حميدة علي من كردستان: صدر حديثاً للأديب والباحث الكردي جلال زنكَابادي كتاب (الثقافة الكرديّة مشكلات، معضلات وآفاق...) عن دار سردم للطباعة والنشر، السليمانية ndash; كردستان.
يقع الكتاب في (223 ص / قطع متوسط) وقد إستهدى مؤلفه واستهلّه بهذه الصوى (مفردها صوّة =علامة دالة على الطريق): quot; لست أعمى لأبصر ماتبصرونquot; المعرّي / quot; كلّ شيء يبدو أملس على الخارطة، لكنّما الأرض ملؤها الحفر!quot; مثل روسي/ quot;الخضوع الروحيّ لأمّة أخرى، هو شرّ أنواع الإستعمار quot; المؤرّخ الدكتور جواد علي / و quot; النّفط اللعين يحول دون وصول صوتنا إلى العالمquot; الزعيم الخالد مصطفى البارزاني.
لعلّ مدخل الكتاب وخاتمته أفضل عصارة له:
quot; منذ نعومة أظفاري الأدبيّة؛ تبيّن لي، وراح يتأكّد رويداَ رويداً، أن أنماط الأدباء والفنّانين عموماً ثلاثة: أوّلها هو المثقف التقليدي (الذيلي على الأغلب) والذي لايهمّه سوى سرعة وديمومة النشر، التكسّب، الإعتياش والإشتهار، وترتيب بيته الخاص؛ مهما كانت البيئتان الثقافية والسياسية فاسدتين، حيث يروّج لـ (كلّ شيء على مايرام) إذ غالباً ما ينتمي إلى الحزب الحاكم ايديولوجياً وتنظيميّاً. بل وغالباً ما تقتصر دائرة قراءاته على الجنس الأدبي أو الفني الذي يشتغل عليه. إنه النمط السائد الذي قد لاتقل نسبته العددية عن 75% في حين يطغى همّ تغيير وتطوير البيئة بكلّ أبعادها على النمط الثاني، الذي غالباً ما تتسع دائرة قراءاته جداً حدّ الموسوعيّة، وهو طبعاً إستثنائي نادر محارِب ومُحارَب في آن واحد، طالما يدفع الثمن باهظاً، بل ويعاني الغربة حتى وسط جمهرة المثقفين! بل يبدو كالفارس النبيل دون كيخوتيه (طبعاً بالمفهوم الحسن، لا المبتذل) ونسبته ضئيلة جداً. أمّا النمط الثالث فهو التوفيقي الـ (بين بين)...و(من نكد طالعي) ثمّ (من حسنه) لاحقاً أنْ يشاء قدري؛ فأكون من النمط الإستثنائي، الذي أنعته بـ (المثقف المستقبلي)؛ ولا أدلّ على ذلك من إهمالي وتسويفي لنشر شعري (وما أكثره بالمقارنة مع أترابي وأقراني!) في حين طغى عليّ نعت (المترجم) و(الكاتب) لهمّي المهوس بالتغيير والتطوير الشاملين ؛ لعلّ هذا الكتاب يجسّد بعضاً من أبعاض هذا الهوس، وهو ينضوي بمقالاته ومباحثه المتقاربة والمتباعدة - لكن المترابطة/ المتجانسة - تحت مظلة الفكر الثقافي، خصوصاً وانه يتناول مواضيع: مفهوم الثقافة/ الحق في امتلاك الهويّة القومية الثقافية/ الهويّة الثقافيّة الكرديّة المتعرّضة للغزو وآفة الإغتراب/ مشكلات ومعضلات الثقافة الكردية/ أنماط