيئة ألوان ولوحات تعلق على جدران المعارض في تشكيل سردي للفن التشكيلي.