المثقفين والمثقف المستقبلي المنشود/ في السياسة والتنمية الثقافيتين و الثقافة المستقبلية/ التراث والعصرنة/ الحوار الثقافي.. وقد يظهر تكرار ما هنا وهناك لبعض الطروحات؛ فمردّه التوسيع والتعميق بالضرورة، ليس هذا فحسب، بل عليّ أن أوضّح لماذا ركّزت كلّ هذا التركيز على مؤتمر باريس- (الأكراد: حقوق الإنسان والهوية الثقافية) في 1989 بمسرد بانورامي مركّز ومكثف له، عبر عشرات الصفحات؟
رغم مضيّ عشرين عاماً على انعقاده، فإن طروحاته مازالت في أوج حضورها:
- فهو يعدّ في رأيي حدثاً فريداً من نوعه في تاريخ الأمّة الكردية، فيما يتعلّق بقضيّتها العادلة، وبالأخص جوهرها المتجسّد في الهويّة الثقافية القومية، بل وكان مؤثراً جداً في مسار نضالها ومصيرها لاحقاً...أجل؛ أراه أهم بكثير من معاهدة (سيفر) الخلّبيّة، التي لاتستحق ذرف دمعة واحدة عليها! إلاّ أن الكرد، حتى أغلب الإنتلجنسيا منهم، لم ينتبهوا إلى أهمية طروحات مؤتمر باريس الداعية إلى تدويل القضية الكردية، وتفعيل مبدأ حق تقرير المصير والإتحاد الإختياري! لاسيّما وان الأمّة الكردية مازالت وقد تظل تتعرّض، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى أخبث مؤامرات الضواري الفاشية الشوفينية الرامية إلى تطهيره عرقيّاً، ولنا أسطع دليل في دعاوى ومحاولات الحكومة المركزية البغدادية، المدعومة سرّاً وجهراً من القوى الشوفينية العربيّة والتركيّة والإيرانية وحتّى الغربيّة؛ بغية إعادة إحتلال إقليم كردستان واستعباد شعبها المتحرر الآمن والمستريح من منغصّات الشوفينيين الفاشست نوعمّا!
- وكذلك تُعد الشهادات الملقاة، في هذا المؤتمر، من قبل مختلف الشخصيات المختصّة أفضل بانوراما مركّزة وأرضيّة صلبة للباحثين والدارسين في مجال الهويّة الثقافية الكردية المغزوّة وحقوق الإنسان الكردي المهضومة؛ ومن هذا المنطلق روّجت لمقتطفات مختارة منها (بعناية) ضمن المسرد الذي يقدّم عصارة حيثيّات المؤتمر، فضلاً عن كونها(أي: المقتطفات) تمثّل المرجعيّة (الخلفية التاريخية والمعاصرة) لأكثر مقالاتي ومباحثي بين دفّتيّ هذا الكتاب بالأخص، والذي بدأت إرهاصات طروحاته، بل وتبلورت تدوينيّاً، منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي، وضمنت الكثير منها بعد إنتفاضة 1991 العظمى بأشهر معدودات، في مشروعي التنظيري (رسالة المستقبل) الذي لم يدركه ويفهمه ويتعاطف معه حتى المثقفون الكرد من النمط التوفيقي السّالف الذكر! وإنّما رأت أبعاض منه النور لاحقاً في صحف ومجلات كردستانية خلال تسعينات القرن الماضي!
وعليه بودّي أن تُستَفتَح قراءة الكتاب بهذا المسرد؛ بصفته الأرضية أو الخلفيّة لما يأتي...أمّا درج المقابلة (طاولة غيرمستديرة! للإجابة عن الأسئلة الملحة) فلمساسها المباشر بالثقافة الكردية ضمن الثقافات العراقية، لكون الوضعين السياسي والثقافي الراهنين متواشجين جداً / و درج (شهادة عمّا أسدته مجلة الثقافة للكُرد) ؛ فلكون (الثقافة) منبراً عربياً فريداً لانظير له لحد الآن(شأنه شأن مؤتمر باريس) في احتضان الثقافة الكردية الجادة المكافحة في أحلك الأيّام. وطبعاً تجسّد محاضرتي ومقالاتي الأخرى، لاسيّما إفتتاحيتا مجلّتيّ (القافلة) و(كَرمسير) وكذلك المنشورة في مجلّة (المدى) مع غيرها هنا (والمزيد من المؤجّل نشرها) بعض حراكي الثقافي عبر مشواري الثقافي؛ بصفتي من دعاة سلطة الثقافة وحوار الثقافات، وممّن إختاروا النضال الثقافي بإستقلاليّة مشهودة، خارج الأحزاب والتنظيمات السياسية quot;
أمّا خاتمة الكتاب، فقد جاءت بعنوان (تساؤلات بمثابة خاتمة تصعيدية !):
{ مادمت قد تطرّقت سلفاً، في التمهيد والمقالات والمباحث، لأنماط المثقفين؛ فلابدّ من التأكيد على طفيليّة النمطين التقليدي والتوفيقي في انتظار التحرر والتغيير المنشودين على أيدي الساسة، بينما يؤمن المثقف المستقبلي الداعي لسلطة الثقافة quot; أن الذي لايستطيع أن يحرّر نفسَه بنفسِه؛ لن يستطيع سواه أن يحرّره quot; على حدّ تعبير المناضل والمفكّر باولو فرايري، وبالطبع ينسحب هذا الأمر على الشعب الكردي المقهور نفسه. ثمّ إنّ المثقف المستقبلي لايمكن إلاّ أن يكون ديمقراطيّاً مؤمناً بتعدّديّة الثقافات ووحدتها في الوقت نفسه، ولايمكن إلاّ أن يكون مبدعاً، وفي كلّ إبداع تكمن روح المقاومة الإنسانيّة.
للأسف الشديد؛ تبيّن لي أن أغلب المثقفين الكرد، لجهلهم بأدوار إستحالات الدول والإمبراطوريّات العظمى، ناهيكم عن تواريخ نهوض وسقوط القوى الفاشية في العالم، خلال القرن العشرين، بالإضافة إلى عدم إدراكهم لـ (الحتميّة التاريخية) ؛ ظلّوا مستسلمين للأمر الواقع، بل ماكانوا يتوقّعون المستجدّات والمتغيّرات السياسية، التي هبّت وراحت تعصف بالنظام العفلقي منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي ؛ ولذلك فقد بوغتوا بالأحداث المتسارعة، وخاصة إنتفاضة 1991 العظمى؛ فإذا بهم يفتقرون إلى أيّة مشاريع أو أجندة ثقافيّة عقب الإنتفاضة، بل سارعوا إلى تسليم مصيرهم بأيدي الساسة المتناحرين المتنازعين - على السلطة والمغانم والنعائم الدسمة- والذين سارعوا إلى تجنيد الأقلام المطواعة لتأجيج أتون الإحتراب البغيض الذي دمّر المستقبل الرائع المتوقّع للكرد وكردستان، بل والعراق كلّه... وعليه ؛ لاعجب إنْ ظلّت حركة الثقافية الكرديّة تسير سيراً أفقيّاً وبطيئاً، يسودها التكرار والإجترار عموماً، ناهيكم عن الفوضى والفساد والإهدارات الهائلة اللامسؤولة من أموال الشعب المستضعف! أجل؛ لم تظهر أيّة حركة ثقافيّة جذرية متماسكة تضمّ المثقفين كمجموعة ضاغطة مرسية لأسس (الثقافة البديلة) ذات البنى والمسارات القومية التقدمية، والكفيلة بالتعبير المنشود عن كياننا القومي في خضم التسارع الثقافي العالمي. و حيث يتفاقم الفساد الثقافي، أي فساد دماغ المجتمع ؛ كيف سيكون الحال مع جوارحه الأخرى؟!
quot;..إنّما يُثبت الإنسان وجوده الإنساني بالتساؤلquot; على حد قول الدكتور محمد خاتمي، وعليه يحقّ لنا توجيه المزيد من التساؤلات إلى ذوي الشأن والإختصاص:
- هل يحق للساسة إتباع شعار(الرجل اللامناسب في المكان المناسب) بتسليط عناصر هزيلة غير مؤهلة وغير كفوءة على رقبة الثقافة والمثقفين؛ لمجرّد إنتساب حزبي أو محاصصة مناطقيّة أو عشائريّة؟!
- هل يعني التسامح والمصالحة حتى بروحيّة (العفو عمّا سلف) تنصيب ضالعين في العمالة والخيانة على صروح ثقافيّة كبيرة وحسّاسة؟
- ماذا يعني الصرف الباذخ على العشرات، بل المئات من المراكز الثقافيّة(الخلّبيّة) التي لايرقى سراة بعضها إلى مستوى قرّاء عاديين ؟! وكذلك على المهرجانات الثقافيّة(وأغلبيّتها بائسة وتافهة) وعلى الصحف والمجلات، التي لو غابت أغلبيّتها؛ لما خسر المشهد الثقافي شيئاً يُذكَر، ولما تأسّف عليها قاريء حقيقي!
- ماذا يعني إدخال الكثيرين من كبار مسؤوليّ الأحزاب الكردية والحكومة الإقليمية لبنيهم في (المدارس التركيّة/ ذات المناهج الطورانيّة/ بصفتها مدارس تركمانية للتركمان!) ؟! يا ترى هل أن هؤلاء المسؤولين دعاة الكُردايتي هم من الترك والتركمان أصلاً؟! أم أنهم يربّون بنيهم على أن يصيروا لاحقاً دعاة للغزو الثقافي الطوراني فضلاً عن السياسي؟!
- ماذا يعني تحجيم الدراسة باللغة العربيّة ؛ بحيث سوف يفتقر كرد العراق بعد أقل من عقدين إلى بضعة مترجمين قديرين من الكردية إلى العربيّة وبالعكس! ناهيكم عن هبوط مستوى سائر المثقفين الكرد؛ في غياب قناة اللغة العربيّة؟ ثمّ ماذا يتصوّر أصحاب القرار بشأن لغة بديلة؟ أهي التركيّة؟ أم الفارسية؟ أم الإيديشيّة؟!
- ماذا تعني فوضى حركة الترجمة(غير المبرمجة) بل وهزالها عن اللغات الأخرى إلى الكرديّة، وبالعكس؟!
- هل في إقليم كردستان من المبدعين والمبدعات في المضمار الثقافي مايناهز عددهم/ عددهن خمسة آلاف ممّن تقاضوا/ تقاضين رواتب - تكريم - شهرية (60 ألف ndash; 300 ألف دينار) على مدى بضع سنين، وما زال بعضهم/ بعضهنّ....... ؟! أهكذا يكون التكريم الحقيقيّ للمبدعين وهم إستثناءات نادرة في أيّ عصر؟!
- أين هي الشفّافية المزعومة؟ وأين أجهزة الرقابة الحقيقيّة النزيهة، التي يجب أن تّسائل المختلسين وأبطال الفضائح (كما في حصل في مجريات إنتاج أحد الأفلام السينمائيّة من قبل وزارة ثقافة الإقليم)؟!
- هل إنبثقت الهيئات الإدارية لـ (نقابة صحافيي كردستان) منذ تأسيسها وحتى اليوم ؛ من صناديق الإقتراع فعلاً؟! أم من تنصيبات وتوريثات محاصصاتيّة (حزبيّة، دينيّة ومناطقيّة)؟! ألف مرحى لصاحبة الجلالة الديمقراطية والسلطة الرابعة(النزيهة!)
- ماذا تعني ظاهرة (القبول الخاص)- على الطريقة العفلقية- في الجامعات والدراسات العليا؟!
- ماذا يعني السعي المحموم إلى خصخصة الدراسة الجامعية...؟!
- ماهي علّة ظاهرة الأخطاء الطباعية واللغوية والعلمية في كتب المناهج الدراسية في شتى المراحل الدراسية؟!
- ما هي أسباب تدنّي مستوى التلاميذ والطلاب في سائر المراحل الدراسية، بالإضافة إلى تدنّي مستويات المعلمين والمعلمات والمدرسين والمدرسات وحتى أكثر الأساتذة الجامعيين؟!
- حتى مَ لاتعالج ظاهرة بطالة خريجيّ المعاهد والجامعات؟ ولماذا تجري أكثرية التعيينات الوظيفية بصورة خفيّة وسريّة؟!
- ماذا يعني تفاقم ظاهرة السرقة والإنتحال في المجال الثقافي؟! ولماذا يتعرّض القلائل الناقدون لها، والكاشفون عن فرسانها للكبت والقمع؟!
- ماذا يعني تفشي ظاهرة البغضاء الرهيبة (الدفينة غالباً، والجهيرة أحياناً) في أوساط جلّ المثقفين؟!
- أليس من الحكمة ومن مصلحة المستقبل الثقافي للكرد وكردستان أن يختزل ويدمج كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني(بالأخص) مؤسساتهما وأجهزتهما الثقافية العديدة (التي تضاهي كل واحدة منها وزارة ثقافة الإقليم!) في مؤسسة إعلاميّة - ثقافيّة واحدة، كل على حده، وإيلاء الإهتمام أكثر فأكثر بوزارة ثقافة الإقليم، التي لاترقى حاليّاً إلى مستوى مؤسسة آراس(التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني) أو مؤسسة سردم (التابعة للإتحاد الوطني الكردستاني)؟! يبدو أن شعار الأحزاب الكردستانية الكبيرة هو القول الشعبي المأثور: quot; بيتي أولى من الجامع !quot; أيّ (حزبي أولى من الحكومة)! وإلاّ لماذا استحالت هذه الأحزاب حكومات فعليّة أقوى من الحكومة المشتركة، التي لايمكنها مجاراة أيّ منها على كلّ الصّعد، لاسيّما الثقافي؟!
- هل تّدار المؤسسات والأجهزة الثقافيّة الحزبيّة واللاحزبيّة من قبل قيادة جماعيّة(مجالس إداريّة منتخبة من أوساط المختصّين ذوي الكفاءة والخبرة) أم هي فرديّة إنفراديّة فعلاً، على الأكثر، حتى لو ضمّت بعض المثقفين؟!
- كم خبيراً ومستشاراً ثقافيّاً في المؤسسات الحكومية وشبهها بكردستان ينطبق إسمه على مسمّاه؟!
- هل قدّمت وزارة ثقافة الإقليم والعشرات من المؤسسات والمراكز والجمعيات الثقافية، منذ 1992 وحتى الآن مايرقى إلى مستوى قضية الشريحة الفيلية ومظلوميتها التاريخية؟ وهل أولت حكومة الإقليم والأحزاب الكردية(الكبيرة خاصة) الإهتمام بالفيليين ولو خمس اهتمامها بالتركمان والآشوريين؟! طبعاً لاأقصد البتة بهذا التساؤل تقليل الإهتمام بأشقائنا هؤلاء، إنّما لمجرد المقارنة.
- لماذا و حتّى مَ يُحجَب ويُقصى المثقفون الأكفاء المستقلون، كما لو انهم متقاعدون وعجزة هامشيّون؟!
إنّ هذه التساؤلات وغيرها(ما أكثرها!) تستوجب الدراسة والبحث؛ لوضع النقاط على الحروف، في أكثر من كتاب ومن قبل أكثر من باحث جاد وجريء؛ فهلاّ شمّر باحثونا سواعدهم، ونزلوا إلى الميدان لمقارعة الفساد الثقافي؟! إذ ما أحوجنا إلى النقد والنقد الذاتي! إنّما النقد هو ملح الثقافة، فإذا غاب أو فسد الملح ؛............!!!!!!!
إلهي لكم أصاب الكاتب مارون عبود؛ حين كتب قبل عقود متسائلاً:
quot; يقولون لك: - أكتبْ
- وماذا تريدون أن أكتب؟ ومن يقيم وزناً لما نكتب؟! (......) خصوصاً في هذا الزمن، الذي انهارت فيه المُثل العليا وقلّ الحياء! ألا يسمّون الكذّاب داهية، والدجّال سياسياً، والوصوليّ ألمعيّاً، والإنتهازيّ عبقريّاً، والأنوف الأبيّ حماراً لايعرف يعيش!quot; ؟! }
ولاعجب في طرح وتناول ومعالجة الأديب المستقل والمفكّر الحر جلال زنكَابادي لأهم المسائل والمشكلات والمعضلات في مشهد الثقافة الكرديّة، بل توجيه النقد البنّاء وحتى الإنتقاد الشديد للحراك الثقافي الكردستاني ؛ بغية الإصلاح المنشود، وليس لهدم التجربة الثقافية الكردستانية برمتها، خصوصاً وانه ليس من وعاظ السّلاطين، بل من أوائل المثقفين النادرين (الذين يشكّلون الإستثناء ضمن القاعدة) الناقدين لسلبيات الوضع الثقافي الكردستاني منذ مطلع تسعينات القرن الماضي (مابعد إنتفاضة 1991) ولحد الآن ؛ ولذا فإن هذا الكتاب -المدفوع للنشر منذ 2007 ndash; لم ير النور إلاّ بعسر ملحوظ ؛ حيث رُفِضَ نشره غير مرّة هنا وهناك !
وممّا جاء في السيرة الخاطفة للمؤلف:
* جلال حسين محمد أمين بالاني/ لَُرستاني(1951) تخرّج في دار المعلمين الإبتدائية بكركوك عام1969
* أديب باللغتين الكردية والعربية(شاعر، مترجم وباحث) ويترجم إليهما عن: الفارسية،الإنكَليزية،الإسبانية والتركية الآذرية...وينشر بإسميه (جلال وردة) و(جلال زنكَابادي) وبضعة أسماء أُخَرى مستعارة...وهو من دعاة سلطة الثقافة وحوار الثقافات...وقد إختار النضال الثقافي منذ فتوته كديمقراطي راديكالي مستقل...
* مارس التعليم في القرى البعيدة والنائية والموبوءة مبعداً وشبه مبعد قرابة عشرين سنة، ثم ترك سلك التعليم في 1992 منتقلاً إلى العمل الصحافي، الذي كان يمارسه منذ1977 محرراً في مجلة(الثقافة)البغدادية.
* بعد إغتيال والده في أواخر1960 لنشاطه الوطني؛ أضطر إلى الإنخراط في شتى الأعمال والحرف. وقد تعرض للترحيل والتبعيد وفقد دارين له حجزاً ونسفاً في العهد العفلقي البائد.
* لم يحظ بأيّ تحصيل دراسي تخصصي، إنما ركن إلى التثقيف الذاتي الموسوعي، وقد بدأ الكتابة منذ1963 والنشر منذ1967 فتناثرت المئات من مساهماته في الجرائد والمجلات في العراق وخارجه. و لم يصدر إلاّ القليل جداً من كتبه المؤلّفة والمترجمة، وهي بالعشرات
* عمل في الجرائد والمجلات محرراً، مشرفاً ثقافياً ولغوياً، في الأقسام والملفات الأدبية والفنية والثقافية، وسكرتيراً للتحرير، ورئيساً ونائباً لرئيس التحرير لبضع مجلات في اقليم كردستان العراق...
* راجع ونقّح الآلاف من النصوص الأدبية والبحثية والعشرات من الكتب المؤلفة والمترجمة للأدباء الكرد والعراقيين وبعضهم أساتذة جامعيون.
ومصداقاً لماسلف ؛ يمكن للقاريء الكريم أن يطلع بنفسه عبر النت على بعض حراكه الثقافي.
وختاماً تجدر الإشارة إلى إهداء الكتاب لدلالته على وفاء مؤلفه وعرفانه بالجميل: quot; إلى دانييل ميتران (أمّ الكُرد) والأستاذة سعاد محمد خضر (أمّي الّتي لمْ تلدني) وإلى أصدقاء وصديقات الأمّة الكُرديّة من سائر الشعوب والأمم أهدي هذا الكتاب quot;